مصادر حزب الله لـ الراي: يريدون انسحابنا من سورية ليس لشراكة بالحكومة بل لكسْر الأسد

إزداد المشهد اللبناني قتامة على وقع مفاعيل «الحرب الكلامية» القاسية التي توالت على مدى يومين بين الامين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله وزعيم «تيار المستقبل» رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، والتي دارت رحاها حول مشاركة «حزب الله» في الحرب في سورية، والدور الاقليمي لكل من السعودية وايران وتأثيرهما في لبنان، ومصير المأزق السياسي المتعاظم في البلاد في ضوء الفشل في تشكيل حكومة جديدة، إضافة الى المقاربة المختلفة للإتفاق المحتمل بين الولايات المتحدة وايران.

وأوحت المواجهة بـ «مكبرات الصوت» بين نصرالله، الذي اطل مرتين متتاليتين «مباشرة» على جمهوره، والحريري الذي تولى الرد مرتين ومباشرة، بأن لبنان «المسكون» بهواجس إرتدادات الحرب في سورية، ينزلق اكثر فأكثر نحو المجهول، في ظل تحولات هائلة وغير مسبوقة تشهدها المنطقة، «رأس الجبل» الظاهر منها، كان التفاهم الاميركي – الروسي حول «الكيماوي» السوري وإمكان حصول اتفاق اميركي – ايراني حول «نووي» طهران.

وإذا كان نصرالله إتهم الحريري وفريق 14 اذار بالانصياع الى املاءات سعودية لمنع تشكيل حكومة في لبنان، وبالرهان على سقوط النظام في سورية، كما على فشل إمكان التفاهم بين ايران والمجتمع الدولي، ودافع تالياً عن قتال حزبه في سورية وعن تحالفه مع ايران ونظام الرئيس بشار الاسد، فإن الحريري أعلن صراحة ان لا مشاركة في اي حكومة قبل سحب «حزب الله» قواته من سورية، متهماً نصرالله بالاستقواء بايران وسلاحها ومالها لتقويض الشراكة الوطنية وتوريط لبنان في الصراعات الاقليمية وكأنه «دولة فوق الدولة».

واشتعلت في بيروت القراءات المتناقضة لموقف الطرفين، وسط خلاصات داكنة تنعي إمكان التوصل الى تفاهم لتشكيل حكومة جديدة في المدى المنظور، وتبشّر بالسقوط المبكر للإستحقاق الرئاسي، وتتقاطع عند رسم سيناريوات سوداء لمصير الوضع برمّته في ضوء إرتفاع حمى الصراع السياسي والمذهبي في البلاد المترنحة فوق «فوهة» الحريق السوري واحتمالات إقترابه من المناطق الحدودية، خصوصاً اذا ما إندلع ما بات يعرف بمعركة القلمون – جرود عرسال – الزبداني.

اوساط بارزة في قوى «14 آذار» إعتبرت عبر «الراي» ان السيد نصرالله «أفرط كعادته في اصطناع تمتعه بفائض القوة الى حد وقوعه كما في كل مرة في الازدواجية والتناقضات من خلال اتهام خصومه بما ينسحب عليه في الدرجة الاولى». وبحسب هذه الاوساط «فان نصرالله الذي تحوّل مبشراً بالتسوية الايرانية – الاميركية وأسقط كل ادبياته منذ نشوء حزبه انما كان يؤدي وظيفة قسرية رسمتها له طهران للبدء في التمهيد للتسوية الاتية مع الغرب تماما كما دفعته سابقاً بالتورط في الصراع في سورية».

وفي رأي الاوساط نفسها ان «نصرالله لم يتمكن مرة من حجب امر العمليات الايراني المباشر الا عبر لعبة دعائية باتت مكشوفة تتوسل التصعيد ضد خصومه في الداخل للتعمية على التحولات الضخمة التي تقوده اليها ايران والتي لا بد من ان تكون لها اكلاف واثمان».

وتبعا لذلك تقول الاوساط عينها ان «نصرالله كشف في إطلالتيه اخيراً ان حزبه هو المراهن الاول في لبنان على متغيرات خارجية في وقت كان يتهم خصومه بالرهان على سقوط نظام بشار الاسد ويشمت بهم مراهنا على بقائه»، معربة عن اعتقادها ان نصرالله «فشل في حجب مخاوفه من المفاوضات الايرانية – الغربية الى حد انه راح يزايد في اظهار حسنات ارتباطه بالمحور السوري – الايراني كأنه بذلك يطلق رسالة ضمنية الى طهران نفسها لتجنيبه وحزبه اكلاف التفاهم الاتي مع الغرب».

اما المصادر القريبة من «حزب الله»، التي وجدت في «تحليلات 14 اذار» مجرد «اوهام»، فقالت لـ «الراي» ان «مطالبة قوى 14 اذار وراعيها الاقليمي بإنسحاب قوات حزب الله من سورية، الهدف منها ليس الجلوس سوياً لتشكيل حكومة جديدة، بل غايتها كسر الرئيس الاسد عبر تمكين المعارضة من إسقاط النظام»، لافتة الى ان «هؤلاء ادركوا ان تدخل حزب الله في سورية قلب الدفة، الامر الذي اسقط رهاناتهم».

وسألت هذه المصادر: «ايّ معارضة يريدون ان تنتصر، المعارضة التي كانت تطالب بقيام نظام ديموقراطي قبل ان يخفت صوتها على قرقعة السلاح؟ ام المعارضة المدعومة من قوى اقليمية ودولية، كالسعودية وقطر والولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا؟ ام المعارضة الاكثر شراسة المتمثلة بداعش وجبهة النصرة؟»، مشيرة الى ان «اكثر المعارك ضراوة التي تخوضها قوات حزب الله العقائدية تجري في مواجهة مقاتلين عقائديين من داعش والنصرة».

وقالت المصادر ان «حزب الله تعامل منذ البداية مع ما يجري في سورية على ان مصيره ومصير نظام الرئيس بشار الاسد مصير واحد، فإما يسقطان معاً او ينتصران معاً»، معتبرة ان «مَن يحكم سورية يحكم لبنان، وتالياً فإن معركة سورية لن تحدد فقط هوية الحكومة اللبنانية، بل ستحدد وجهة رئيس الجمهورية المقبل، الذي سيكون وبلا ريب من 8 اذار اذا استمرّ مسار التطورات في سورية على ما هو عليه».

السابق
وصول 100 نازح سوري من جبل الشيخ إلى العرقوب
التالي
بلامبلي: ترتيبات 1701 ادت الى هدوء غير مسبوق في الجنوب