الجمهورية : أوباما لا يستبعد الخيار العسكري ضدّ إيران.. وسليمان يلتقي برّي وتأجيل زيارة أبو ظبي والكويت

جريدة الجمهورية

كتبت “الجمهورية ” تقول : دفعت التطوّرات الإقليمية والدولية المتلاحقة ملف تأليف الحكومة إلى مزيد من التأخير ليتقدّم خيار الحوار بما يملأ مرحلة انتظار ما ستؤول إليه التطورات الإقليمية والدولية على الجبهات المختلفة، في حال لم يحقّق نتائج سريعة تقيم للبنان سلطة تنفيذية كاملة الأوصاف الدستورية. وعلى وقع التوتّر الأميركي ـ الإسرائيلي نتيجة المناخ الجديد بين واشنطن وطهران، شخصت الأنظار إلى اللقاء الذي انعقد في البيت الأبيض مساء أمس بين الرئيس الأميركي باراك أوباما ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي سيلقي كلمته اليوم أمام الجمعية العمومية للأمم المتحدة. وكان الملف النووي الإيراني الحاضر الأبرز على طاولة المحادثات، إضافة إلى عملية السلام والأزمة السورية.

شكّل لقاء أوباما ـ نتنياهو، وإن كان موعده قد تقرّر منذ أسابيع، لقاءً مميّزاً، ذلك أنّه يأتي بعد سلسلة تطوّرات مهمّة جرت في الأسبوعين الماضيين، ومن شأنها ان تؤسس لتحوّلات شبه استراتيجية في منطقة الشرق الأوسط لم تعجب إسرائيل. ذلك انّ نتنياهو يعتبر أنّ مرونة الرئيس الإيراني حسن روحاني “تكتيكية”، في حين أنّ الولايات المتحدة الأميركية مدّت خطاً جديداً مع إيران وأمهلت النظام السوري، وعقدت تفاهماً مع روسيا.

وقالت مصادر ديبلوماسية لـ”الجمهورية” إنّ نتنياهو “سيحاول إبطاء الإنفتاح الأميركي على إيران عبر إقناع أوباما والضغط على أعضاء الكونغرس بربط تحسين العلاقات مع طهران باعترافها بدولة إسرائيل التي كان المسؤولون الإيرانيون حتى الأمس القريب ينادون بإزالتها من الوجود”. وأضافت: “من شأن هذا اللقاء أن يؤثّر على وتيرة التطوّرات، لكن من دون أن يلغي الإتفاق الأميركي ـ الروسي، أو أن يعيد النظر في الإنفتاح الأميركي ـ الإيراني، ذلك أنّ الولايات المتحدة الأميركية ـ حسب هذه المصادرـ ستؤكد لنتنياهو أنّه بغضّ النظر عن التفاصيل، يُمكن إسرائيل أن تعتبر نفسها مستفيدة لأنّ المفاوضات الأميركية ـ الروسية أدّت الى إزالة الأسلحة الكيماوية السورية والتزام إيران عدم تصنيع قنبلة نووية”.

وقد استبقت إسرائيل إجتماع البيت الأبيض بإعلان رئيسها شيمون بيريز انّ النظام الإيراني سيُختبر بأفعاله وليس بالكلمات التي يلقيها زعماؤه. وأشار الى انّ روحاني قد التقى قبل يومين قادة في “الحرس الثوري” عرضوا عليه الصواريخ البعيدة المدى المستخدمة لحمل رؤوس حربية نووية. وأعلن انّ إسرائيل ستدرس جدّياً إقرار توقيعها معاهدة منع انتشار الاسلحة الكيماوية.

ويأتي اللقاء الأميركي ـ الإسرائيلي بعد أيام على الإتصال الهاتفي الذي أجراه أوباما بروحاني والذي قابله قائد “الحرس الثوري” محمد علي جعفري بانتقاد شديد معتبراً أنّه كان على الرئيس الإيراني رفض التحدّث مع اوباما هاتفياً والتريّث الى حين تتخذ الولايات المتحدة خطوات عملية إزاء ايران.

وقبل ساعات على الاجتماع الأميركي ـ الاسرائيلي، أصدر روحاني تعليماته الى سلطة الطيران في بلاده لدرس إمكان استئناف الرحلات الجوية المباشرة بين ايران والولايات المتحدة، وذلك للمرة الأولى منذ اكثر من 3 عقود. وفي ختام اجتماعه مع نتنياهو، قال أوباما إنّ بلاده تخوض المفاوضات مع إيران بعيون واعية، مع الإبقاء على كلّ خيارات التعامل مع البرنامج النووي الإيراني بما في ذلك الخيار العسكري. وأشار الى أنّ هناك تنسيقاً وتطابقاً في المواقف الأميركية والإسرائيلية من هذه القضية، مؤكّداً أنّ الهدف لا يزال منع إيران من الحصول على السلاح النووي. واعتبر “أنّ التصريحات الصادرة عن طهران لا تكفي، بل يجب عليها إقناع المجتمع الدولي بالأفعال”.

من جهته، قال نتنياهو “إنّ إيران ملتزمة القضاء على إسرائيل ممّا يستوجب إزالة برنامجها النووي”، معتبراً “أنّ ما حدا بإيران إلى العودة لطاولة المفاوضات ما هو إلّا العقوبات الدولية المفروضة عليها والمقترنة بالتهديد العسكري ذي الصدقية”.
وأكّد “وجوب تشديد العقوبات عليها إذا ما واصلت مساعيها للحصول على السلاح النووي بالتزامن مع محادثاتها مع القوى العظمى”.

الملف السوري

وعلى أهميته، لم يحجب اللقاء الأميركي ـ الإسرائيلي، الإهتمام عن الملف السوري الذي ظلّ في صدارة الإهتمامات. وفي حين يبدأ خبراء نزع السلاح الكيماوي عملهم في سوريا اليوم، جدّدت سوريا التزامها تعهداتها المتعلقة بقرار مجلس الأمن حول ترسانتها الكيماوية، والتزاماتها أمام منظمة حظر الأسلحة الكيمياوية. وقال وزير خارجيتها وليد المعلم “إنّ الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا تعرقل الجهود الدولية في نزع الأسلحة”، داعياً إلى رفع العقوبات الإقتصادية التي فرضتها الإدارة الأميركية والإتحاد الأوروبي على بلاده. وأكّد “أنّ ما يحدث في سوريا حالياً ليس حرباً أهلية، وإنّما هي حرب ضد الإرهاب”، مُتّهماً دولاً غربية بدعم الإرهابيين وتمويلهم وتوفير الملاذ الآمن لهم، وقال: “إنّ التدخل الخارجي في القضية السورية لا يتعدّى النفاق السياسي”.

لقاء سليمان ـ سلام

وعلى رغم تسارع التطورات وفداحتها في المنطقة والعالم، وبروز معطيات دولية وإقليمية جديدة، بالإضافة الى التأزّم الداخلي الشديد، لم يخرج دخان أبيض من إجتماع رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان والرئيس المكلف تمام سلام في بعبدا أمس، ما أبقى مسيرة تأليف الحكومة في تعثّر مستمر.

وعلمت”الجمهورية” أنّ الإجتماع كان صريحاً كالإجتماعات السابقة، وشدّد الرجلان خلاله على أنّ موضوع تأليف الحكومة يجب أن يُحسم بطريقة أو أُخرى، خصوصاً أنّ كلّ المواقف انكشفت، سواءٌ من خلال شروط “حزب الله” أو من خلال مواقف الأطراف الأُخرى، مضافاً إليها ملابسات إرجاء زيارة رئيس الجمهورية الى السعودية والتي كانت مقرّرة اليوم.

وفي المعلومات كذلك، أنّ سليمان وسلام اتفقا على مهلة اسبوع آخر لإجراء مزيد من المشاورات في شأن التأليف، بحيث تنجلي نتائج الإتصالات مع بعض المرجعيات العربية والدولية.

وفيما لم يُدلِ سلام بأيّ تصريح بعد اللقاء، قالت مصادر مطلعة لـ”الجمهورية” إنّ البحث تركّز حول معوقات تأليف الحكومة والظروف التي أرجأت زيارة سليمان للسعودية. وأشارت الى أنّ سليمان وسلام اتفقا على إستمرار التشاور في سبل تذليل هذه المعوقات في ضوء المواقف التي أفلتت الأزمة من عقالها وربطتها الى حدّ بعيد بالتطورات الإقليمية والدولية عموماً والأزمة السورية خصوصاً.

إرجاء زيارة أبو ظبي والكويت

إلى ذلك، ذكرت مراجع ديبلوماسية لبنانية لـ”الجمهورية” انّ تأجيل زيارة سليمان للسعودية انسحب على زيارته التي كانت مقررة لأبو ظبي غداً، على أن يحدّد موعدها لاحقاً في إطار جولة خليجية لملاحقة قضايا اللبنانيين الملاحقين أو المهدّدين بالإبعاد من الخليج.
كذلك صرف النظر عن زيارة الكويت على رغم انّ الإتصالات كانت في بداياتها الأوّلية ولم يحدّد موعدها في انتظار تحديد المواعيد في الرياض وابو ظبي.

مبادرة برّي والحوار

وإلى ان تتوافر المعطيات التي تتيح تأليف الحكومة، يتوقع أن تعود مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري الحوارية الى صدارة الاهتمامات الداخلية في الايام المقبلة.
وعلمت “الجمهورية” انّ بري سيزور رئيس الجمهورية خلال الساعات المقبلة لإطلاعه على حصيلة المشاورات التي أجرتها اللجنة النيابية الثلاثية التي كلّفها التجوال على مختلف القوى السياسية وشرح مبادرته، تاركاً له حرّية التصرّف بهذه الحصيلة، ومتمنّيا عليه الدعوة إلى طاولة الحوار.

وفيما يُنتظر ان يلتقي برّي رئيس كتلة “المستقبل” الرئيس فؤاد السنيورة قريباً في لقاء هو الثاني بينهما، رجّحت مصادر نيابية ان يبادر سليمان قريباً إلى الدعوة للحوار، خصوصاً أنّ مبادرة برّي تحدّد مدة 5 أيام لهذا الحوار، وأبرز بنود البحث فيها “الحكومة شكلاً وبيانا”، عسى ان يساعد هذا الحوار في تذليل العقبات التي تعوق تأليف الحكومة. وأشارت الى انّ هذا الحوار إذا انعقد ربّما أعطي فترة زمنية اكثر من خمسة ايام إذا اقتضى الامر، إذ إنّ لبنان في حاجة الى تهدئة ساحته الداخلية في انتظار تبلور المشهد الاقليمي في ظلّ التطورات الايجابية السائدة على صعيد العلاقات الايرانية – الاميركية والايرانية – السعودية، وكذلك العمل الاميركي – الروسي المشترك لحلّ الأزمة السورية عبر مؤتمر “جنيف – 2”.

شمعون

وفي المواقف المتصلة بالشأن الحكومي، دعا رئيس حزب الوطنيين الأحرار النائب دوري شمعون “حزب الله” الى “أن يكون واقعياً ويتلبنن مجدّداً، لأنّ إيران في النهاية تهمّها إيران”. وقال شمعون لـ”الجمهورية”: “لم أعد مستعجلاً على تأليف الحكومة ومن انتظر كلّ هذه المدة يستطيع أن ينتظر شهراً أو شهرين لتتبلور الصورة الإقليمية في ضوء المناخ الأميركي ـ الإيراني الجديد، إذ من المؤكّد انّ واشنطن لن ترضى أن يشارك الحزب المصنّف إرهابياً، في الحكومة، ولا ان يضع يده على لبنان، كذلك فإنّ وضع النظام في سوريا لم يعد مرتاحاً بعد اتفاق تدمير السلاح الكيماوي، لذلك يستعجل الحزب تأليف حكومة “على ذوقه” ويكون له فيها الثلث المعطل”.

“حزب الله”

وكان “حزب الله” كرّر تمسّكه بتأليف حكومة جامعة، وقال نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم: “بالنسبة الينا، الحكومة الجامعة هي الحلّ، وأيّ شكل آخر للحكومة سواء سمّوها حكومة حيادية أو حكومة “ثلاث ثمانات” أو حكومة أقطاب، فكلّ هذه الأشكال التي يرضى عنها جماعة 14 آذار تعني أنّها حكومات فاسدة لا تصلح للبلد”. ودعا قاسم سلام الى أن يسمع رأي الجميع وليس رأي فريق واحد فقط.

خطة طرابلس

وبعد الضاحية الجنوبية ومدينة بعلبك، حيث سيطر الجيش اللبناني على الوضع فيهما وأعاد الاستقرار اليهما، تتّجه الأنظار الى الخطة الأمنية المرتقبة لمدينة طرابلس. وفي هذا السياق، قال وزير الداخلية والبلديات مروان شربل إنّ “الخطة الأمنية التي نفّذت في الضاحية ستنسحب على بعلبك وعلى طرابلس بفضل جهود جميع المعنيين المتفاعلين الى أقصى درجة مع القوى الامنية، خصوصاً السياسيين الذين يصرّون على أن تمسك هذه القوى بمفاصل الأمن وتفرض الهدوء”. ومشدّداً على أنّ هذه الخطة “يجب أن تواكبها تنمية مستدامة لمعالجة المشكلة من جذورها”.

أحمد كرامي

وفي المواقف، استعجل الوزير أحمد كرامي وضع الخطة “التي وُعدنا بأن تكون جاهزة قبل عيد الأضحى”، لكنّه أكّد لــ”الجمهورية” أنّ “المهم ليس أن نضع خطة بل أن ننفّذها، فالتخوّف في طرابلس دائم ومستمرّ بفعل الفلتان الأمني الحاصل، والأهالي ليسوا مرتاحين وقد بدأوا يشعرون وكأنّهم ليسوا لبنانيين وأنهم خارج لبنان، وهذا مُضرّ بالدولة وبالمدينة”. وشدّد على وجوب ان تكون هناك معالجة أمنية جدّية للوضع في عاصمة الشمال.

السابق
الأخبار : “المستقبل” يكسر إرادة سليمان في الدرك
التالي
البناء : الموقف السعوديّ يُعيد اتصالات تشكيل الحكومة إلى نقطة الصفر شربل : أمن النبطية في عهدة الدولة وغداً عناوين خطّة طرابلس