وزيرنا في جنيف 2

كم كان محقاً سمير جعجع عندما قال بالأمس أنه ليس مضطراً لأن يغطي مشاركة حزب الله في القتال في سورية عبر قبوله المشاركة في الحكومة. كلمة عدنان منصور (وزير خارجيتنا المبجلة) في مؤتمر جنيف 2 هي خير دليل عما يريده حزب الله من الحكومة في المرحلة المقبلة. لقد كانت الكلمة مخجلة ومخزية اذا ما قيست بمدى تمثيلها لبنان. كانت كلمة حزب الله.

فقط حزب الله، ولا أحد غير حزب الله. يكاد المرء يقول إنها لم تكن كلمة حركة أمل، وهي وإن اقتربت من أن تكون كلمة الحزب السوري القومي الإجتماعي، لكنها لم تبلغها بالتمام، ذاك أن القوميين يُقاتلون الى جانب النظام في سورية، لكن وزيرنا العملاق لم يَفِهم حقهم، فتجاهل هذه المشاركة، وقصر مديحه للقتال هناك بحزب الله!

انه وزير الحكومة التي تبرع فيها حزب الله بواحد من مقاعد الشيعة الى وزير سني. وهو وزير حكومة الحياد والنأي بالنفس عن الوقائع السورية. وزير ميشال سليمان ونجيب ميقاتي، لكنه ذهب الى جنيف 2 ليُمثل حزب الله. أليس هذا درساً كافياً في ظل مشاورات تشكيل الحكومة؟

ثم يا أيها الوزير، أي نأي بالنفس هذا الذي تحدثت عنه في كلمتك وأنت من اعترف بلسانه وفي نفس الكلمة بأن حزب الله يُشارك في القتال هناك؟

لكن لخطاب الوزير الكبير وجه آخر أيضاً، يتمثل في ركاكة غير مسبوقة، وهي ركاكة تؤشر الى عمق المأزق الذي يكابده حزب الله في خطاب المشاركة في الحرب السورية. ففي عرف الوزير “أن من يقول أن الإرهاب يضرب لبنان بسبب مشاركة حزب الله في القتال هناك، فانه بذلك يُبرر للإرهابيين أعمالهم”! اذاً ممنوع على اللبنانيين مناقشة مسألة بحجم مشاركة حزب “لبناني” في القتال في سورية، ومن تساوره نفسه بذلك فهو يدعم الإرهاب. هذا كلام وزير خارجية لبنان، وليس كلام النائب نواف الموسوي. وفي كلمة الوزير إشارة الى أن الإرهاب وصل إلى لبنان قبل أن يصل حزب الله إلى سورية! “غوغل سيرش” كفيل بتصحيح معلومات الوزير طبعاً.

والحال أن عدنان منصور (نسخة جنيف 2) لم يكن جزءاً من الوفد السوري على ما تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي ذلك كطرفة. لقد ذهب الرجل ليُمثل لبنان على أبواب تشكيل حكومة جديدة ربما جاء فيها وزيراً لمرة أخرى، في ظل ما حققه من انجازات، وهذه أيضاً ليست طرفة، ذاك أن حزب الله لن يجد دمية أكثر طواعية، وهو أي الحزب، في ظل مأزق خطابه لا يستطيع تخريج وظيفته في سورية بأكثر من خطاب السذاجة والتعامي الذي ابتكره وزيرنا الكبير.

الأهم من هذا كله أن حجم حزب الله في سورية إذا ما قيس بحجم مشاركته في جنيف 2 عبر الوزير منصور، فان الأثمان الكبرى التي دفعها الحزب هناك لا مجال لتصريفها بأكثر من تمثيل هزيل بحجم منصور.

السابق
كيري: الاسد هو العقبة امام السلام في سوريا
التالي
الجراح: مع منصور لبنان غاب عن مؤتمر جنيف 2 وحضرت ايران