حزب الله لن يُسهِّل التأليف

المراهنون من فريق 14 آذار على تأليف حكومة بلا «حزب الله» سقط رهانهم لأنهم لم يتمكنوا من تأليف مثل هذه الحكومة حتى الآن، والمراهنون منهم على تأليف حكومة يشارك فيها «حزب الله»، ومن دون ثلث التعطيل، فشل رهانهم أيضاً لأنهم لم يتمكنوا من الوصول الى مثل هكذا حكومة!

والمراهنون في المقلب الآخر، أي في فريق 8 آذار، على تأليف حكومة مع الثلث المعطل سقط رهانهم ايضاً وايضاً حتى الساعة، مع فارق بسيط هو انّ حكومة هذا الفريق لا تزال موجودة وتُصرّف الاعمال الى أن يقضي الله أمراً كان مفعولاً!!

والحق يقال إنّ فريق 14 آذار سعى جاهداً، ومنذ استقالة الحكومة الحالية وتكليف الرئيس تمام سلام، الى تسويق “حكومة حيادية” لا تضمّ الفريقين 8 و14 آذار وتقتصر مهمتها على تسيير شؤون البلاد والعباد، ولو بالحدّ الادنى، وصولاً الى عتبة الاستحقاق الرئاسي في أيّار المقبل، الّا انه لم يوفق في ذلك نظراً لاعتراض الفريق الآخر على مثل هذه الحكومة بحجة انّ ليس هناك من احد حيادي في البلد.

وخلاصة القول في الموضوع الحكومي إنّ حزب الله لن يسهّل تأليف أيّ حكومة في المدى المنظور إلاّ بشروطه، فيما فريق 14 آذار ليس مستعداً لقبول هذه الشروط لأنها بالحدّ الادنى تعيد استنساخ الحكومة الحالية المستقيلة والتي يرفضها في الاساس.

والسؤال الأساسي في هذا الاطار هو: لماذا رفض حزب الله ومعه بقية اركان فريق 8 آذار الحكومة الحيادية اولاً، ثم رفض لاحقاً ايّ حكومة لا يحصل فيها على الثلث المعطل وعلى ثلاثية الجيش والشعب والمقاومة؟

اولاً، يعتبر حزب الله انّ الحكومة الحيادية المفترضة بالنسبة اليه هي حكومة “تآمر ومؤامرات”، وبالتالي هي حكومة 14 آذار مقنَّعة لا يثق بها على طريقة “من ليس معنا فهو عدونا”.

ثانياً، لن يسهّل حزب الله تأليف أيّ حكومة لا تلبي شروطه السياسية، اي تلك التي لا تعطيه الغطاء الكامل لسلاحه ولقتاله في الداخل السوري، بمعنى حكومة يكون فيها الطرف الآخر مجرد صورة للبصم أو للاعتراض، لا فرق بالنسبة اليه، طالما انه يستطيع اقالتها متى يشاء مثلما حصل لحكومة الرئيس سعد الحريري، او بالحدّ الادنى، حكومة شبيهة بالحكومة الحالية.

ثالثاً، لأنه يلعب في السياسة على طريقة “win – win” (أي “رابح – رابح”) على كلّ الجهات، فإمّا حكومة على خاطره ومزاجه تريحه وتلبّي مستلزماته، والّا فحكومة تصريف الاعمال الحالية هي بالنسبة اليه “الحكومة الفضلى” التي يستطيع من خلالها مع بقية فريق 8 آذار القيام بما يشاء من اعمال بحجة تصريف الاعمال في الداخل ومتابعة قتاله في الداخل السوري، شاء الآخرون ام أبوا، على أن تتغيّر الاوضاع من حال الى حال.

هل ستستمرّ الاوضاع على حالها والى متى!؟

الواضح انها مستمرة طالما انّ الوضع في المنطقة والاقليم لا يزال على حاله، بمعنى انّ الامور لا تزال “طابشة” لمصلحة فريق 8 آذار الاقليمي والذي ينعكس بدوره على المحلّي بطبيعة الحال.

اما مسألة الى متى! وما إذا كان المراهنون على انقلاب في موازين القوى سينتظرون طويلاً؟ فالجواب حتماً هو نعم، خصوصا انّ المطلعين والعارفين بينهم يدركون أنّ افضل الحالات المقبلة او الطموحة هي الوصول الى تعديل في هذه الموازين لكي تصبح متوازنة، ولو بحدها الادنى.

أما مسألة انقلاب تلك الموازين بكاملها فأمر بالغ الصعوبة وصعب المنال مع استمرار الظروف السائدة والمتحكّمة بالمنطقة ولبنان منها، على النحو الذي هي عليه منذ العام 2008 وحتى اليوم، هذا اذا كان هناك من تفاؤل… والعبرة بالتأكيد ستكون في الايام المقبلة!

السابق
حقيقة المواجهة الأميركية ـ الروسية
التالي
المقداد يكشف عن تحضيرات لنقل “كيمائي” الأسد للعراق