كلام الرئيس

لم يستغرب أحد الحملة المنسقة لفريق حزب الله المسمّى الثامن من آذار على الرئيس ميشال سليمان لأنه نطق بالحق ووضع الإصبع على الجرح العميق في الجسم اللبناني لأنه لامس في خطابه التاريخي في مناسبة العيد الثامن والستين للجيش اللبناني إطار المقاومة ووظيفة سلاحها الأساسية التي تخطت الحدود اللبنانية ولا في كلامه عن الوضع الحكومي الذي يجب البتّ به بقيام حكومة حيادية.
فهذا الفريق لم يعجبه كلام رئيس الجمهورية عن المقاومة ودورها وحدود هذا الدور ولا عن الاستراتيجية الدفاعية وحدودها، وما يجوز وما لا يجوز، لأنه لا يرى إلا بعين واحدة، ولا ينظر إلى مصلحة الوطن إلا من زاوية واحدة، وهي إرضاء المقاومة والتغاضي عن تصرفاتها التي تجاوزت بأشواط بعيدة حدود الأهداف الحقيقية التي وجدت لأجلها هذه المقاومة، ولم يعجبه أن يقف رئيس الجمهورية المؤتمن بموجب قَسَمِهِ على وحدة الدولة والوطن وسلامتهما ويقول الحقيقة كما هي، وليست كما يريدها حزب الله وجوقته، وهي أن هذه المقاومة خرجت عن وظيفة سلاحها الأساسية بعدما تخطت الحدود اللبنانية لتقاتل في صفوف النظام السوري ضد شعبه الذي يخوض بجدارة معركة الحرية والكرامة والديمقراطية وتداول السلطة، ليس فقط من أجل إحراج لبنان بل لنقل النار السورية إليه، وتنسى هذه المقاومة، أو تتناسى عن قصد أن مهمتها محددة بمقاومة الاحتلال حتى خروجه عن كل الأراضي اللبنانية، وبعدم استخدام أو تحويل هذا السلاح إلى الداخل لقتل الشعب اللبناني، أو استخدامه في أغراض لا علاقة لها من قريب أو من بعيد بأي احتلال موصوف أو مفترض بقدر ما يهدف الى زج لبنان في مشاكل لا علاقة له بها لا من قريب ولا من بعيد، وأن تدخله فيها لا يجر عليه سوى المشاكل ونقل حروب الآخرين الى ساحته.
لم يخطئ الذين وصفوا خطاب الرئيس ميشال سليمان هذا بالخطاب التاريخي، لأنه فعلاً يستحق مثل هذا الوصف لأنه للمرة الأولى يقف مسؤول في أغلى مناسبة وطنية هي عيد الجيش ويجاهر بحقيقة تورط حزب الله في القتال إلى جانب النظام السوري وداخل الأراضي السورية، ثم يدّعي، متجاهلاً عقول الناس بأن المقاومة وجدت فقط لمقاتلة اسرائيل التي ما زالت تحتل أجزاء من الأراضي اللبنانية المسماة مزارع شبعا حتى إخراجها من آخر شبر من الأراضي اللبنانية، ولكن مع الأسف الشديد لا يزال هناك فريق من اللبنانيين لا يريد أن يفهم بأن تصرف هذه المقاومة خرج عن إطاره الأساسي وأدخل لبنان في أزمة ارتدادات هذا التدخل وتداعياته ما يؤكد من جديد على حقيقة وهي أن حزب الله هو ليس لبنانياً بل فصيلاً من فصائل الحرس الثوري في إيران، زرع في هذه البقعة من أجل خدمة المشروع الإيراني فقط لا غير، ويبقى القول أن كلام الرئيس رئيس الكلام!

السابق
فيروز بلا منزل!
التالي
التسوية في مصر تتلاشى