الحياة الزوجية وأحلام الكتّاب: أرمي أولادي في البحر لأقرأ

وتعيد عليّ صورة الحلم الذي يراودها في أن تصبح جدة، وحينئذ سوف تعلمني وتعلم أمي وأمها كيف تكون الجدات؟ أنظر إليها بغبطة مشوبة بالحسد وأراها صالحة لأن تكون حاكماً لكل دول شرق وغرب آسيا وشرق البحر المتوسط والدول العربية من المحيط إلى الخليج. لا أقول لها ذلك خوفاً من أن يؤثر على موقعي في معادلة المنزل.. وعلى نضالي من أجل تحرير فلسطين والأندلس إذا اقتضى الأمر.

يفترض السيد(هـ) أن أولاده مخلوقات جميلة ليس إلا… وكأنّ الجمال وحده ليس مقاماً وجودياً وفاعلاً أساسياً. وإذا ما طالت أظافر أحد أولاده قليلاً، أو عضّ أحدهم إصبع الآخر، أو أكل أحدهم من الأرز أوالبرغل أو العدس أو العنب زيادة على ما يراه هو (السيّد) مناسباً… فإنه يفكر في أن يرميهم في البحر ويتفرغ لقراءة كتب لا يعرف أسماءها، وكتابة رواية شرع في كتابتها أكثر من مئة مرة، وفي كل مرة كان يكتب سطراً أو سطرين، ثم يكفّ ويأخذ في التفكير بتوفير أساليب فعالة ونظيفة للعيش وتحصيل المال،تمكنّه من التفرغ لكتابة روايات عديدة…

يطول بحثه ولا يهتدي إلى الوسيلة، فيحلو له أن ينظم مستسلماً، إلى جيوش الفقراء الموزعين على أغنى بلاد العالم وأفقرها، الإشتراكية منها والرأسمالية، ثم يلاحظ أنّ أولاده إياهم ينغّصون عليه هذا الحلم الكسول، فيقرر مرة أخرى أن يرميهم في البحر.. وينهض السيد «هـ» بعد أن يكون قد سوّد صفحتين(فولسكاب) بتوقيعه ذي الخطوط الهندسية، والذي ظل يتمرن عليه عشرين سنة، أملاً في أن يصبح هذا التوقيع ذا فعالية مصرفية.. ينظر إلى أولاده وهم نيام، يتصورهم مخلوقات جميلة، وغير مؤذية ولا يجوزأذيتها، ويقرر أن يحبهم وأن يصحو باكراً ليقبل كلاً منهم خلسة عن الآخر.

مونولوغ في ركن متوسط الإضاءة:

– سيد «إكس» ما هي أفضل الأوقات لديك؟

– الأوقات التي أتعرض فيها لإزعاج من زوجتي ينقذني من التفكير في أمور لا طائل من ورائها.

– سيد «إكس» هل تحب زوجتك؟

– بعد أمي.. قبلها، بعدها؟ لا أدري… وعلى كل حال فإني أفكر كثيراً في الإقلاع عن ذلك، وعندما يستبد بي الجوع ظهراً، أو الغربة أو الخوف أو الوحشة… أعود عن قراري.

ملاحظة: السيد «اكس» يشبه السيد «هـ» في اتخاذ القرارات السريعة والرجوع عنها بسرعة أكثر… ويقول: هذه جدلية ومصدر حيوية لأن الثبات هو تشييء للإرادة، ولا ألبث أن أعود عن قراري عندما تدورالمعركة بين زوجتي – يقول «إكس» – وابنتها البكر على جمع الغسيل وطيّه، فيحرمني ذلك نومة القيلولة، فأدير قرص المذياع على إذاعة عربية، أسمع نبأ اغتيال أو انقلاب أبيض القشرة أحمر اللب أو ثورة حمراء القشرة بيضاء اللب كالفجل، فأنهض عارضاً على زوجتي التطوع بمساعدتها في جمع الغسيل وطيه عربوناًعلى الطاعة. تصرخ في وجهي متهمة إياي بتمييع الموقف، أطلق ضحكة مجلجلة وأقول: وصلنا.

 لقدأصبحت تتكلمين مثل الثوريين العرب.. تضحك بدورها لهذا الإطراء الملغوم وتسمح لي بجمع الغسيل وطيه.

وأنهمك أنا في جمع الغسيل وطيه.. وتشرع هي تحدثني عن آلامها الجسدية.

السابق
موظفو اتحاد بلديات صيدا بدون رواتب
التالي
بندقية للايجار: من هو شاكر البرجاوي؟