شعرة في رأس حزب الله

I ـ أوروبا: الوجه الأميركي البشع

أقدم الاتحاد الأوروبي على وضع ما يسمى «الجناح العسكري» في «حزب الله» على لائحة الإرهاب. استثني الحزب وصوِّب على البندقية. المطلوب إسقاط السلاح والحفاظ على اللغة، بالديبلوماسية والسياسة.
لا غرابة في ما أقدمت عليه دول الاتحاد الأوروبي، بالضغط الأميركي والابتزاز الإسرائيلي والتأييد العربي وحماس فريق لبناني، مستنصر بغيره، لا بذاته.
لا غرابة، فسيرة أوروبا، بعد رحيل عظمائها، الامتثال المتنامي للإرادة الأميركية والتماهي مع نظامها السياسي، ووفائها لشروط وفروض العولمة. استثناءات العصيان الأوروبي نادرة: الجنرال شارل ديغول، وشق عصا الطاعة النووي على واشنطن، ووقوف فرنسا، في مجلس الأمن، بلسان وزير خارجيتها فيليب دوفيليان، ضد غزو العراق. لقد غدت الطاعة الأوروبية للولايات المتحدة الأميركية قاعدة مقدسة، ولو كانت الطاعة تشكل إهانة للقارة العجوز.
أدوارد سنودن، المستشار السابق في «وكالة الأمن القومي» الأميركية، كشف عن برامج المراقبة الأميركية لعدد من دول أوروبا، من خلال التسلل إلى سفاراتها في واشنطن. غضبت أوروبا، رفعت صوتها احتجاجاً، ولكنها لم تحمِ سنودن، ولم تسارع إلى إعطائه حق اللجوء السياسي. بل أقدمت على إغلاق مجالها الجوي أمام طائرة رئيس بوليفيا إيفو موراليس، العائد إلى بلاده بعد زيارة إلى موسكو، بحجة أنه يهرّب في طائرته المستشار المطارد من قبل واشنطن، ادوارد سنودن.
أوروبا هذه، ليست في هذا السياق، سوى التابع والخادم الأمين للسياسات الأميركية… فإذا كانت غير قادرة على الدفاع عن نفسها ومصالحها وكرامتها، فلا يُنتظر منها أن تدافع عن سنودن وتحميه، أو تدافع عن مصالحها، لتبرئة «حزب الله» من تهمة الإرهاب.
وجه فرنسا البشع، يظهر على حقيقته في قضية استمرار اعتقال المناضل جورج ابراهيم عبدالله. القضاء الفرنسي أصدر قراره بالإفراج، ولو بعد مماطلة وتأجيل، وطلب من السلطات الفرنسية تنفيذ هذا الأمر. كان جورج عبدالله قد وضّب كتبه وحوائجه استعداداً للخروج، وبيروت استعدت لاستقباله، كرمز نضالي لبناني، قومي وأممي. لكن الأوامر الأميركية التي صدرت، تم الامتثال لها، باحتيالات قانونية، ما جعل صورة فرنسا، تشبه سجاناً في سجن غوانتنامو المذل والمهين.
لأوروبا، سمعة حسنة في خطابها المشبع بالمبادئ وحقوق الإنسان والحريات والديموقراطية. ولهذه الأوروبا، سمعة سيئة في سياساتها الانتقائية ومعاييرها المزدوجة.
ليس لأوروبا سجل نظيف في ما يتعلق بفلسطين. ليس لها سجل نظيف في دعمها لأنظمة الاستبداد العربي. ليس لها سجل مقبول في تعاطيها مع القوى الديموقراطية والعلمانية والتقدمية العربية. ليس لها سجل نقي، في تعاملها مع المقاومة. وهنا بيت القصيد.
فرنسا المقاومة الباسلة في مواجهة ومقاتلة العدو الاحتلالي النازي، بالسلاح والمتفجرات والاغتيالات، جزء من تراث هذا البلد، وامتداد لتراث الثورة الفرنسية. فرنسا هذه، تستبسل في الاعتداء على المقاومات العربية، بأي صيغة كانت. لقد لقبت عبد الناصر بهتلر النيل، يوم وقف دفاعاً عن سيادة مصر على قناة السويس، ويوم دعم الثورة الجزائرية. كما نزعت الكوفية عن رأس «أبو عمار» قبل «الكادوك» الشهيرة، ورسمت على جبينه الصليب النازي.
من كان هذا تراثه السياسي، ومناقضاً لتراثه الفكري، يستسهل تسمية مقاومة «حزب الله» بالإرهاب.
وجه فرنسا هذا، وجه قبيح جداً، تتشبه به وجوه أوروبية وتتفوق عليه بشاعة.

السابق
اذهبوا إلى الحوار!
التالي
خلافٌ على التفسير بعد إجماع على القرار