هل بدأ حزب الله يخسر

قد يكون من المبكر الآن الإعلان رسمياً عن تأجيل انعقاد مؤتمر جنيف 2 في موعده المقرر . فكل المؤشرات حتى الساعة تشير الى أن حظوظ عقده او إرجائه متساوية  تقريباً، على رغم رجحان كفة الفشل .

غزارة السيناريوهات التي تتحدث عن برنامج الجلسات، او اللقاءات التي ستشهدها أروقة “مونترو” السويسرية ، لم تصل بعد الى حدّ تثبيت أن مؤتمر جنيف2 سيُعقد لا محال ، أو أن حظوظ نجاحه مضمونة على الأقلّ، في ظل إصرار أطراف سياسية عدّة على إملاء الشروط والشروط المضادة، الأمر الذي لن يخدم الهدف منه.

فالإعتراض الأميركي على مشاركة إيران في المؤتمر شكّل مفاجأة للبعض عموماً ولطهران وحلفائها خصوصاً، في حين اعتبر آخرون انه ثمرة نجاح الرفض السعودي لأي مشاركة إيرانية في المؤتمر.

فطهران التي اعتقدت لوهلة أن اتفاقها مع القوى الدولية حول ملفها النووي ، وأن ما حصل في سوريا خلال الأشهر الماضية سيعطيها حقاً آلياً في تقرير ما يحاك لها من حلول ، تبين لها في ما بعد أن الأمر يحتاج الى بذل جهود كثيرة في سبيل الحصول على شهادة التأهيل المطلوبة منها لانضوائها تحت سقف العلاقات الدولية السّوية في المنطقة.

وتكشف مصادر ديبلوماسية عربية في واشنطن أن فشل إيران أخيراً في حسم عدد من المعارك التي تديرها في سوريا ، خصوصا في منطقة القلمون، او في مناطق الغوطة الشرقية لدمشق،  حيث تشير معلومات عسكرية الى أن قوات المعارضة حققت تقدما ملحوظا فيها وتمكنت من فك الحصار المضروب حولها ، فضلاً عن خسارة عدد من المواقع العسكرية المهمة في حلب وأبرزها مستشفى الكندي، وأسر مئات العناصر من الجيش النظامي، دفعها الى اعتماد لغة التصعيد والتهويل في سوريا ولبنان وحتى في العراق مع بدء الجيش عملية أمنية واسعة في منطقة الأنبار التي يبدو انها لم تحقّق الكثير .

لقد فوجئت طهران بالتطورات الميدانية السورية بعدما كانت توقّعت أن تكون مشاركتها في مؤتمر جنيف 2 تحصيل حاصل لإنجازاتها السياسية والعسكرية ، فباتت ورقة حضورها في يد “الجبهة الإسلامية”، الجهة التي تمسك فعلياً بالميدان.

ويكشف مصدر أميركي مطلع أن واشنطن التي سعت الى عقد لقاءات مع الجبهة نفسها ، فوجئت بدورها بحجم الشروط التي رفعتها الأخيرة الى السفير الأميركي روبرت فورد . فالجبهة تبدو اليوم وكأنها تتحدث من موقع قوة ، مستندة الى دعم قوي من السعودية التي تدعو واشنطن الى تغيير سلوكها السياسي مع المنطقة، او أقلّه الى السماح لها بنوع من الإستقلالية في متابعة الملفات “الحساسة”، علما أن قرارها في استبعاد الرئيس السوري بشار الاسد لا رجعة عنه .

وتقول المصادر الديبلوماسية العربية  “إن التصعيد الأخير للأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله  هو رسالة من إيران، في ظل حجم انزعاجها السياسي والعسكري من التطورات الأخيرة، وأن لا تفسير عسكرياً للقصف الجوي الكثيف الذي تتعرّض له مدينة حلب على يد النظام السوري. بل ما يحصل هو انتقام وعقاب جماعي على الخسائر التي مُنيت بها طهران وحلفاؤها أخيرا”.

وإذ تتساءل هذه المصادر: “هل أن “حزب الله” بدأ  يشعر بخسارة المعركة استراتيجياً ، بعدما وصل تورطه في ملفات المنطقة وخصوصا السورية منها الى طريق لا عودة عنه، ما دام قراره بيد إيران”؟  تؤكد ان “التهديد بتوسيع كرة النار والقصف والتهويل بإسقاط لبنان نهائيا بيد الحزب، هي أساليب معروفة في خضم المفاوضات وقبيل استحقاقات معلنة”.

وتضيف المصادر:” ان أسلوب “الجبهة الإسلامية” مثلاً يتحاشى الإعلان عن عملياته العسكرية في هذه المرحلة ، فيما هي تتقدم ميدانياً. وتبدّل الأوزان اليوم في صفوف المعارضة السورية اليوم يشمل قواها العسكرية ومظلّتها السياسية على حد سواء. ولا بد من تعزيز دعم تلك القوى الجديدة لتحقيق توازن جدّي على أرض المعركة، علما أن علاقاتها مع تنظيمي “داعش” و “النصرة” قد تشهد توتيرا في المرحلة المقبلة ايضا، بعد تراجع حظوظ تعويم “الجيش السوري الحر” بتشكيلته السابقة، وإعادة هيكلة قوى المعارضة الجارية على قدم وساق، بمشاركة قوى اقليمية ودولية عدة”.

وبحسب المصادر الديبلوماسية العربية فان واشنطن ليس لديها على ما يبدو حساسية في التعاطي مع تلك التشكيلات الاسلامية، بدليل انفتاحها الاصلي عليها تاريخيا مرورا بعلاقتها الاخيرة مع الاخوان المسلمين في مصر .

وبناء على ذلك، يقول المصدر الأميركي “إن ما يجري لا يوحي بأن حظوظ مؤتمر جنيف 2 حتى ولو انعقد، ستكون كبيرة في تحقيق حل سياسي في سوريا. فدوائر القرار في واشنطن باتت اكثر اقتناعا بان خلط الأوراق والمواجهات الجارية بين المكوّنين السني والشيعي في العالم الإسلامي، ستمنع من الآن وحتى زمن ليس بقصير أي تسوية او مقاربة للحل ما دامت الاهداف لم تتحقّق . وعلى رغم أن ملفات المنطقة هي على درجة كبيرة من الترابط، الا أن محاولات البعض الإفادة من إنجازات في إحداها ليس امراً ميكانيكياً”.

السابق
اصابة رئيس بلدية كفرحتى بإنفجار
التالي
مطر: الخطر يداهم الاستحقاقات الدستورية ومدعوون لإنقاذ لبنان