بوتين أعلن ’عودة’ القرم الى روسيا مهاجماً الغرب

ضمَّ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين شبه جزيرة القرم الى روسيا الاتحادية، واصفاً هذه الخطوة بأنها تصحيح لغبن ماض، ورد على ما وصفه بتعدّ غربي على المصالح الروسية الحيوية.

بعد خطاب امام البرلمان الاتحادي وحكام المناطق واعضاء الحكومة الروسية غلبت عليه النزعة الوطنية وتضمن انتقادات شديدة للغرب، وقع بوتين في الكرملين معاهدة تنص على ضم القرم الى روسيا، واكد ان موسكو لا تسعى الى ضم مناطق اخرى من اوكرانيا.
وبعد التوقيع، صدح النشيد الوطني الروسي في قاعة القديس جاورجيوس حيث اقيم الاحتفال. وقال الكرملين في بيان ان “جمهورية القرم تعتبر ملحقة بروسيا الاتحادية اعتبارا من تاريخ توقيع المعاهدة”.
ومع ان الوثيقة دخلت فورا حيز التنفيذ، فانه لا يزال يتعين على اعضاء البرلمان الروسي المصادقة على قانون يضم القرم ومدينة سيباستوبول التي تحظى بوضع خاص، الى روسيا الاتحادية.
وقالت رئيسة مجلس الاتحاد الروسي فالنتينا ماتفينكو ان المصادقة التي تعد اجراء عاديا، سيحصل قبل نهاية الاسبوع. ونقلت عنها وكالة “ريا نوفوستي” للانباء “اننا مستعدون للمصادقة على الفور … وافترض ان من الممكن القيام بكل هذه الاجراءات القانونية قبل نهاية الاسبوع”.
وتناول، بوتين في خطابه تاريخ شبه الجزيرة التي الحقها بجمهورية اوكرانيا السوفياتية عام 1954 الزعيم السوفياتي نيكيتا خروشوف، قائلاً انه”في قلوب الناس وعقولهم، القرم كانت وتبقى جزءا لا يتجزأ من روسيا… هذا الالتزام القائم على الحقيقة والعدالة هو التزام راسخ انتقل من جيل الى جيل”، وذلك بعد يومين من استفتاء في شبه الجزيرة ايد خلاله الناخبون الانضمام الى روسيا. ومع ان النزعة الوطنية غلبت على خطابه الذي تضمن انتقادات شديدة للغرب، طمأن الى ان روسيا لا تريد تفكيك اوكرانيا، وخاطب الاوكرانيين قائلا: “لا تصدقوا من يخيفكم من موضوع روسيا ويقول لكم انه بعد القرم ستتبع مناطق اخرى… لا نريد تفكك اوكرانيا، لسنا في حاجة الى ذلك”، وشدد على ان شبه جزيرة القرم مكان مقدس بالنسبة الى روسيا و”الغربيين تجاوزوا الخط الاحمر وتصرفوا بشكل غير مسؤول”. وندد بشدة بهؤلاء الذين اتهمهم باعتماد “شريعة الاقوى” و”تجاهل القانون الدولي”.
وقاطع الحضور الرئيس الروسي بالتصفيق 30 مرة على الاقل.
وحذر بوتين من ان محاولات الغرب اخافة روسيا بفرض عقوبات بسبب سيطرتها على منطقة القرم سيعتبر تصرفا عدوانيا وإن موسكو سترد عليه. ولاحظ ان “شركاءنا الغربيين وعلى رأسهم الولايات المتحدة يفضلون ألا يملي القانون الدولي سياساتهم العملية، وإنما يمليها حكم السلاح…. يعتقدون أنهم يتمتعون بمكانة استثنائية ويشعرون بأنهم المختارون ويمكنهم تقرير مصائر العالم وأنهم هم فقط على حق”.
وفي المقابل، أشاد بالصين للدعم الذي قدمته خلال أزمة أوكرانيا.وأكد أن استفتاء القرم أجري على نحو يتماشى تماماً والاجراءات الديموقراطية والقانون الدولي.
وشن هجوما حادا على الزعماء الجدد في كييف الذين أطاحوا الرئيس الاوكراني فيكتور يانوكوفيتش في 21 شباط، وقال انهم فتحوا الباب “للنازيين الجدد”، لافتاً الى أن “ما يسمى السلطات الأوكرانية سنت قانونا مخزيا يغير سياسة اللغة ويمثل انتهاكا مباشرا لحقوق الأقليات الوطنية”.
ولاحقاً، قال بوتين لحشد تحت أسوار الكرملين في الساحة الحمراء إن “القرم وسيفاستوبول تعودان إلى شواطئ الوطن… إلى الميناء الأم… إلى روسيا”.
وردد الحشد: “روسيا… بوتين”، قبل أن ينهي الرئيس خطابه ، بهتاف: “المجد لروسيا”.
وفي القرم، في مرفأ سيباستيبول الاستراتيجي على البحر الاسود، تابع نحو الفي شخص في ساحة نخيموف خطاب بوتين على شاشة عملاقة وسط هتافات الفرح والتصفيق.
وفي المقابل، سارع الرئيس الاوكراني الموقت أولكسندر تورتشينوف الى الاعلان ان بلاده لن تعترف بـ”ضم” القرم الى روسيا. وقال: “هذا قرار خطير غير قانوني على الاطلاق. انه استفزاز خطير لاوروبا والعالم”.
وذهب رئيس وزراء اوكرانيا الموقت ارسيني ياتسينيوك ابعد، إذ قال ان النزاع بين بلاده وروسيا يدخل “مرحلة عسكرية” عقب اعلان كييف مقتل احد ضباط الجيش الاوكراني بعد اطلاق النار عليه في منطقة القرم.

رفض غربي

توالت ردود الفعل الغربية الرافضة للاجراءات الروسية.
وفي أول تعليق من واشنطن، صرح الناطق باسم البيت الابيض جاي كارني بأن واشنطن ستفرض عقوبات جديدة على روسيا بعد دفعة العقوبات الاولى التي اعلنت الاثنين.
ووصف نائب الرئيس الاميركي جو بايدن تحركات روسيا في القرم بانها “استيلاء على الاراضي”، محذرا من فرض مزيد من العقوبات على موسكو. وقال خلال زيارة للعاصمة البولونية فرصوفيا ان “العزلة السياسية والاقتصادية لروسيا ستزداد اذا واصلت السير على هذا الطريق، بل انها ستشهد في الحقيقة مزيداً من العقوبات التي ستفرضها الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي”.
وصرح وزير الخارجية البريطاني وليم هيغ بان العلاقات بين روسيا والغرب يمكن ان تتغير في السنوات المقبلة، معلنا ان لندن علقت كل اشكال تعاونها العسكري مع موسكو وأوقفت صادرات الاسلحة اليها. وقال ان بوتين اختار “طريق العزلة” بتوقيعه مرسوماً بضم القرم.
وفي بروكسيل، قال رئيسا المفوضية الاوروبية جوزيه مانويل دوراو باروزو والاتحاد الاوروبي هرمان فان رومبوي في بيان مشترك ان الاتحاد الاوروبي “لا ولن يعترف بضم القرم وسيباستوبول… يجب احترام سيادة اوكرانيا واستقلالها ووحدتها وسلامة اراضيها”.

سخرية وتهكم
وكان بوتين وقع مساء الاثنين مرسوما اعترف بموجبه باستقلال شبه جزيرة القرم، متجاهلاً العقوبات التي اعلنها خلال النهار الاوروبيون والاميركيون.
وسخر المستشار في الكرملين يوري اوشاكوف من هذه التدابير الغربية، قائلا انها تثير في روسيا “سخرية وتهكما”.
كذلك، سخر منها المستشار الرئاسي فلاديسلاف سوركوف الذي استهدفته العقوبات، وقال: “اعتقد انها عقوبات مريحة، ولست ارى فيها اي مشكلة لي. وهذا لا يزعجني، بل بالعكس، انا فخور بها. انها نوع من جائزة الاوسكار في فئة افضل دور ثانوي للرجال”.
وتشمل العقوبات الاوروبية والاميركية التي تعد رمزية، عددا محدودا من المسؤولين الروس والاوكرانيين الموالين لروسيا. وتستثني بوتين، لكنها تستهدف المقربين منه، على الاقل تلك التي اتخذها الاميركيون.
وتستهدف العقوبات 11 شخصا كما اعلن البيت الابيض، هم سبعة من الروس واربعة اشخاص متهمين بالتواطؤ مع روسيا في اوكرانيا، منهم الرئيس المخلوع فيكتور يانوكوفيتش ومستشار ومسؤولان انفصاليان في القرم هما سيرغي اكسيونوف وفولوديمير كونستانتينوف.
ومن الروس الذين جمدت ارصدتهم في الولايات المتحدة، نائب رئيس الوزراء دميتري روغوزين ورئيسة مجلس الاتحاد فالنتينا ماتفينكو، ومستشاران مقربان من بوتين هما فلاديسلاف سوركوف وسيرغي غلازييف، ونائبان في مجلس دوما الدولة.
وفي الوقت نفسه، اقر وزراء الخارجية الاوروبيون عقوبات – هي على التأشيرات وتجميد ارصدة – في حق 21 مسؤولا اوكرانيا وروسيا.
وصرح وزير الخارجية الفرنسية لوران فابيوس الذي الغى زيارة مقررة أمس لموسكو مع وزير الدفاع جان – ايف لو دريان، بان باريس يمكن ان تعلق بيع روسيا سفينتي “ميسترال” بموجب عقد موقع في 2011. لكنه قال ان الرئيس الروسي لا يزال مدعوا في 6 حزيران المقبل الى فرنسا للمشاركة في احتفالات الذكرى السبعين لانزال قوات الحلفاء.

السابق
اسرائيل تقصف مواقع عسكرية سورية
التالي
العجز الأوروبي