ذئب أم حمل أم ماذا؟

بالنسبة لأي شخص يستمتع باستعارة جيدة، كانت زيارة الرئيس الإيراني حسن روحاني إلى الأمم المتحدة بمثابة يوم مشهود بالنسبة للحملان والذئاب على حد سواء. لقد وصف روحاني بأنه «ذئب في ثوب حمل» و«حمل في ثوب ذئب»، ووصف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو رئيس إيران السابق، محمود أحمدي نجاد، بأنه «ذئب في ثوب ذئب».
ومع ذلك، فإن القضية المهمة ليست من هو روحاني، وإنما أي نوع من الدولة يرغب نظام إيران في أن تصبح عليه إيران في القرن الحادي والعشرين وما الدور الذي ستلعبه الطاقة النووية في تشكيل تلك الهوية. من ذلك المنظور، نجد أن ثمة تساؤلا واحدا وثيق الصلة: هل إيران راضية بأن تكون كوريا شمالية كبيرة أم أنها تطمح لأن تكون صينا فارسية؟
لقد بنت كوريا الشمالية ترسانة نووية صغيرة لسببين: حماية ذلك النظام من التهديدات القادمة من الخارج ومن التهديدات من الداخل. ويعني هذا أن قيادة كوريا الشمالية تعتقد أن الأسلحة النووية تجعلها محصنة ضد أي تغيير للنظام من الخارج وأن العزلة الدولية التي قد صاحبت برنامج كوريا الشمالية النووي تبقي شعبها في مستوى متدن، معتمدا على نظام دائم منخفض السعرات من ناحيتي الغذاء والمعلومات.
إنها استراتيجية بقاء ماكرة لنظام مجنون: قبضة حديدية نووية تبقي العالم بعيدا من ناحية وشعبه منعزلا وضعيفا من ناحية أخرى،
يعتمد كل القادة في كوريا الشمالية على السيارات السريعة والأطعمة السريعة المستوردة.
تنظر القيادة في إيران أيضا إلى السلاح النووي بوصفه ضمانا محتملا ضد تغيير النظام من الخارج، وبالتأكيد يستفيد البعض داخل القيادة الإيرانية، وتحديدا الحرس الثوري، من العقوبات في أرض الوطن. وكلما زادت عزلة إيران، قل التنافس الاقتصادي الذي تحظى به قوات الحرس لشبكتها الضخمة من الشركات الصناعية، وارتفعت قيمة موانئ التهريب وزادت عزلة شعب إيران عن الاتجاهات الدولية التي تثمر عن أشياء مثل الثورة الخضراء عام 2009. لم يرغب هؤلاء المتشددون مطلقا في رؤية سفارة أميركية في طهران.
لكن إيران ليست كوريا شمالية. إنها حضارة عريقة، تضم مواهب بشرية عظيمة. لا يمكن أن تبقي شعبها بمعزل إلى الأبد. نظريا، لا يتعين على النظام الإيراني أن يبقي العالم بعيدا ويكبح جماح شعبه كي تكون إيران دولة قوية مؤثرة. لكن هل يقبل قادة إيران تلك النظرية؟ البعض يقبلها. إن قرار الدخول في مفاوضات مجددا إشارة واضحة على أن اللاعبين المهمين هناك لا يعتقدون أن الوضع الراهن – العقوبات المدمرة – عملي بالنسبة لهم. ولأنهم ليسوا كوريا شمالية، فإن العقوبات الآن تهددهم بالاستياء من الداخل. لكن ما مقدار «التأمين النووي» الذي يستعدون للتخلي عنه للتحرر من العقوبات؟ هل هم مستعدون للتضحية بسلاح قوي واحد ليصبحوا مجددا دولة قوية، ليكونوا أقرب إلى الصين، التي هي نصف صديق ونصف عدو ونصف شريك تجاري ونصف منافس جيو سياسي لأميركا، لا عدوا دائما؟
هذا ما يتعين علينا أن نختبره، «نحاول منذ فترة استخدام ديناميكيات السيطرة في احتواء إيران، إلى حد أننا عمينا عن حقيقة أننا نرغب بالفعل في أن يغير الإيرانيون – لا سيما النخب الحاكمة – سلوكهم»، بحسب العقيد مارك ميكليبي، وهو ضابط بحري متقاعد ومشارك في تأليف «قصة استراتيجية وطنية» لهيئة الأركان المشتركة الأميركية. يقول: «الأمر يتعلق بأن أكون صلبا جدا تجاههم، وأنا بالطبع لا أثق بهم، لكنني أعتقد أيضا أننا بحاجة لمنحهم خيار تغيير سلوكهم».
وأضاف نادر موسى فيزادي، المؤسس المشارك الأميركي ذو الأصل الإيراني لشركة «ماكرو أدفيزوري بارتنرز» ومساعد سابق رفيع المستوى لسكرتير عام الأمم المتحدة، كوفي عنان: «لو كنا نملك القدر الكافي من الحصافة والتفكير الاستراتيجي والتحرر من وهم قدرتنا على إعادة صنع الدول وفقا لتصورنا الخاص، علينا أن نبدأ في النظر لإيران بوصفها الصين المحتملة في الشرق الأوسط، بكل الوعود التي تحملها وكل التحديات التي نعرفها عن مدى صعوبة المسار مع الصين منذ رحلة نيكسون».
ستكون عملية الوصول إلى هناك متقطعة، وبالتأكيد قبيحة في بعض الفترات، ولكن، إذا تمت على الوجه الملائم من جانب إيران ومن جانبنا، فقد تؤدي إلى إعادة التكامل التدريجي لإيران في الاقتصاد العالمي، وتمكين الطبقة المتوسطة الشابة المتعلمة بها «وظهور مراكز قوى كثيرة داخل إيران، على نحو مماثل لما خضع له الحزب الشيوعي في بكين خلال فترة الثلاثين عاما الماضية»، حسبما أشار موسى فيزادي. كلا. ليس هذا مثاليا. «في عالم مثالي، قد نرى تحولا أسرع بكثير إلى مجتمع حر بالأساس. لكن في حالة ما إذا كان بإمكان انفراجة سياسية مع الغرب أن تحرم نظام إيران من مبرر الأعداء الأجانب والتعقيدات الخارجية، فقد ترى إيران مسارها نحو الشرعية أيضا عبر الإصلاح وإتاحة الإمكانات الاقتصادية والتكنولوجية والتعليمية الهائلة للشعب الإيراني، تماما كما هو الحال بالنسبة للصين».
إن قادة الصين ليسوا كشافة أيضا. لكننا قد وجدنا علاقة مستقرة تقوم على المنفعة المشتركة مع بكين «علاقة مع عدو مستتر». ما زلت متشككا في قدرة نظام إيران على توليد الإجماع الداخلي من أجل القيام بتحول مماثل. لكن بعدها، لم ير كثيرون أن بمقدور الصين أن تفعل المثل.
يتخذ وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، الموقف الصحيح: لا رفع لعقوبات مقابل أي شيء أقل من الوقف التام لأي تسليح محتمل لبرنامج إيران النووي. هذا هو الاتفاق الوحيد الذي يستحق أن نملكه والسبيل الوحيد الذي تستطيع إيران من خلاله تقرير ما إذا كانت صينا في زي فارسي، أو شيئا على هذه الشاكلة.

السابق
ملحم بركات: كل طايفة تعيش بمنطقتها
التالي
تركيا: من جيزي إلى إرساء الديمقراطية