المؤتمر السنوي الأول للتاريخ تابع أعماله في بيروت

تابع المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، في فندق ريفييرا في بيروت، أعمال المؤتمر السنوي الأول للتاريخ بعنوان “دور التاريخ الشفوي، المفهوم والمنهج وحقول البحث في المجال العربي”، فانعقدت جلسات عدة اليوم لهذه الغاية، بدأها مدير المركز في بيروت الدكتور وجيه كوثراني بكلمة قال فيها ان المركز العربي “ينطلق في هذا المشروع من ثابتة من ثوابت أهدافه في تعزيز البحث في مجالات العلوم الاجتماعية والإنسانية، في النظرية كما في التطبيق، في المفاهيم كما في الأعمال التجريبية والحقلية”.

أضاف: “إذا كانت حقول التاريخ اتسعت إلى ما لا نهاية له من نشاطات الإنسان، فإن منهجيته وطرائقه، كان لا بد لها أن تواكب هذه الحقول وتستجيب لمتطلباتها المعرفية. وإذ نستدرك لنقول أن الشفوية كطريقة في نقل الأخبار ليست بالجديدة، بل هي الطريقة الأولى والعفوية في النقل، ومن خلالها بدأ التدوين التاريخي في كل الحضارات المكتوبة، ومن بينها الحضارة العربية الإسلامية، نضيف إلى هذه الحقيقة البديهية أن الجديد هو في اعتماد الشفوية مصدرا في الكتابة التاريخية العلمية الحديثة والمعاصرة”.

وتحدث عن “دوائر كثيرة قد لا ينطق بها المكتوب ومنها: الذاكرة المقموعة أو المكبوتة على أنواعها الفردية والجماعية، ذاكرة مناضلين ومقاومين طواهم النسيان، ذاكرة معذبين ومستضعفين في حروب أهلية أو حروب استعمارية أو فترات اضطهاد، ذاكرة مهمشين في سجون أو منفيات أو معتقلات أو مصحات ومستشفيات، ذاكرة شعوب تروي تاريخها شفويا وليس لديها تاريخ مكتوب، العلاقة الصعبة مع الزمان”.

وختم مؤكدا أن المركز العربي للأبحاث “اعتمد صيغة الدعوة إلى هذا المؤتمر وانعقاده في بيروت من أجل المساهمة في سد ثغرة على صعيد الممارسة التأريخية العربية، وهي أن يكون للشهادة الشفوية فرصة تحولها إلى تاريخ، وفي أضعف الإيمان إلى أرشيف وإصدارات”، آسفا “لأن لبنان رغم حاجته الماسة لهذا، نتيجة معايشته لحروب أهلية دائمة ودورية، ولنسيان ذاكرات هذه الحروب أو تحريفها، يعاني نقصا معرفيا وضعفا مؤسسيا في هذا المجال. ولعل هذا المؤتمر تذكير لمؤرخيه وباحثيه وجامعاته وأقسام التاريخ فيها بتطوير وتعزيز هذا الجانب”.

الدكتور محمد السعدي

ثم ترأس محمد عفيفي الجلسة التي تحدث فيها الدكتور محمد السعدي من المغرب عن “التاريخ الشفوي وحفظ الذاكرة الجماعية: تجربة هيئة الإنصاف والمصالحة بالمغرب نموذجا”، ركز فيها على تجربة الشهادات النسائية في المغرب، وعن القوائم المشتركة بهذه التجربة، وقال: “ان الهيئة اعتبرت ان الشهادات الواردة هي انتقائية وانفعالية وقابلة للاشغال والتوظيف ولكنها كانت تجربة في اطار التنفيس وخلق مناخ سلمي في المجتمع”.

وعرض ل”تغييب النساء وما تعرضن له بسبب ذكورة المجتمع العربي”، واستنكر “الصمت والعنف بحق النساء”، وقال: “لقد تداخل النظام السلطوي مع سلط المجتمع فاخفيت قضايا هولاء النسوة لسنوات طويلة، مما ادى الى معاقبتهن عندما تجرأن وتحدثن عن معاناتهن”.

وأورد شهادات لعدد من هؤلاء النسوة، ولفت إلى أن “الهيئة كسرت الصمت عن تجارب هؤلاء النسوة في سنوات الرصاص والجمر”، مشيرا إلى “محاولات انثروبولوجيين في مساعدة النساء على البوح بما عانينه”، ومعددا “مجموعة أنواع من التعذيب تعرضت له النساء، وخصوصا أنهن كن رهائن بسبب أنشطة أقاربهن وافراد عائلاتهن، كما تعرضن للعنف الجنسي والإذلال والاغتصاب مما عرضهن لتهمة العار والطلاق بسبب ذلك”.

ووصف ما تعرضت له النساء ب”العقاب المزدوج”، وطالب ب”إعادة الاعتبار للمرأة في المغرب عند كتابة التاريخ”.

الدكتور منذر جابر

وتحدث الدكتور منذر جابر عن “حدود الصحيح والمفتعل في المقابلة الجنوبية في المهجر وفي الضاحية”، معتبرا أن “هذا التاريخ لا يزال مغيبا، إذ ان مجتمعنا سليل مجتمعات تاريخها شفهي، ومحفوظ في حدود العامة أو القبلية أو الطائفة”.

كما تحدث عن “موقع المرأة في الرواية الشفهية”، وذكر أن زراعة التبغ في الجنوب “نسائية بامتياز في حين أنها في الرواية الشفهية تبدو وكأنها رجالية، إضافة إلى ان النساء كن في زمن الاحتلال ينتظرن أمام معابر الاحتلال بدلا من الرجال، وكن الجسر الآدمي في المجتمع، وكانت المرأة صندوق الخدمات البديل، فكانت تحمل رسائل وأجوبة وعقود وتوصيات وأموال، بالاضافة الى دور المرأة وخطابها المنزلي في مقاومة المحتل، وتمتين بنيتهن النفسية من خلال الادعية التي توفر الطمانينة”.

ولفت ايضا الى ان “نساء كثيرات نقلن اسلحة وبقي هذا الامر سرا، كما انهن نقلن معلومات”. وقال: “كم هي مشحونة ذاكرتنا بالحروب”.

لورا اوداسو

 وألقت لورا اوداسو نيابة عن الدكتورة كاترين دولاكروا بحثها عن “تاريخ المهاجرين المغاربة الى فرنسا”، وقالت ان هؤلاء “واجهوا تحديات اجتماعية وثقافية ومستقبلية وعنصرية”، ووصفت الحياة اليومية لهذه العائلات منذ وصولها الى فرنسا، وعمل الرجال في مهن محفوفة بالمخاطر، كما عرضت لاوضاع النساء في تلك الهجرة الى مجتمعات جديدة عليهن.

السابق
عن النازحين الفلسطينيين من سوريا الى لبنان ومعاناتهم الدائمة
التالي
الجيش يعمم صورة أحد المطلوبين الخطرين