اتهام حزب الله يلغي التمايز الأوروبي

يقرأ «حزب الله» في القرار الأوروبي إدراج «الجناح العسكري» على لوائح الإرهاب، من زاوية داخلية تتصل بتعامل الأفرقاء الداخليين معه، وأخرى أوروبية متصلة بموازين القوى العالمية ومراكز القوى.

من المتوقّع أن “تستفيد” “14 آذار” من هذا القرار للتشدد في الاستحقاقات قيد النقاش في البلد، ومنها تأليف الحكومة، وفي تحسين شروط المواجهة السياسية التي تخوضها ضد فريق “8 آذار” على أكثر من صعيد. وقد تلجأ هذه القوى الى تصعيد موقفها حيال مشاركة الحزب في أي تشكيلة حكومية مقبلة، على قاعدة “عدم استفزاز الخارج، وتخريب علاقات لبنان مع المجتمع الدولي”.

الأمر الذي يبدو وكأنه جاء ليواكب ويسند حملة كبيرة خاضتها قوى “السيادة والاستقلال”، ضد تمثيل “حزب الله” في الحكومة العتيدة بدعم إقليمي وعربي. والقرار الأوروبي الأخير يمثل فرصة بالنسبة اليهم لتفعيل وتزخيم الحملة وجعلها تكتسب مشروعية في الرأي العام اللبناني.

في هذا الشأن، “حزب الله” باقٍ على موقفه، قبل القرار وبعده، وهو يصرّ اليوم اكثر على المشاركة، من زاوية الحفاظ على الميثاق والتمثيل العادل بين الطوائف، ومن باب عدم تعريض “المقاومة” للانكشاف وترك السلطة التنفيذية في أيدي من يهلّلون لقرار تصنيفها “منظمة إرهابية”، على رغم كل التضحيات التي قدّمتها من أجل لبنان.

وهنا، تحذّر مصادر قريبة من “حزب الله” من الاندفاع نحو تأليف حكومة أمر واقع أو حكومة ناقصة التمثيل. فهذا الأمر حسب المصادر عينها يمثّل في نظر الحزب استكمالاً للخطوة العدوانية التي اتخذتها أوروبا، ويترك أثراً سلبياً على الوضع العام في البلاد، التي تحتاج الى قوى سياسية تتصرف بمسؤولية تاريخية نظراً إلى الوقائع المتسارعة التي يشهدها لبنان والمنطقة.

وحدها حكومة الوحدة الوطنية قادرة على “تجنيب” لبنان تداعيات الموقف الأوروبي الجديد، والأزمات المتفجرة من القاهرة الى بغداد الى دمشق، ومن يفكر بغير هذه الطريقة اليوم، يدفع نحو الفتنة والمزيد من الانقسامات والاصطفافات.

أما حيثيات القرار، فترى المصادر عينها أنّ أوروبا أضرّت بنفسها ومصالحها في لبنان والمنطقة، من خلال إعلان معاداتها للمقاومة، وإلغاء أي تمايز كانت تتمتّع به قياساً بالمواقف الأميركية والإسرائيلية.

وأوروبا من خلال تصنيف “حزب الله” على لوائح الإرهاب، من دون الاستناد الى معطيات قانونية وحقوقية وجيهة، تؤكد أنها أصبحت ملحقة بالسياسات الأميركية بشكل كامل، ولم تعد طرفاً يتمتع بموقعية خاصة تسمح له بلعب أدوار لا يستطيع الآخرون لعبها.

سقطت نظرية “السياسة الخارجية الأوروبية، وانتهى تمايزها مع السياسة الخارجية الأميركية”، وهذا الأمر ليس مستغرباً. هذا هو حجم أوروبا التي كانت تملك هامشاً في السياسة الخارجية، بعدما أوكلت سياساتها الدفاعية إلى “الناتو”، وربطت سياساتها الاقتصادية بالأميركيّين.

لقد أفلست دول أوروبية وشارفت دول أخرى على الإفلاس، عقب الأزمة المالية التي ضربت واشنطن. لم يكن لدى أوروبا التي تحنّ دولها إلى الماضي الاستعماري، سوى بعض الفروقات الشكلية التي تميّزها عن الولايات المتحدة، وبقرارها ضد “حزب الله” تكون قد أعلنت ضياع هذا الهامش، ولو على قاعدة المصالح.

وفي سياق التداعيات، تنفي المصادر أن يؤثر القرار الأوروبي مباشرة في المقاومة وقدراتها وجهوزيّتها، لكنها تعتبره إشارة توجّه إلى إسرائيل لشنّ عدوان على لبنان في أي لحظة تجدها مؤاتية. لقد كانت إسرائيل أول من رحّب بالقرار، وهذا يكفي لتتبيّن الجهة التي استفادت منه، والتي ستحاول ترجمة هذه الإفادة في اي وقت.

فتوجيه رسالة رفض مشاركة الحزب في سوريا لا يَكون بتعريض لبنان وكشفه أمام المخاطر الإسرائيليّة، ولا بإعطاء بعض اللبنانيين مادة خارجية للاستقواء على شركائهم الداخليين. هذان العاملان كانا على الدوام مسؤولين عن تدمير لبنان: إسرائيل والاستقواء بالخارج.

السابق
اوغاسبيان: الحريري منفتح على الحوار
التالي
مسؤول إسرائيلي: قدرات حزب الله الصاروخية تفوق قدرة تصدي إسرئيل