الحرب الاستباقية من بوش الى حزب الله

عندما استفحل الارهاب في العراق درج الكثير من الباحثين والسياسيين ورجال الدين الى تبني مقولة ان التدخل الاميركي في العراق هو ابرز اسباب انفجار هذه الظاهرة، لابل قال الكثيرون ان تنظيم القاعدة هو ابن الاحتلال السوفياتي لافغانستان . وكان من الثوابت في خطاب الممانعين والمعتدلين، القول ان الدخول الاميركي الى الكويت لاخراج الجيش العراقي منها عام ١٩٩١ ، وبناء القواعد الاميركية في ارض الحجاز، من ابرز اسباب المواجهة بين الاميركيين وانظمة الخليج من جهة و القاعدة من جهة ثانية.
وقد قام تنظيم القاعدة خلال العقدين الماضيين بعمليات ارهابية في معظم الدول العربية، دول الخليج، العراق، مصر، المغرب العربي. ولا ننسى العمليات النوعية التي نفذها في دول غربية، واشهرها ما جرى في ١١ ايلول ٢٠٠١.

لم يكن لبنان يوما مسرحا لعمليات هذا التنظيم، ورغم نشاطه في العراق طيلة عقد من الزمن، واستهدافه لمراكز شيعية دينية لم تتمدد عملياته الى لبنان.  بمعنى ان الحرب المذهبية التي ظهرت دمويتها عبر حرب المتفجرات للمراكز الدينية في العراق، لم تجعل لبنان ،وخصوصا مناطق نفوذ حزب الله، هدفا لهذا التنظيم طيلة السنوات الماضية. وهذه حقيقة جديرة بالبحث والتأمل، لا سيما مع ما يشهده لبنان اليوم من تفجيرات تحمل بصمات القاعدة، خصوصا تفجيري بئر العبد والرويس الاخيرين.
اذاً العزف على اوتار الفتنة المذهبية، لم تجعل شيعة لبنان هدفا للقاعدة في السابق، فهل بات الشيعة اللبنانيون عرضة للاستهداف اليوم؟

ما الذي تغير اليوم، لكي يبرز الصراع بين التكفيريين وحزب الله، لماذا لم ينشب هذا الصراع قبل الآن؟
عندما دخل الاميركيون الى افغانستان ثم العراق، كان لسان حالهم يقول انهم يريدون استئصال الارهاب الذي وصل الى عقر دارهم. خرج الاميركيون من العراق وبقي الارهاب. حزب الله ذهب الى سوريا ليقاتل التكفيريين، وروج انصاره للحرب الاستباقية ، بمقولة ما غزي قوم في عقردارهم الا ذلوا، رغم ان هدايا القاعدة الدموية لم تصل الى لبنان او مناطق حزب الله ، لكن بهذه المقولة جرى تبرير قتال التكفيريين في سوريا، كما يسميهم حزب الله. من دون ان نعرف حتى اليوم كيف يتم التمييز بين التكفيري وغير التكفيري في ميدان القتال في سورية.

هذه المقولة كما تبين من التفجيرين الاخيرين في الضاحية، نجحت في استدعاء مجموعات ارهابية لتبدأ حربا على الشيعة في لبنان بعدما كان لبنان بمنأى عن اجرامها طيلة عقد من التفجيرات المذهبية في العراق.
الحرب الاستباقية، ومقولة الغزو في سوريا وجهان لنظرية واحدة نتيجتهما تمدد القاعدة وانتشارها الدموي، من العراق الى لبنان…واكثر.

السابق
الجيش الحر يتوعد نصرالله
التالي
الحريري: خطاب نصر الله لم يكسر حلقة الإحتقان