نعم.. إسرائيل قتلت الحريري

رفيق الحريري
تبدو المحاكمة الدولية لقتلة رئيس الحريري وكأنها المسمار الأخير في نعش الوحدة اللبنانية مع تزايد الأحقاد والطائفية والمذهبية التي ترافقها، ما سوف يجعل لبنان ينقسم إلى وحدات طائفية مذهبية تستفيد منها إسرائيل لإضفاء الشرعية على يهودية دولتها. بهذا المعنى تبدو الجريمة إسرائيلية بامتياز.

أول ما يخطر على بال المتابع لمشهد انطلاق “المحكمة الدوليّة” الخاصة باغتيال الرئيس رفيق الحريري وما تحمله من اتهامات ضد متهمين احترفوا العمل العسكري، بغض النظر عن صحة تلك الاتهامات، هو حجم الشرخ الطائفي والمذهبي الذي تزيده أحداثها بين شرائح الشعب اللبناني المنقسم أصلا منذ ثماني سنوات أعقبت تاريخ الاغتيال المشؤوم.

قال الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله عقب تفجير الرويس الذي حدث في الضاحية الجنوبية قبل ثلاثة أشهر “أن هذا العمل هو إسرائيلي وإن كان قد نفذ بأيدي التكفيريين”، وقد صدق السيّد عندما قال ما قاله، لأن حجم الأحقاد الطائفية أصبح يرتفع منسوبه وتعمّ الفرقة والانقسام مع كلّ عمل أمني، اغتيالاً كان أم تفجيراً مفخخاً بسيارات القتل والتدمير.

ولا شك أيضاً أن ما قاله السيد نصر الله عن جريمة اغتيال الحريري واتهام إسرائيل بها كونها المستفيدة من أحداث الفتن في لبنان هو صحيح أيضاً. وبالتالي فإن من قام بهذا العمل المجرم هو إسرائيلي المنهج والتفكير والأهداف: فمن له مصلحة في وقوع هذا الانقسام العامودي الذي بدأ يشهده لبنان وزيادة الشقاق الشيعي السنّي فيه غير إسرائيل؟

فإسرائيل الدولة اليهودية ما زال حلمها قيام الدول الطائفية من حولها كي لا تبدو كائناً غريباً، ويصبح مطلب الرئيس الاسرائيلي بنيامين نتنياهو اليوم أن يعترف الفلسطينيون والعرب والعالم بـ”يهودية إسرائيل” أمراً طبيعياً وحقا لها، فلا تطاح رؤوس ولا تحرق قرى ومدن بأكملها في سبيل تحكيم المنطق الديني كما يحدث الآن في سوريا.

اليوم من خلال متابعة أحداث المحاكمة الدولية لاهاي في قضية اغتيال الحريري، ومع تصوير ما يحدث أن مجموعة مسلّحة شيعيّة قتلت الزعيم السنّي اللبناني الرئيس رفيق الحريري، فإن المشهد يبدو سافرا الى أقصى حدّ، بعد سلسلة من تصاعد تلك الأحقاد المذهبية عقب عملية الاغتيال، وما تلاها من أحداث في 7 أيار، ثم في تدخّل حزب الله في سوريا العلني والصريح. فيبدو للرائي أن طريق العودة إلى اللحمة الوطنية أصبحت موصدة كلياً في لبنان، ولا أدلّ على ذلك سوى فشل المحاولات المتتالية لتشكيل حكومة وحدة وطنية. فكيف ستشكّل حكومة وحدة مع هذا الكم من الحقد المذهبي؟ وكيف سيلتقي في حكومة واحدة بين من تصوّرهم المحكمة أنهم القتلة وبين ومن تصوّرهم أنهم الضحايا والمقتولين؟

نعم إنها إسرائيل التي قتلت الحريري وبأيد لبنانية تخدمها من حيث لا تعلم. ولن تقوم لوطننا قائمة بعد جريمة اغتيال رفيق الحريري واتهام المحكمة الدولية للبنانيين من طائفته المقابلة باغتياله، مع التشديد على أنّهم “شيعة”.

سوف تفرح إسرائيل، لأن من اعتقد يوماً بقتله رفيق الحريري سوق يقتل رجلاً وينتهي الأمر بعد أيام من قتله، كما حدث في باقي الجرائم، فتذهب السكره وتأتي فكرة العودة إلى الوطن، فقد كان يتوهّم. إذ لا يبدو أن العودة الى الوطن باتت سهلة بعد هذه الجريمة النكراء وما تبعها من اغتيالات في لبنان وتذابح طائفي في سوريا. ولعلّ المؤامرة المطروحة هي أن تعود أوطاننا الى حظيرة بلاد الشام قبل (سايكس بيكو) كما كنا قديما، ثم نتحوّل إلى كيانات صغيرة مبعثرة مذهبية وطائفية إلى جانب دولة كبرى هي دولة إسرائيل اليهودية القويّة الموحّدة.

السابق
اميركا تقرر رفع قسم من العقوبات عن ايران
التالي
توقيف لبناني ومصري بتهمة النشل في وادي الزينة