نظرية هنتنجتون … تتحقق

التاريخ البشري, هو مجموع الحضارات المتزامنة, والمتعاقبة على الأرض,هذه الحضارات نشأت في ظروف متباينة, وفي بيئات مختلفة, وفق قوانين التطور البشري عقليا, وقيميا, وماديا.
فالصراع الحضاري ليس وليد فترة زمنية محددة , او نطاق جغرافي واحد ,بل هو متجذر في التاريخ البشري وغالبا ما كان دافعه الاساسي مصادر الثروة , فلقد كان هنالك صراعات حضارية دائما شهدها العالم .
فبعد سقوط الامبراطورية العثمانية حامية الأمة الاسلامية , واتجاهها نحو العلمانية على يد مصطفى كمال وتشتت الدول الاسلامية استعماريا ,وزوال الخطر الاسلامي في المنظور الغربي , اتجهت الأنظار الى القوة البارزة كقوة منافسة للغرب في تلك الحقبة الاتحاد السوفياتي ,ومع سقوط الاتحاد السوفياتي ونهاية الحرب الباردة , عادت الانظار لتسلط على الاسلام كخطر على الغرب ,وذلك ناجم عن نظرية الصراع الحضاري الافتراضي الدائم التي تعتاش عليه القوى المهيمنة من اجل الاستمرار في هيمنتها على الثروات, وتفوقها على الدول الأخرى.
فسقوط الشيوعية أزال عدوا مشتركا للغرب والاسلام وترك كلا منهما لكي يصبح الخطر المتصور على الآخر.
إن نظرية هنتنجتون الرئيسة تقول بأن خطوط التقسيم بين البشرية ستصبح ثقافية,إذ ستختلف الحضارات, التي تعد ذات التنظيم الثقافي الأقصى, عن بعضها من ناحية الدين, والتاريخ, واللغة, والتقاليد. وستصبح الخطوط الفاصلة بينها عميقة ودائمة الأهمية. فمن يوغوسلافيا، مرورا بالشرق الأوسط، إلى آسيا الوسطى تحدد خطوط انقسام الحضارات جبهات الصراع في المستقبل. وفي بداية مرحلة الصراعات الثقافية هذه يجب على الولايات المتحدة الأمريكية أن تكوّن تحالفات مع الثقافات المماثلة، وأن تنشر قيمها إلى أبعد حد ممكن. كما يجب على الغرب أن يتجه نحو الثقافات الأجنبية. بيد أنه لا يجوز له أن يخشى المواجهات.
فالعوامل الثقافية المشتركة والاختلافات هي التي تشكل المصالح والخصومات وتقاربات الدول. والدول تحدد مصالحها على أسس حضارية تتعاون وتتحالف مع دول ذات ثقافات مشتركة وغالبا ما تكون في حالة صراع مع دول تنتمي لثقافات مختلفة, التهديدات عادة تأتي من دول مختلفة عنا ثقافيا.
كل حضارة تستند على دين معين و مجموعة من القيم. أما الصراع فيحدث بين هذه الحضارات بسبب النمو الديموغرافي المتسارع و العولمة التي تزحف باستمرار. فالعالم الغربي يريد تغريب بقية العالم.
فاليوم اذا ما نظرنا الى واقع المجتمعات العربية والاسلامية , نجد هذه المجتمعات عبارة عن تكتلات بشرية غير متجانسة ايديولوجيا وفكريا , وهذا ما برز جليا بعد ما عرف بثورات العالم العربي , حيث انكشفت التناقضات الفكرية داخل هذه المجتمعات , وتقسمت على أساس تكتلات بشرية ذات فكر واحد لا يقبل أصحاب الفكر الاخر .
فبعد ما سمي بالربيع العربي , ظهرت المجتمعات مقسمة , ما بين الاسلاميين , والليبراليين والشيوعيين والقوميين والعلمانيين , فطبعا هذه الافكار كانت موجودة ولكنها لم تكن ظاهرة للعلن كقوى سياسية واجتماعية , والأخطر من ذلك انه لم يكن يعلم اصحاب كل فكر انهم لن يتقبلو نتائج العملية الديموقراطية وحكم اصحاب الفكر الاخر وهذا ما ظهر في مصر .
فجميع هذه الافكار باستثناء الفكر الاسلامي , هي افكار غربية مستوردة أو مقلدة , وهذا ينضوي تحت سياسة التغريب , مع العلم ان هذه المجتمعات هي من المفروض انها مجتمعات اسلامية , والفكر الاسلامي أصبح ايضا مشتت ما بين التيارات الاسلامية المختلفة والتي يكن العداء بعضها للبعض الاخر , وهذا ما تكلم عنه المفكر الاميريكي هنتنجتون عن الغزو الثقافي للمجتمعات .
“الربيع العربي ” كشف كل العيوب بالاضافة الى درجة الاهتراء العامة للمجتمع العربي والاسلامي.
نحن لسنا على الاطلاق أمة واحدة , نحن مجموعة قبائل مشتتة الأفكار والتوجهات والأهداف , تسيطر عليها العصبية وياكلها التعصب الاعمى والنزعة الالغائية , لكل قبيلة ذئب بقناع راعي , شهوانية تعشق الجاهلية .

السابق
ما الذي يحدث لأردوغان؟
التالي
حزب الله متمسك بحكومة الوحدة الوطنية ولا اتصالات