انجلينا جولي الآتية من صلب الحياة

من وراء الشاشة، نرى تلك المرأة الرائعة ونسأل: هل هناك زوجة مسؤول لبناني أو امرأة لبنانية في موقع مسؤولية أو حتى نجمة عربية هي أيضاً سفيرة نوايا حسنة "تنزل إلى الأرض" وترى حاجات الناس؟

ليست انجلينا جولي مجرّد ممثلّة تحت الضوء. ليست نجمة فقط. تميّزها لا ينبع من شكلها الخارجيّ فحسب بل هو نتاج تجربة حياة رسمت خطوكاً بارزة على وجه المرأة في نهاية عقدها الثالث. المؤكّد هو أنّ جولي لا تزور لبنان لالتقاط الصور مع الرؤساء أو اللاجئين السوريين. هي هنا للإصغاء إلى معاناتهم. وهذا ما ظهر جليّاً حين اقتبست تعليق أحد اللّاجئين عن قرار الأمم المتّحدة: “القرار يبقى قراراً حتّى تنفيذ الخطوات المقترنة به”.

جولي ابنة الحياة، ابنة التجارب الصعبة. لم تكن يوماً النجمة المدلّلة أو الطفلة الصغيرة التي لا مخاوف ولا هموم لها. هي تعرف الألم جيّداً وربما معاناتها من انفصال والديها وعلاقتها الملتبسة مع أبيها ما جعل من تعاطفها حقيقياً فعلاً وواقعياً. ليس تعاطفاً “من فوق” لا يعرف هموم المحرومين بل هو شعور صادق بالمأساة.

فقد عانت جولي من طفولة ومراهقة صعبة. في سنٍّ مبكر تعرّضت أمّها للخيانة من أبيها، الأمر الّذي أدّى إلى طلاق الزوجين فاضطرّت الأمّ أن تساوم على مهنة التمثيل لتعتني بأطفالها. جولي إذاً عاشت اليتم رغم أنّ الأب كان حيّاً. إذ بقيت علاقتها به شبه معدومة. وما أن عاد التواصل بينهما حتى انقطع سنوات مرّة أخرى.. إلى أن استقرّ في السنوات الأخيرة على علاقة عادية. حتّى أنّ  جولي قامت بالإجراءات الرسمية للتخلّص من كنية الأب “فوا”، وبقيت على كنية التمثيل “جولي”.

النجمة الشابّة تكلّمت في مناسبات عدّة عن مراهقتها وسخرية الأصدقاء منها لأنّها كانت ترتدي النّظارات وتقوّم أسنانها. لجأت إلى السكاكين وكانت تؤذي نفسها أحياناً.. كما انغمست لفترة، خلال عقدها الثاني، بالمخدرات. كانت أيضاً تبحث عن الاستقرار مبكراً وتزوّجت لهذا الهدف. ثم انفصلت وتزوّجت وانفصلت وتزوجت لتستقرّ مع براد بيت وتصبح أمّاً لستة أطفال (3 منهم بالتبنّي).

هذه النبذة عن جولي بعيدة عن مسارها المهني المكلّل بالنجاح والأدوار الرائعة. لكنّ هذه الحياة رواية صخبها ضروي لنرى أنّ مرحلة النضج، الذي وصلت إليه فتاة تقول إنّها منطوية على ذاتها، نوعاً ما مرحلة متينة. أن تستطيع امرأة تخطّي هذه الصعوبات كلّها وتكلّل حياتها بالعطاء أمر يستحق التقدير.

جولي تأتي إلى أطفال العرب وقبلهم إلى أطفال من دول أخرى وتكرّس لهم وقتها وعاطفتها. تتبنّاهم أحياناً. تحملهم وتحبّهم. الإعلام يتذكّر فجأة اللّاجئين. يركض وراء النجمة وليس الإنسانة. من وراء الشاشة، نرى تلك المرأة الرائعة ونسأل: هل هناك زوجة مسؤول لبناني أو امرأة لبنانية في موقع مسؤولية أو حتى نجمة عربية هي أيضاً سفيرة نوايا حسنة  “تنزل إلى الأرض” وترى حاجات الناس؟

لن نطلب منهنّ ذلك، لكن في المقابل لن نستطيع أن نرى فيهنّ أكثر من مجرّد وجه جميل أو حتّى وجه بمساحيق تجميل كثيرة.

السابق
مخاوف من رد نفطي ومائي من أربيل ضد الحكومة الاتحادية
التالي
أبوغزاله يطلق المركز العربي الأول لتسوية نزاعات الانترنت