اقتناع أميركي بمرور الحلّ السوري بطهران

لا تقيم مصادر ديبلوماسية في بيروت وزنا للانطباع الذي يتم تسويقه بناء على الاصطفافات السياسية في لبنان من الازمة السورية واطرافها من مكسب او انتصار حققه النظام السوري من خلال ضمان بقائه في السلطة باعتراف الولايات المتحدة الاميركية ما دام هذا النظام اصبح شريكا صامتا في ملف تنفيذ الاتفاق الروسي الاميركي حول ازالة اسلحته الكيميائية. فالضربة العسكرية الاميركية لو حصلت لم يكن هدفها اطاحة النظام بل كانت محدودة وفق ما حرص الرئيس الاميركي باراك اوباما على توضيحه مرارا وكذلك كبار المسؤولين في ادارته. وفي نهاية الامر فان الخسارة في السياسة تبقى نسبية فيما تستعيد مصادر ديبلوماسية في تنازل الاسد عن اسلحته الكيميائية التي يعتبرها سلاحه الاستراتيجي للتوازن مع اسرائيل نماذج تاريخية لاعلان الانتصار في حين كانت تتم انسحابات من المعارك. وتستعيد مصادر ديبلوماسية في هذا الاطار عبارة شهيرة للسناتور جورج آيكن في عز حرب فييتنام في الستينات من القرن الماضي والتي كانت عبئا اثقل بقوة على الولايات المتحدة في قوله ” لنعلن الانتصار وننسحب من فييتنام ” سبيلا الى انهاء التورط الاميركي واخراج الجنود الاميركيين بشرف من القتال. وهي مقولة استعادها مسؤولون اميركيون في اوقات متفاوتة وصولا الى تردادها في موضوع الانخراط الاميركي اخيرا في الحرب في افغانستان ايضا ومناطق اخرى من العالم.

ما يهم بالنسبة الى هذه المصادر بعيدا من الحسابات اللبنانية للافرقاء والتي لا تبدو قابلة للصرف في ظل ميزان قوى لا يبدو مرجحا لاحد كما هي الحال بالنسبة الى المراوحة الميدانية في سوريا بين النظام ومعارضيه، هو اذا كان يمكن الانتقال من الاتفاق الاميركي الروسي حول الاسلحة الكيميائية الى تثميره في اتجاه الاتفاق على حل سياسي للازمة السورية علما ان عودة التراشق الاعلامي والسياسي بين المسؤولين الروس والاميركيين حول صياغة القرار المتعلق بنزع الاسلحة الكيميائية السورية او حول تقرير المفتشين يظهر ان الآلية ستكون معقدة وطويلة في ظل مواقف متضاربة ومتناقضة ستعود لتظهر عند كل محطة من هذه الآلية ليس الا لكون روسيا واميركا على طرفي نقيض من الوضع السوري الداخلي واطرافه. ومع ان ثمة رأيا واسعا ان الاتفاق الاميركي الروسي حول الاسلحة الكيميائية فتح ابوابا عدة، فان الآمال ليست كبيرة في انعقاد مؤتمر جنيف 2 قريبا نتيجة اعتبارات عدة من بينها :
تكشف مصادر ديبلوماسية في بيروت ان ثمة اقتناعا اميركيا متزايدا بدأ منذ بعض الوقت وتعزز في الآونة الاخيرة لدى التوصل الى الاتفاق حول الاسلحة الكيميائية وعلى اثر كشف الرئيس الاميركي باراك اوباما انه تبادل الرسائل مع الرئيس الايراني حسن روحاني حول الوضع السوري انه لا يمكن الوصول الى حل في سوريا من دون حل مع ايران في ملفها النووي علما ان ايران لا ترتبط بالموضوع السوري من باب ملفها النووي فحسب بل من باب علاقاتها الاستراتيجية مع النظام وتورطها في دعمه كما انخراط ” حزب الله” في هذا الدعم. ولذلك شهدت الايام الاخيرة بداية رسائل او اتصالات تعكس هذا الاقتناع بحيث بات يتعزز واقع ان مؤتمر جنيف 2 لن يكون مفصولا عن المواضيع الاكبر المرتبطة بالوضع السوري والتي قد يندرج فيها ايضا وجود ايران عبر ” حزب الله” في المنطقة على الحدود الشمالية مع اسرائيل. ومع احتمالات دخول ايران الى الواجهة في الموضوع السوري ثمة متغيرات انطلاقا من واقع الرفض الاميركي السابق لمشاركة ايران في مؤتمر جنيف 1 في وقت يبدو واضحا انه حتى لو تلاقت ايران مع الولايات المتحدة وروسيا على مواجهة فئات معينة من المعارضة الجهادية، فان ايران على نقيض روسيا مثلا لن توافق على ترك الشعب السوري يقرر مصيره بنفسه وفق ما دأب المسؤولون الروس على القول لان اي انتقال ينتهي بخيارات الشعب السوري لن تقبل بها ايران لان الشعب السوري سيفصل بين سوريا وايران على غير ما تطمح ايران في تكريسه في سوريا في حال تخليها عن الاسد لمصلحة حكم بديل.

يخشى كثر ان مؤتمر جنيف المقبل الذي يفترض ان يبني على مؤتمر جنيف الاول الذي انعقد في حزيران 2012 والذي كانت خلاصته اقامة حكومة انتقالية تتمتع بصلاحيات كاملة بات يصطدم بواقع ان النظام السوري امسك بورقة مهمة وهو انه ليس مضطرا الى ان يشارك في مؤتمر جنيف 2 تحت هذا العنوان فيما بات شريكا ضمنيا في الاتفاق لتنفيذ ازالة الاسلحة الكيميائية. وهذا التطور ثبتت استمراريته حتى الانتخابات الرئاسية السورية في منتصف السنة المقبلة بموافقة اميركية الى جانب الدعم الروسي والايراني في هذا الاتجاه علما ان الولايات المتحدة والغرب عموما كان مسلما بهذا الواقع من دون اعلانه في الوقت الذي يجري البحث وراء الكواليس في سبل الوصول الى توافق سياسي على مرحلة ما بعد الاسد تبدأ بعد انتهاء ولايته الرئاسية في تموز المقبل. واستكمالا لذلك يجد كثر ايضا صعوبة كبيرة بالنسبة الى المعارضة وداعميها الاقليميين بالقبول بمؤتمر جنيف 2 لا يبحث تنفيذ مقررات جنيف 1 علما ان هناك الكثير من غير المعلوم في نتائج الانفتاح الايراني على الغرب كما في تصويب علاقات ايران في علاقاتها بدول الخليج العربي قبل اي تحرك محتمل في الشأن السوري.

السابق
قدرة حزب الله الصاروخية هي الثامنة عالمياً
التالي
اليونيفل احتفلت باليوم الدولي للسلام