هذا ما فعله سليمان فرنجية ليلة التأليف

الخطاب المتقدّم الذي أدلى به وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل شاكراً فيه “الزعيم الكبير” سليمان فرنجية لفتَ المشاهدين صباح إعلان التشكيلة الحكومية الجديدة، وقد فوجئ بعض مَن كان يراهن على الشرخ الواقع بين التيارين بتصريح باسيل الذي أتقَن السباحة مع الامواج الداخلية والخارجية، فنجح في بلوغ شاطئ الامان ولم يغرق… أقلّه حتى الآن!

المفاجأة كانت عندما خصَّ باسيل رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية بالشكر، واصفاً إيّاه بـ”الزعيم الكبير الذي يثبت كل مرة، ولا سيما في الاوقات الصعبة أنه زعيم وطني كبير يتصرّف بمسؤولية ولمصلحة لبنان”.

فماذا فعل الزعيم الشمالي منتصف ليل التشكيلة الحكومية؟ وهل ما فعله على حدّ قول باسيل كان فعلاً سَبباً أساسياً في تسهيل ولادتها في الصباح بعد المخاض العسير؟ وبمفهوم آخر هل كان من الممكن عرقلتها لو لم يفعل فرنجية ما فعله؟

في معلومات خاصة بـ”الجمهورية”، أنّه “ليل 14 شباط أرسَت التشكيلة النهائية على إعطاء حقيبة العمل لتيار “المردة”، وتحديداً للمستشار السياسي لفرنجية المحامي روني عريجة، وهو ما زال عضواً في المكتب السياسي للتيار.

أمّا وزارة الثقافة فرسَت على حزب الكتائب، الّا انّ الحزب رفضها مطالباً بوزارة العمل على خلفية أحقيّته بالمطالبة بوزارة خدماتية إن لم نقل أساسية، فنشطَ الحراك ليلاً لإقناع “المردة” بمبادلة حقيبة العمل بحقيبة الثقافة، الّا انّ فرنجية أصرّ على وزارة العمل ولم يُثنِه اتصال الوزير وائل ابو فاعور بإيعاز من رئيس حزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط عن هذا الموقف.

وتضيف المعلومات أنّ فرنجية وافق على تبادل الحقائب، بعدما بادر العماد ميشال عون الى إيفاد الوزير باسيل متمنّياً على فرنجية التنازل لحزب الكتائب لكي لا تتعرقل التشكيلة الصباحية، فوافق فرنجية على التنازل.

إلّا انّ أوساطاً مقرّبة من “سليمان بك” كشفت لـ”الجمهورية” أنه لم يوافق “كرمى للعونيّين وليس نكاية بالجنبلاطيين، بل لأنه علم بأنّ العُقَد كلها قد حُلّت ليلاً بما فيها عقدة تعيين اللواء أشرف ريفي وزيراً للعدل، فيما بقيت عقدة الكتائب المتمثّلة بتمسّكهم بوزارة العمل. ولمّا علم فرنجية بأنّ كلمته ستكون الفصل في ولادة الحكومة لم يشأ ان يعرقل بسبب رفضه التنازل عن حقيبة العمل”!

كذلك اشارت اوساط قريبة من فرنجية الى أنّ سبباً أساسياً مهماً ساعد على قبوله بالمبادلة، وهو علاقته السياسية المتقدمة مع حزب الكتائب، ولا سيما مع النائب سامي الجميّل الذي تربطه بفرنجية علاقة شخصية واجتماعية طيّبة وناشطة.

المعلومة هذه عزّزها الموقع الرسمي لتيار “المردة” بأوجُه عدة، أبرزها مقال لعضو المكتب السياسي فيه السيّدة فيرا يمين التي عَنونت مقالها بـ”نحن للعمل كنّا في الوزارة أم خارجها”، في إشارة، ربما، الى تخَلّي “المردة” بإرادته عن حقيبة العمل، واصفةً فريقهم بالفريق الاستيعابي بعكس الفريق الآخر الإلغائي.

امّا السيدة ميرنا زخريا، وهي من الكوادر الاساسية في تيار “المردة”، فقد علّقت على صفحتها على موقع التواصل الاجتماعي انّ “المردة” لم يَعتد أن يعرقل تشكيلة وزارية لا في الماضي ولا في الحاضر، وفي السابق تنازلَ لـ”الطاشناق” عن وزارة الصناعة والآن للكتائب عن وزارة العمل، مشددة على أنّ التنازل تمّ على خلفية أنّ الفريقين هما فريقان مسيحيان أساسيان فاعلان على الساحة المسيحية.

مناصرو “المردة” يرفضون

لكنّ الشارع الزغرتاوي، وتحديداً مناصري “المردة”، فوجئوا بالحكومة الجديدة التي لم تكن على مقدار تطلعاتهم وخصوصاً لجهة الاسماء، على حدّ قولهم. فبعدما نالوا حقيبتين في الحكومة السابقة، واحدة سيادية هي الدفاع، وأخرى حقيبة دولة، لن يرضوا اليوم بوزارة واحدة، وتحديداً وزارة الثقافة في حكومة الرئيس تمام سلام.

فقد اعتبرها بعضهم خسارة، امّا البعض الآخر فوصف الحكومة بأنها “حكومة استسلام”، فيما اشار احد المقربين من تيار “المردة” الى أنّ “البيك قدّم تنازلات كبيرة من اجل ولادة الحكومة. فعندما علم أنّ العقدة متمثلة بوزارة العمل التي كانت من حصّته، تخلّى عنها لصالح الكتائب راضياً بحقيبة حيادية لكي لا يقال انه المعرقِل”.

وكانت التعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي لافتة، فكتب احد “المرداويّين”: “خلِصنا تنازلات يا معلم، رَكَّبتُن على ضهرنا وكَتَّرِت. نحنا ما تعوّدنا نقدِّم هيك تنازلات وما بَدنا نقدِّم”.

فإلى متى سيظلّ يفعلها فرنجية؟ وإلى أيّ مدى ستصِل تنازلاته لصالح “التيار الوطني الحر” أو لصالح غيره؟ وأين يقف سقف تلك التنازلات؟

 

السابق
«14 آذار» لم تسلم هي الأخرى من التصدّعات
التالي
حزب الله يقاتل اليهود في يبرود