هل انتهت المقاومة المسلحة لاسرائيل؟

كان للاضطرابات التي تجتاح العالم العربي منذ بدء “الربيع العربي” عام 2011، انعكاساتها السلبية على القضية الفلسطينية وعلى حركات مقاومة اسرائيل، فهل انتهى عصر المقاومة المسلحة لإسرائيل؟ وهل تراجع حركات المقاومة المسلحة لإسرائيل سببه أفول ايديولوجيا النضال المسلح ضد إسرائيل في عصر التغيرات السياسية العربية، وعهد التسويات الديبلوماسية؟ ام ان مرده الى نجاح سياسة الردع الصارمة التي طبقتها إسرائيل في عملياتها العسكرية الأخيرة ضد “حماس” في غزة، وضد “حزب الله” في لبنان؟

تنعم الحدود الإسرائيلية مع لبنان وغزة والجولان وسيناء بهدوء شبه تام يعكره من وقت الى آخر سقوط صواريخ “كاتيوشا” مجهولة المصدر من لبنان، أو قذائف طائشة بالقرب من الجولان، او إقدام فصائل فلسطينية هامشية لا تأتمر بأوامر “حماس” على اطلاق صواريخ على إسرائيل من غير ان توقع اصابات يرد عليها الجيش الإسرائيلي بغارات جوية. وكلما غرقت دول المنطقة في اتون الاقتتال المذهبي، تبدو إسرائيل كأنها تعيش في فقاعة من الاستقرار السياسي والازدهار الاقتصادي، لا يعكر صفو استقرارها خطر جدي.

قد يكون الردع الإسرائيلي سبباً من أسباب تراجع المقاومة. فقد شكلت عملية “عمود السحاب” التي جرت عام 2012 ضد قطاع غزة آخر المواجهات المسلحة الواسعة النطاق بين إسرائيل وحركة “حماس” التي امتنعت مذذاك عن القيام بأي عمل يشكل خرقا لتفاهمات وقف النار التي توصل اليها الطرفان بعد العملية. لكن ثمة اسبابا اخرى وراء امتناع “حماس” عن مواصلة عملياتها ضد إسرائيل، اهمها الضائقة الداخلية التي تعانيها الحركة منذ سقوط سلطة “الإخوان المسلمين” في مصر، وسياسة التضييق التي يمارسها الحكم الجديد في مصر عليها والتي تجلت في محاربة تهريب السلاح عبر الانفاق، والاقفال الدوري للمعابر الحدودية، واتهام “حماس” بالتورط في هجمات ارهابية على الجيش المصري.

أما في ما يتعلق بـ”حزب الله” اللبناني، فمنذ حرب تموز 2006، امتنع الحزب عن القيام بأي عملية عسكرية ضد الجيش الإسرائيلي من داخل الحدود اللبنانية، على رغم تهديداته بالانتقام من إسرائيل بعد اغتيال قائديه عماد مغنية وحسن اللقيس. ومنذ انتهاء المعارك في آب 2006 ساد نوع من “توازن الرعب” بين الطرفين. لكن تورط مقاتلي الحزب في الحرب الاهلية الدائرة في سوريا غيّر المعادلة القائمة على الحدود، وجعل إسرائيل شبه واثقة من ان الحزب لن يغامر اطلاقا بالدخول في مواجهة عسكرية جديدة مع إسرائيل. وبينما تشتعل جبهات الاقتتال الداخلي في مصر وسوريا ولبنان والعراق، تنعم الجبهات الإسرائيلية مع الدول العربية بهدوء غير مسبوق. فهل نجح القتال الطائفي في القضاء على مشروع مقاومة إسرائيل؟

السابق
داعش وجنيف – 2 وحزب الله
التالي
ثعبان لدغ عارضة إزياء إسرائيلية فمات