السنيورة: سنجهد مع سلام لضمان إجراء الانتخابات في مواعيدها

أقيم في "بيت الوسط" عشاء للمشاركين في اجتماع الهيئة التنفيذية الليبرالية الدولية الذي عقد في فندق فينيسيا في بيروت، بدعوة من الرئيس سعد الحريري وحضور رئيس كتلة "المستقبل" الرئيس فؤاد السنيورة، وزير الشباب والرياضة المغربي محمد أوزين، النواب مروان حماده ومحمد قباني وعمار حوري وسيرج طورسركيسيان وباسم الشاب، الأمين العام ل"تيار المستقبل" أحمد الحريري وعدد من السفراء العرب والأجانب وشخصيات.

وألقى السنيورة كلمة قال فيها: "يسرني أن أرحب بكم، بإسمي وبالنيابة عن رئيس مجلس الوزراء السابق سعد الحريري، في بيروت وتحديدا في هذا البيت، هذا البيت الذي يحمل إرث الفكر الليبرالي للرئيس الراحل رفيق الحريري، من خلال إبنه سعد، رئيس تيار المستقبل، التيار الذي يحمل شعلة الاعتدال والانفتاح والقبول، التيار الذي يؤمن بالانفتاح على جميع المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، التيار الذي يناضل اليوم لتحقيق العدالة وإنهاء الإفلات من العقاب، كل القيم الليبرالية التي نتشارك وإياكم بها".

أضاف: "تأتون إلينا في أوقات مهمة، بالنسبة للبنان والعالم العربي. هناك صراع يدور في هذين المكانين بين من يرغبون بالعيش بحرية وكرامة ويكونوا أوفياء لقيم الليبرالية والانفتاح وقبول الآخر والتكيف والتطور مع الزمن، وبين ممن زالوا يقرأون في كتب قديمة وبالية".

وتابع: "اليوم، هناك رئيس حكومة مكلف جديد يعمل على تأليف حكومة ويشاطرنا القيم الليبرالية الأساسية نفسها. ونحن سنقدم له كل الدعم الذي يحتاجه لينجح في مهمته وسنساعده في تشكيل حكومة تحيي الروح الحقيقية للبنان الرسالة في المنطقة والعالم. وسنجهد، مع رئيس الوزراء المكلف تمام سلام، لضمان اجراء الانتخابات البرلمانية في مواعيدها الدستورية لأننا ببساطة لا يمكننا أن نقبل بوضع ديمقراطيتنا المولودة منذ عقود عدة في الانتظار، في الوقت الذي يخوض فيه العالم العربي معركة الديمقراطية باللحم والدم. وبما أننا نتحدث عن العالم العربي، دعوني أشاطركم بعض الأفكار. بالطبع حصلت بعض الانتكاسات في سعي الربيع العربي لتحقيق الحرية والديمقراطية. لقد شهدنا أحزابا لا تشاطرنا قيمنا الليبرالية وانفتاحنا تفوز في الانتخابات عقب تجربة الربيع العربي. ولا نزال نرى يوميا فظائع نظام وحشي في سوريا مستعد لحرق بلده وذبح شعبه للبقاء في السلطة. ونشهد أيضا زيادة سلطة بعض القوى الراديكالية التي نزلت إلى الشوارع في بعض الدول العربية لمقاتلة وتهديد الوجه الليبرالي للمجتمعات العربية. ولكن مثل هذه الحوادث لا يجب أن تخيفنا أو تزرع الشك فينا. دعوني أعطيكم سببين لذلك: الأول، كما قال الكاتب الفرنسي فيكتور هوغو: "ليس هناك سلطة أقوى من فكرة حان وقتها"، واليوم، وصلت فكرة الحرية والديمقراطية إلى العالم العربي. لقد وصلت متأخرة ولكنها أخيرا وصلت. إن طرق النظام السوري القديمة باستخدام فزاعة الأصوليين لن تخدمه هذه المرة كما خدمته على مدى أربعة عقود. كما لن تستطيع اي قوة نيران او قوة عسكرية وقوة إقليمية ايقاف مسيرة الشعب السوري نحو الديمقراطية".

وقال: "ثانيا، علينا أن نتذكر دائما أن الديمقراطية لديها القدرة على تصحيح ذاتها، ما دامت قواعد اللعبة محترمة ومصانة. وكما سبق أن كررت في مناسبات عدة: علينا احترام نتائج الانتخابات التي فازت بها الأحزاب الإسلامية في تونس ومصر وربما في أي بلد عربي آخر الآن أو في المستقبل. لكن الوقت سيظهر أن على هذه الأحزاب أن تتغير أو سيتم تغييرها، فالقيادة من المقعد الأمامي تختلف تماما عن القيادة من المقعد الخلفي. وكما يتضح من الممارسة اليومية، فإن المشاكل الحالية والمستقبلية لا يمكن حلها من خلال الأفكار الأيديولوجية المتزمتة والمحددة مسبقا".

أضاف: "هذا يقودني إلى نقطة أساسية. إن الانقسام الحقيقي اليوم ليس بين اليسار واليمين والشرق والغرب والشمال والجنوب. إن الانقسام الحقيقي هو بين هؤلاء القادرين على التكيف مع التغيير وأولئك الذين يرفضون التكيف. إنه بين هؤلاء الذين يدركون طبيعة التغير السريع للعالم الذي يعيشون فيه وللتكنولوجيات والظروف الاقتصادية والتفاعلات الثقافية وبالتالي يتبنون التغيير في سياساتهم وممارساتهم، مع البقاء أوفياء لتراثهم الثقافي، وبين أولئك الذين يستمرون في القراءة من الكتب القديمة ويصرون على استخدام الطرق القديمة ذاتها وتكرار نفس الخطابات القديمة. بعبارة أخرى، إن الفجوة هي بين الليبراليين في تفكيرهم وبين الذين أغلقوا عقولهم، بين الليبراليين في نهجهم والذين حددوا نهجهم مسبقا. وهذا يذكرني بمقولة شهيرة للخليفة عمر بن الخطاب الذي قال قبل اكثر من الف و500 عام: "نشئوا أطفالكم على ما غير ما نشئتم عليه فهم مخلوقون لزمان غير زمانكم". إن هذا الفكر الرؤيوي لشخصية إسلامية تاريخية يجسد القيم الأساسية لليبرالية التي نتشاركها جميعا. لكن تقاسم القيم نفسها لا يكفي. علينا دعمها أيضا. إن دوركم كقادة أحزاب ومجموعات ليبرالية في جميع أنحاء العالم هو تمكين الأصوات الليبرالية العربية المعتدلة. وهذا يبدأ من خلال الضغط بقوة والعمل على إيجاد حل عادل ودائم للمشاكل الأساسية في المنطقة، لا سيما الظلم التاريخي للفلسطينيين الذي يغذي مشاعر الإحباط والظلم التي بدورها غذت التطرف وساهمت في صعود الأنظمة الراديكالية والثيوقراطيات".

وختم السنيورة: "عليكم دعم جهود الإصلاح الاقتصادي التي تؤدي إلى النمو العادل والتنمية المستدامة والاندماج الاجتماعي والتسامح في العالم العربي، الإصلاحات التي نحتاج إلى القيام بها عندما نستطيع وليس عندما نجبر على ذلك لأنها عندها تصبح أقل فائدة وأقل كفاية وأكثر تكلفة. عليكم أن ترفعوا أصواتكم في الدفاع عن حقوق الإنسان: وكما ذكر السفير الأميركي السابق لدى سوريا روبرت فورد قبل يومين، أن سوريا الآن هي أكبر كارثة إنسانية منذ بداية القرن ال21 حيث بلغ عدد النازحين ربع عدد السكان. علينا أن نقف اليوم كأحزاب ليبرالية دعما للقيم الإنسانية العالمية. هذا ما ندين به لبعضنا البعض ولمجتمعاتنا ولكن قبل كل شيء لأنفسنا"

فان بالين

بدوره قال رئيس الليبرالية الدولية هانس فان بالين: "أود أن أشكر عائلة الحريري والسيد أحمد الحريري وتيار المستقبل ككل على حسن استقبالنا في بيروت وفي هذا البيت الرائع. لكل مشكلة عدة زوايا للنظر إليها، وما يمكننا تعلمه اليوم هو أن العالم العربي أعطى الكثير لأوروبا، على المستوى الثقافي والعلمي، فنحن جيران مقربون للغاية، وبهذه الروحية أتينا جميعا إلى هنا. كل شيء كان قابلا للنقاش، وهذا أسلوب تفكير ممتاز، وعائلة الحريري هي عائلة تتمتع بالثقافة والعلم، وهم رجال أعمال ككثير من اللبنانيين، وهم أيضا أصحاب روحية اعتدال وشجاعة".
  

السابق
قاووق: لبنان قائم على التفاهمات في التأليف وفي قانون الانتخاب
التالي
رعد: يجب ان تتمثل في هذه الحكومة كل الاطراف بحسب اوزانها السياسية