حزب الله وسورية: الهرمل اولى الفواتير

ولاية الفقيه لا تستطيع ان تزيل من نفوسهم انهم ينفذون واجبا مكروها.
"ايديولوجيا المقاومة" تتحول الى حالة مذهبية معزولة في محيطها
الاثنين 15 نيسان 2013

القصف على القرى اللبنانية هو اعلان ميداني، بالدم والنار، بادخال مناطق لبنانية ضمن ساحة الاشتباك السورية. وهو ان كان مرفوضا من قبل اللبنانيين عموما، وابناء تلك القرى الحدودية التي استهدفت بالقصف والمرشحة للاستهداف على وجه الخصوص، فان اي مراقب يتوقع هذا القصف الصاروخي على اثر بيانات عدة كانت صدرت عن الجيش السوري الحر خلال الاشهر الماضية، وهددت بقصف الاراضي اللبنانية في حال استمرار انخراط حزب الله في المواجهات السورية، وهو ما ظلت تؤكد حصوله المعارضة السورية من دون ان يقابل هذه الاتهامات ما تجب من نفي واضح وصريح من قبل حزب الله. بل عزز سقوط ضحايا من محازبيه اللبنانيين داخل سورية هذا الاتهام الذي بات راسخا لدى الرأي العام السوري، ولدى الاطراف الاقليمية والدولية.
هل بدأت التداعيات العسكرية لانخراط حزب الله في الازمة السورية تصيب لبنان؟
هذا ما تكشفه عمليات القصف التي طالت بلدتي القصر وحوش السيد علي في قضاء الهرمل امس، وادت الى مقتل مواطنين لبنانيين وجرح آخرين. القصف تبناه الجيش الحر بعد كشفه، في بيان امس، عن مواجهات خاضها مع الحزب داخل الاراضي السورية، وزعم استهدافه مراكز للحزب داخل الاراضي السورية، كما تبنى رسميا وللمرة الاولى قصف الاراضي اللبنانية.
هي الازمة السورية التي تجرجر حزب الله، وما جرى في البقاع امس هو من التداعيات غير المحسوبة لديه، لأنها تتنافى مع ما اظهره من حرص تنفيس الاحتقان الداخلي باندفاعه نحو تسمية النائب تمام سلام لرئاسة الحكومة، وتضحيته بالحكومة الاحادية وقبوله بحكومة وحدة وطنية. وهو يدرك ان هذه الخطوات كفيلة بتبريد الرؤوس الحامية السنية التي شكلت حكومة الرئيس نجيب ميقاتي مصدرا اساسيا لخطر اشتعالها فتنة مذهبية. وما يجري على الحدود الشمالية هو من التداعيات ايضا، لأن حزب الله لم يكن تدخله في سورية يستهدف فتح جبهة على الحدود مع المعارضة السورية، بل فقط تثبيت نقاط ارتكاز له في الداخل السوري تملأ فراغا عسكريا وامنيا سببه عجز الجيش النظامي عن ملئه في ظل المواجهات التي يخوضها بالداخل السوري.
الظاهر مما يحمله هذا القصف على لبنان ان زمام المبادرة لم يعد بيد النظام السوري ولا حزب الله كما كان عليه قبل اشهر، وقدرة النظام السوري على تحقيق انجازات عسكرية وسياسية باتت شبه مستحيلة ان لم تكن معدومة، في وقت تبدو مشاركة حزب الله بمساندة النظام، مرشحة الى مزيد من جرجرته في وحول الفتن والصراعات العبثية التي تكاد تقوض ما تبقى من مشروع بدأ بالوحدة الاسلامية ومخاطبة الامة الاسلامية وايديولوجية المقاومة، ثم عاد ليقدم نفسه نموذجا عربيا للمقاومة ويخاطب الامة العربية، ليتحول اليوم الى مشروع عاجز عن ان يخاطب غير جمهور شيعي، ولا ندري ان كان يراه امة شيعية او غير ذلك.
كيف لهذا المشروع، اي ايديولوجيا المقاومة الذي طالما شكل عنوان حزب الله وهويته، ان يستمر وينجح، فيما يتحول الى حالة مذهبية معزولة ومكروهة في محيطها؟ وهل من شروط نجاح مشروع المقاومة الانجرار في مواجهات مذهبية وطائفية والمساهمة في احداث الشروخ بين مكونات المجتمع والشعوب العربية؟ وهل من شروط نجاح المقاومة ان تكون مشروع بضعة الاف من طائفة معينة وفي منطقة محددة، عاجزة، او لا تريد، ان تكون لبنة من لبناته؟
يدرك حزب الله ن الفعالية التي حققها في الجنوب بالمقاومة لا يمكن ان تنتقل الى سورية بالقوة نفسها. لا بل ان البنية العقائدية التي قام عليها مشروع مقاومته اسرائيل والحاضنة اللبنانية له، لا يمكن ان يجد له الحرارة والقناعة نفسها لدى مقاتليه وهم يدافعون عن نظام البعث والعائلة في سورية، قبالة مواطنين سوريين. وولاية الفقيه التي تلزم عناصر الحزب بالقتال هذا لا تستطيع ان تزيل من نفوسهم انهم ينفذون واجبا مكروها.
لكي لا يستمر حزب الله في الجرجرة خلف نظام انتهى بالمعنى التاريخي، نظام يؤخر سقوطه استكمال مهمة استنزاف مؤيديه،. ربما الاجابة الصادقة عن سؤال بسيط يمكن ان يسأله قادة لحزب لانفسهم قد توفر الكثير على مشروع المقاومة وهو: ماذا حقق هذا الدعم، واستمراره، للنظام السوري لمشروع المقاومة؟
لقد صار اليوم ايراد كلمة "المقاومة" في نص البيان الحكومي هو الانجاز. هذا الحال بعدما صارت المقاومة تجرجر في الشروخ الوطنية والمذهبية من لبنان الى سورية… وابعد.

السابق
وهاب: لحم الموحدين لا يؤكل ودمهم ليس هبة لأحد
التالي
الحياة: مفاوضات تأليف الحكومة في جولة ثانية بين سلام و8 آذار