أمثولة مصر وجيشها

ما جرى في مصر بالأمس كان حدثاً كبيراً بكل الأبعاد.
حدث سيترك منذ الآن فصاعداً تداعياته الإيجابية على كامل المنطقة العربية من دون إغفال التحديات التي ستقف في وجه مسيرته.
وهذا هو الدرس الأهم لحقائق التاريخ والجغرافيا: ما تكون عليه مصر، تكون عليه حال العرب، فإذا كانت مصر قوية منيعة، كان العرب كذلك، وإذا كانت مصر ضعيفة منقسمة على نفسها، صار العرب غرباء في هذا العالم، كل واحد منهم يغنّي على ليلاه.
فمصر كانت ولا تزال قبلة العرب في الثورة والوحدة والمقاومة والوسطية والاعتدال الديني.
وفي قلب مصر يقف جيشها الوطني والعربي حامياً لهذه المعادلة، ولهذا الدور المحوري الذي لطالما أدّته القيادة السياسية في مصر زمن المد القومي العربي على أكمل وجه، حين استحقّت حب الجماهير العربية قاطبة من المحيط إلى الخليج واحترام العالم، حتى في أقسى لحظات الهزيمة.
لقد أثبت الجيش المصري البارحة بما قام به من إجراءات استثنائية شُجاعة أنّ دور الجيش الحقيقي هو حماية الإرادة الشعبية وتحقيق مطالبها المحقة في الحرية والكرامة والوسطية في وجه أي قوة عاتية ومتجبّرة، سواء أتت من الداخل أو من الخارج.
فالجيش هو حامي الناس والمدافع عن أرواحهم وممتلكاتهم بدمائه وتضحياته الكبيرة التي لا تنضب، ولا يُعقل أنْ يرفع سلاحه بوجه شعبه، وأنْ يوجّه رصاصه إلى صدورهم أو ظهورهم، ولا يُتصوّر أنْ يدك الجيش بمدافعه وطيرانه وصواريخه منازلهم وأحياءهم وقراهم، تحت أي ذريعة كانت، لأن مثل هذا الأمر يعني سقوط قدسية السلاح وشرعيته، ما يحوّل الجيش من جيش الوطن والشعب إلى جيش النظام والحاكم المستبد.
ما فعله الجيش المصري يشكّل أمثولة حيّة في الوطنية والحفاظ على الدولة والانحياز إلى ثورة الشعب. أمثولة على كل الجيوش العربية حفظها جيداً.

السابق
سييرا رعى تقليد أوسمة للكتيبة الماليزية
التالي
اجتماع استثنائي للمجلس الشرعي في صيدا غداً