الجمهورية: برّي أعاد قانون الانتخاب إلى الواجهة والمعلومات إستدعت عيد

كتبت “الجمهورية ” تقول: أعاد الأمين العام لـ”حزب الله” السيّد حسن نصرالله الملفّ الحكومي إلى التداول السياسي عبر دعوته 14 آذار إلى القبول بصيغة 9-9-6 قبل فوات الأوان، لكن هذه الدعوة اصطدمت بالرفض الصارم لهذه القوى، خصوصاً أنّها جاءت على خلفية أنّ “محور الحرب على سوريا انهزم ومحور المقاومة انتصر”، حسب ما أكّد نصرالله أمام كوادره، فيما أعاد استدعاء القضاء رئيس “الحزب العربي الديموقراطي” علي عيد طرابلس إلى واجهة الأحداث السياسية-الأمنية.
توزَّع الاهتمام السياسي في الساعات الماضية بين دمشق، حيث توّج المبعوث الأممي الأخضر الإبراهيمي زيارته بلقاء الرئيس السوري بشّار الأسد، على أن يحطّ في بيروت في الساعات المقبلة، وباريس مع اجتماع الرئيس المكلّف تمّام سلام والرئيس سعد الحريري، ومجلس النوّاب حيث عاد قانون الإنتخاب بقوّة إلى الواجهة بعد مرور فترة على سقوط المشروع الأرثوذكسي ودعوة رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي الأخيرة إلى لجنة الإدارة والعدل واللجنة الفرعية لبدء اجتماعات ناشطة من أجل درس قانون الانتخاب.
وفي ظلّ استمرار المساعي الأميركية ـ الروسية لإنجاح مؤتمر جنيف-2، حذّرت موسكو امس من “احتمال فشله”، مؤكّدة أنّ “قلب نظام الأسد بالقوّة سيشكّل تهديداً هائلاً للمنطقة”، في وقت أبلغ الأسد الى الإبراهيمي أنّ “نجاح أيّ حلّ سياسي يرتبط بوقف دعم المجموعات الإرهابية، والضغط على الدول الراعية لها”، فيما قالت المتحدثة باسم الابراهيمي إنّه يأمل في مشاركة السعودية في مؤتمر جنيف-2، بعد رفض المملكة استقباله والردّ على رسائله الالكترونية. وأمّا إيران فأعلنت على لسان سفيرها في سوريا أنّها ستحضر المؤتمر كفريق أساسي.
وكانت الجهود الرامية الى عقد المؤتمر محورَ بحث بين المبعوث الخاص للرئيس الروسي الى الشرق الأوسط ميخائيل بوغدانوف والسفير اللبناني في روسيا شوقي بو نصّار.
وفي هذه الأجواء، يبدأ الإبراهيمي لقاءاته الرسمية في بيروت غداً بعدما حُدّدت له مواعيد مع كلّ من رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان ورئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة المستقيل نجيب ميقاتي، على أن يعقد مؤتمراً صحافيًّا يتناول فيه نتائج الزيارة قبل أن يغادر العاصمة اللبنانية في اليوم نفسه.
وقالت مصادر مطلعة لـ”الجمهورية” إنّ الإبراهيمي لا يحمل جديداً بعدما اصطدمت مهمّته بعوائق كبيرة لا طاقة له على تحمّلها، سواءٌ على مستوى الشروط التعجيزية الرسمية التي تبلّغها من أركان النظام في العاصمة السورية من جهة، أو لجهة فقدان الشريك المفاوض المعارض بعدما تبيّن استحالة تركيب وفد موحّد من المعارضة السورية الى “جنيف 2” في ظلّ الإنقسام القائم بين معارضة الداخل وتلك المشتّتة في الخارج.
إلى ذلك، تبلّغت المراجع المعنية انّ الإبراهيمي لم يتمكّن من حسم عدد من العناوين التي ستوجَّه الدعوة على اساسها الى مؤتمر “جنيف2″، وبالتالي لا يمكن القول إنّه تمّ تحضير جدول أعماله، بالإضافة الى اللغط الحاصل حول موعده بعدما عُدّ يوم 23 تشرين الثاني المقبل موعداً مبدئيّاً ليس من الثابت إمكان الإلتزام به.

لقاء باريس
وعلى المقلب اللبناني، انشدّت الأنظار إلى زيارة سلام للحريري في باريس للإطمئنان الى صحّته، والتي تخللها مأدبة غداء، جرى خلالها عرض للأوضاع العامة في لبنان والمنطقة”.
وجرى نقاش في مستجدّات التكليف والعوائق التي حالت دون تشكيل الحكومة في الشهور السبعة الماضية.وقالت مصادر المجتمعين لـ”الجمهورية” إنّ سلام ما يزال يحظى بثقة الحريري ومن يمثل، وإنّ الحديث تناول مخارج لم يتمّ الكشف عنها بانتظار بعض الإتصالات التي سيجريها الطرفان في الفترة المقبلة، على ان يكونا على تواصل دائم.ومن باريس توجّه سلام مباشرة عائداً الى جنيف.

مصادر الحريري لـ”الجمهورية”
وقالت مصادر قريبة من الرئيس سعد الحريري لـ”الجمهورية” إنّ السيّد نصرالله حاول التعامل مع الأزمة الحكومية وكأنّها معركة محاصصة على أساس 8-8-8 أو 9-9-6، فيما الخلاف هو على عناوين وطنية كبرى في طليعتها خروجه من سوريا والالتزام بـ”إعلان بعبدا”. وأكّدت المصادر أنّها ترفض أن تكون شاهد زور على تدمير لبنان، حيث إنّ القتال في سوريا نسفَ كلّ أسُس الشراكة، رافضةً الجلوس حول طاولة واحدة مع الحزب لتكريس هذا الواقع.

“14 آذار”

وفي بيروت، أطلع المنسّق العام لقوى 14 آذار النائب السابق الدكتور فارس سعيد الأمانة العامة على نتائج جولة المحادثات التي عُقدت مع الحريري في باريس، مؤكّداً أنّ 14 آذار لن تستسلم لأيّ قوّة تحمل سلاحاً غير شرعيّ في لبنان”. وردّ على الأمين العام لـ”حزب الله” السيّد حسن نصر الله بالتأكيد “أن لا أحد يستطيع، مهما علا شأنه ومهما اعتبر نفسه مرتاحاً، وهو ليس كذلك، أن يفرض شروطه على جميع اللبنانيين، وطرحُ السيّد حسن هو مشروع استسلام وليس شراكة”. ودعا رئيس الجمهورية والرئيس المكلّف الى تأليف الحكومة فوراً، مشدّداً على “عدم الخضوع لحكومة إستسلام وعدم الدخول في عملية الأرقام”.

الحزب وصيغة 9+9+6
في غضون ذلك، كرّر”حزب الله” تمسّكه بصيغة 9+9+6، وقال نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم: “طالبنا بالشراكة ولم نطالب بالعدالة، واعتبرنا أنّ الثلث الضامن هو الحدّ الأدنى للشراكة، وإلّا فالعدالة هي أن نمثّل في مجلس الوزراء بحسب الأحجام النيابية، مع ذلك نحن لا نبتغي المحاصصة وإنّما نريد قيام الدولة مع شركائنا في الوطن، ولا تقوم الدولة إلّا إذا كنّا فاعلين كما نريد لغيرنا أن يكون فاعلاً، وطرحُ معادلة 9+9+6 هو في الواقع لمصلحة أن يشعر كلّ شريك بأنّه مؤثّر في القرار الاستراتيجي والأساسي في البلد، وهذا يجب أن يكون محلّ قبول من الجميع طالما إنّنا جميعاً لا نملك الأكثرية التي تؤهّلنا أن لا نرى الآخرين معنا أو أمامنا”.

“حزب الله” وجنبلاط
وأكّدت مصادر “حزب الله” لـ”الجمهورية” أنّ التواصل مع جنبلاط لم ينقطع، سواءٌ عبر اللقاءات المباشرة بينه وبين مسؤول لجنة التنسيق والإرتباط في الحزب الحاج وفيق صفا، أو عبر الفريق المكلّف من جنبلاط والذي يضمّ الوزيرين وائل ابو فاعور وغازي العريضي والنائب أكرم شهيّب، والفريق المكلّف من السيّد نصر الله الذي يضمّ الوزيرين حسين الحاج حسن ومحمد فنيش والحاج صفا والنائب حسن فضل الله، وبالتالي فإنّ التواصل والتشاور مستمرّ بين جنبلاط والسيّد نصر الله عبر هذه القنوات.
وإذ نفت المصادر حصول أيّ لقاء بين جنبلاط ونصر الله، أكّدت في المقابل أنّه في أيّ لحظة يرى الطرفان ضرورة عقد هذا اللقاء فإنّ لا شيء يمنع من حصوله.وتحدّثت المصادر عن احتمال انعقاد لقاء بين صفا وجنبلاط خلال الساعات المقبلة.

نصر الله والإنفراجات
إلى ذلك، علمت “الجمهورية” أنّ الأمين العام لـ”حزب الله” السيّد حسن نصر الله التقى امس مجموعة من الكوادر الحزبية والدينية وتطرّق أمامهم الى آخر الأوضاع السياسية.
وقال: “إنّ محور الحرب على سوريا انهزم ومحور المقاومة انتصر في هذه المعركة، ونحن في ربع الساعة الأخير قبل ترجمة هذا الإنتصار”.
وفي الشأن السوري، قال نصر الله “إنّ محور الحرب على سوريا وصل الى حائط مسدود، ولم يعد أمامه سوى الإنصياع للواقع والوقائع والذهاب الى حلّ سياسيّ، هذا مع العلم أنّ بعض الدول الإقليمية لا تزال تعرقل ولكنّها ستصل الى نتيجة مفادها أنّ المكابرة لا تنفع”.وفي الشأن الداخلي، اعتبر نصر الله أنّ “المرحلة المقبلة ينبغي أن تشهد انفراجات سياسية معطوفة على الإنفراجات الإقليمية والدولية”.
وتطرّق في سياق الحديث امام الكوادر إلى الوضع الأمني معبّراً عن هواجس امنية لدى الحزب من القيام بأعمال إرهابية في مناسبة عاشوراء، مؤكّداً أنّ الحزب على تنسيق مع الأجهزة الامنية التي لديها كافة المعطيات، والحزب بدوره يقوم بإجراءات لمنع القيام بأيّ اعتداءات إرهابية في هذه المناسبة.

ريفي
على صعيد آخر، كشفت معلومات لـ”الجمهورية” أنّ اللواء أشرف ريفي رفض قبل تقاعده طلباً من “حزب الله” بطَيّ ملف المتّهم بمحاولة اغتيال النائب بطرس حرب المدعوّ محمود حايك، وذلك مقابل موافقة الحزب على التمديد له في قيادة قوى الأمن الداخلي.
وتمثّل عرض الحزب بأن يحضر حايك للإدلاء بإفادته، على أن يحصل على ضمانة بالإفراج عنه في اليوم نفسه، فكان جواب ريفي الآتي: “تسلّمون حايك ونضمن حصول التحقيق معه من دون المساس بكرامته كموقوف، والقضاء يقول كلمته في الملفّ، وأنا لن أبقى في مكتبي في المديرية ساعة واحدة، بعد انتهاء فترة ولايتي القانونية”.

توتّر في طرابلس
أمنيّاً، عاد التوتّر إلى مدينة طرابلس مساء أمس، واستدعت شعبة المعلومات رئيس “الحزب العربي الديموقراطي” علي عيد للاستماع إليه في قضية التحقيق في تفجيري مسجدَي المدينة.
وكان استدعى مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر علي عيد بعدما اعترف سائقه أحمد علي بأنّ الأخير طلب منه تهريب المتهم بتفجير السيارة امام جامع التقوى أحمد مرعي إلى الفيلا التي يملكها في منطقة حكر الضاهر على النهر الكبير الجنوبي، على مسافة أمتار من الحدود اللبنانية ـ السورية.

عيد ينفي استدعاءه
وقالت مصادر قضائية لـ”الجمهورية” إنّ علي عيد رفض تلبية طلب استجوابه، وكشفت أنّ الشبهات كلّها تحوم حول رفعت عيد كونه الآمر الناهي والرأس المخطّط والمدبّر، وتخوّفت من تهريبه إلى سوريا لطمس الحقيقة وإخفاء معالم الجريمة، وتساءلت ما إذا كان سيتحوّل عيد إلى شاكر العبسي أو أحمد الأسير؟
ومن جهته، أعلن رئيس “الحزب العربي الديمقراطي”، بعد اجتماع للحزب، أنّه لم يتبلّغ أيّ استدعاء من قِبل فرع المعلومات، مؤكّداً أنّ مجرّد كلمة استدعاء، كما ذكرت وسائل الإعلام، يعني أنّ فرع المعلومات تجاوز الخطوط الحُمر.
وحول جلسة الاستماع، أكّد الحزب العربي بعد اجتماعه أنّ القرار هو للمجلس الإسلامي العلوي، وما حصل هو تعَدٍّ على رجل يمثّل أكبر رمز من رموز الطائفة بأكملها، وهو بمثابة حرب جديدة على جبل محسن.

أجندات خارجية
وأعربت مصادر أمنية بارزة عن خشيتها من تطوّر الوضع في طرابلس، وقالت لـ”الجمهورية” إنّ الأجندات الأجنبية والمصالح المحلية تزيدنا خوفاً على المدينة التي يبدو أنّها سلكت طريق التوتير الدائم، كما نخشى ان يتمّ إرباك القوى العسكرية واستنزافها بأحداث متنقّلة كالتي حصلت امس عندما أطلق شخصان النيران على سيارة عمومية تقلّ ثلاثة اشخاص من جبل محسن وهم في طريق عودتهم من عملهم.لكنّ المصادر الأمنية نفسها شدّدت على أن لا عودة الى الوراء في طرابلس، على رغم أنّ الظروف باتت أصعب.
وعمّا إذا كان هناك من مخاطر للدخول الى منطقة باب التبانة وسائر البؤر الأمنية، أجابت المصادر أنّ مخاطر إبقاء الوضع على ما هو عليه لا تقلّ عن مخاطر القيام بعملية عسكرية لتنظيف هذه البؤر الأمنية، على غرار ما حصل في نهر البارد ومنطقة عبرا، لكنّ القرار في النهاية يعود الى القيادة العسكرية التي تدرك ما عليها القيام به.

السفارة الأميركية
وفي موازاة تشديد رئيس الجمهورية على عدم العودة الى الوراء في طرابلس، عبّرت السفارة الأميركية في لبنان “عن قلق بلادها العميق إزاء تدهور الوضع الأمني في لبنان، بما في ذلك طرابلس”، ودعت “إلى ضبط النفس.
وذكرت السفارة عبر “تويتر” أنّ “العنف في طرابلس يُظهر ضرورة قيام الجهات بحماية لبنان من تداعيات النزاع السوري”، مؤكّدةً أنّ “بلادها تدعم قرارَي مجلس الأمن الدولي 1559 و1701 وإعلان بعبدا”. ودانت “استهداف الجيش في طرابلس”، مشيدةً بدوره وتضحياته. واعتبرت أنّ “انخراط أحزاب لبنانية، وأبرزُها “حزب الله”، في سوريا يؤدّي إلى تفاقم التوتّرات الطائفية، ويهدّد الأمن”.

السابق
الهدوء في طرابلس على المحك ومخاوف من تجدد الاشتباكات بعد إستدعاء عيد
التالي
البناء: عدم انتشار الجيش في التبّانة يُبقي النار تحت الرماد