تصريف الأعمال… يدوم… ويدوم

أخضعت الحكومة لاختبار على مدى الأسابيع الثلاثة، لامتحان مدى قدرتها على تصريف الأعمال، وكانت النتيجة مقبولة بمعنى أن هناك قنوات حوار قد فتحت، وليس المطلوب أكثر.

قد يكون من المفيد التفاهم على بيان وزاري لإضفاء شرعية مجلسيّة على عمل الحكومة، لكن مهمتها لن تتغيّر كونها ولدت أساساً في مربّع تصريف الأعمال، وستبقى ضمنه الى أن يبتّ بالاستحقاق الرئاسي.
هذا الإستحقاق طرح في كولسات الجامعة العربية، وكانت النتيجة تصريف كلام، كونها اجتمعت كمحاور متقابلة، لا فريق عمل واحداً، وجذب غياب وزير الخارجية القطري انتباه الحضور أكثر ممّا جذبهم البيان الختامي.لم تذهب الوفود الى القاهرة لصنع القرار، بل للحفاظ على «الديكور». حتى قمّة الكويت المرتقبة، إنما هي قمّة الحرص على الهالة والحضور، ليقال إنّ هناك مؤسسة قمة قادرة على الاجتماع ولَو مرّة في السنة. أمّا ماذا عن الدور؟ فهذا شأن آخر. القول لنا والفعل لغيرنا، الفعل عند عواصم دول القرار.

وطرح موضوع الاستحقاق في تلك العواصم في باريس فسَمع لبنان وعوداً، وعندما حاول التطرق الى المساعدات، سَمع وعوداً أكبر. أكثر من ذلك ذهب مرّة أولى وثانية الى مؤتمرَي مجموعة الدول المانحة في الكويت حاملاً معه الأرقام المطلوبة لتلبية حاجات النازحين، فعاد بأطنان من الوعود المعسولة. أما المبالغ والمؤازرة الفعليّة فخَبرها اليقين عند وزير الشؤون الإجتماعيّة السابق وائل ابو فاعور؟!

العرب في ورطة، القمّة في ورطة، وكلّ دولة «فيها ما يكفيها من المشكلات والتحديات»، فكيف بوسعها مساعدة الآخرين فيما هي عاجزة عن إطفاء الحريق الذي يلتهم الأخضر واليابس عندها؟! ومع ذلك، وعلى رغم كلّ ذلك هناك إصرار على الإطار، و»الديكور» الذي يُظهِر العرب موحّدين، وعندهم جامعة، ومؤسسة ضامنة، وكلام ووعود تعتمد أساساً على الصناديق المحشوّة، والتي لم تحسن إدارتها.

هذه الصناديق أنتجت «داعش» و»جبهة النصرة» و»الإخوان المسلمين» وتنظيم «القاعدة»، وسائر المشتقات من حملة السلاح المُعمّم بشعارات التطرف، هذه الصناديق ترتدّ على أصحابها، وتفجّر أزمة غير مسبوقة بين دول مجلس التعاون الخليجي.

يحاول أمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد الصبّاح رأب الصدع، وإنقاذ القمة العربيّة الدوريّة، لكنه يعرف أن هناك «مايسترو» أكبر في الخليج، هو الأميركي الذي يدير الأوركسترا ويوزّع الأدوار، وما صدر عنه حتى الآن مخيّب، واكتفى بالقول: «لا خوف على النفط».

لبنان ينتظر، وفترة تصريف الأعمال يبدو أنها طويلة لأنّ استحقاقه يتأرجح بين أزمة سوريا وأزمة الخليج… وتبدو الأخيرة طويلة ومعقّدة لأنها أزمة أحجام وأوزان وأدوار.

على عتبة وصول الرئيس باراك أوباما الى الرياض، وقبل أن تفرش أمامه السجادة الحمراء، قرَّر العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبد العزيز القيام بحملة تنظيف منسّقة لاجتثاث الإرهاب، فكان أمراً ملكيّاً برسم السعوديين المتورطين، ثم أمراً ملكيّاً ثانياً بتصنيف المنظمات الإرهابيّة. في الأمس القريب كانت هذه المنظمات موضع دعم واهتمام، وفجأة أصبحت موضع اتهام وملاحقة.

قبل أن تفرش الرياض السجادة الحمراء حصل زلزال في الخليج على مرأى القواعد الأميركيّة المنتشرة في المكان ومسمعها، لم تعالج آثاره في اجتماعات القاهرة، لأنّ الجامعة العربية تعرف أنه وقع ضمن محميّات أميركيّة، وأوباما في طريقه اليها. أما لبنان فعليه أن يجيد سياسة تصريف الأعمال على وقع الوعود المعسولة، الى أن يأتي الضوء الأخضر، او ترياق الحل عندما تسمح به المجموعة الدوليّة التي جنّدت نفسها تلقائيّاً لدعمه؟!

السابق
لاريجاني: أميركا لا تريد حل ازمة سوريا والارهابيون سيعودون
التالي
اطلاق نار بالهواء بعين الحلوة تزامنا مع نقل جثمان زيدان لدفنه