ومع اقتراب العدوان المتوقع على سوريا، ما زال موقف الجمهورية الاسلامية يراوح بين حدين: الأول، مجمل ويؤكد على الوقوف الى جانب الحليف السوري من دون تردد. الثاني مبهم ويتحدث عن هزيمة تلحق بأميركا ونيران تشعل المنطقة، من دون الافصاح عن دور ايران الفعلي وتحديد ما يمكن ان تقوم به في الردّ على العدوان. فطهران لم تذهب بعد الى الحدّ الاقصى من التصعيد في التعبير عن موقفها من الحرب. ذلك على الأرجح يندرج في اطار استدراج واشنطن الى مصيدة أعدت لها بإحكام، فضلا عن أن الإبهام والإيهام يشكلان عنصرين في استراتيجية المواجهة التي ستعتمدها طهران في التعامل مع واشنطن.
خلاصة القول، إن العدوان المرتقب على سوريا يستهدف، كما يرى الايرانيون، وجود ايران في المنطقة، وقد يمهد في مرحلة لاحقة لحملة مباشرة وأكثر عدوانية، تستهدف الجمهورية الاسلامية نفسها. وعليه، فإن طهران لا تملك خيارا سوى رسم خط أحمر يمنع سقوط النظام السوري أو حتى اختلال موازين القوى لمصلحة الجماعات المسلحة. وهي- طهران – لا تملك أيضا غير استنفار كل امكاناتها الى جانب دمشق، بدءا من الدعم اللوجستي والعسكري والاستخباراتي، مرورا بالتخطيط والمشاركة في ادارة المعركة، وصولا الى حد المشاركة الميدانية المباشرة. الامر هنا يتوقف على مجريات الوقائع على الارض وحاجة الجيش السوري الفعلية للدعم.
على هذا، لم يكن كلام قائد الثورة الاسلامية عن «احتراق المعتدين بنيران الحرب التي يريدون اشعالها» من قبيل التنبؤ والتوقع بمقدار ما كان من موقع العارف والمخطط وصاحب القرار. ولعل في تسريب طهران أقوال الجنرال قاسم سليماني الى الحيز الإعلامي مؤشرا على استعداد الايرانيين للذهاب هذه المرة الى حد المواجهة الفعلية. فالرجل ليس من أصحاب المنابر والتصريحات، بل من أصحاب الفعل والمهمات الصعبة. وهو لدى الحرس الثوري مقابل اميركا نظير عماد مغنية لدى «حزب الله» مقابل اسرائيل. يشهد له على ذلك، كما يردد الايرانيون، أعماله البطولية ضد الاحتلال الاميركي في العراق، وتقديمه الى الواجهة في هذا الوقت، لا يعكس حالة معنوية بمقدار ما يشكل عنوانا ايرانيا لمرحلة مقبلة.
ايران لا تريد الحرب، لكنها مستعدة للانخراط فيها، وأميركا تريد الحرب ولكنها مترددة في خوضها. ولعل المرحلة المقبلة ستفسح في المجال امام اختبار قوة واشنطن في مواجهة خصومها، وتظهير مصداقية طهران في الوقوف الى جانب حلفائها.