قانون الانتخاب يصدّع الأكثرية

بعد ان خلخل الخلاف على قانون الانتخاب "قوى 14 آذار"، طال التصدّع صفوف الحكومة، بين "قوى 8 آذار" من جهة وممثلي الوسطية الدائرين في فلك رئاستي الجمهورية ومجلس الوزراء اضافة الى كتلة "جبهة النضال الوطني" برئاسة النائب وليد جنبلاط، من دون ان يعني ذلك تخلي "حزب الله" عن حكومته انما بما يعني تأجيلاً حتمياً للانتخابات المقررة في حزيران المقبل.
وفجّر توقيع الرئيسين ميشال سليمان ونجيب ميقاتي مرسوم دعوة الهيئات الناخبة الخلاف. فشنت "قوى 8 آذار" هجوماً عنيفاً عليهما واتهمتهما بالسعي الى فرض "قانون الدوحة" الذي جرت بموجبه الانتخابات الماضية وصولاً الى التلميح بأنهما ينفذان أجندة اميركية.
فقد اعتبر نواب الثنائي الشيعي "حزب الله" و"حركة امل" ونواب "التيار الوطني الحر" الخطوة "التفافاً" على صلاحيات السلطة التشريعية. واتى ذلك في اجتماع اطلقوا عليه زوراً اسم اجتماع نواب الاكثرية التي باتت مفقودة في غياب نواب جنبلاط ونائبي ميقاتي.
وامس أدرج نائب الامين العام لـ"حزب الله" الشيخ نعيم قاسم التوقيع في اطار "اهانة الدولة" بقوله "لم يكن مناسباً ان تعطي مورا كونيللي الامر ثم ينفذ وتبدأ بعض الخطوات" ملمحاً بذلك الى دعوة السفيرة الاميركية الى اجراء الانتخابات في موعدها ولو وفق القانون النافذ.
لكن هذا الخلاف لم، ولن، يفرط عقد الحكومة وسط ارادة واضحة باستمرارها من جانب رئيسها وقواها المختلفة بما يعني ان التأجيل بات حتمياً فهو يمدّ بعمر الحكومة التي يتمسك بها "حزب الله" لانها تغطي تصرفاته غير الشرعية من احتفاظه بالسلاح بعد استخدامه في الداخل الى مساندته العسكرية لنظام الاسد.
وقد تمّ تحديد التوافق، شبه المستحيل قبل اتضاح التفاهمات الاقليمية والدولية، رغم الخلافات في كل الصفوف بما لا يؤمن اكثرية لقانون جديد فتبقى الحكومة من دون تغيير مهامها مع انتهاء ولاية المجلس الحالي في 20 حزيران لانها لا تعتبر مستقيلة الاّ عند بدء ولاية جديدة.
ففي معرض التعبير عن الامتعاض من توقيع مرسوم دعوة الهيئات الناخبة، والذي بعد صدوره المتوقع في الجريدة الرسمية اليوم يفتح باب الترشيح، نقل عن رئيس مجلس النواب نبيه بري قوله "اقتراح القانون الارثوذكسي هو القانون الوحيد اليوم على المسار التشريعي ودائماً بانتظار قانون توافقي". هذا ويحتفظ بري في جيبه بورقة عقد الهيئة العامة التي تفقد اهميتها مع احتمال معارضة نواب جنبلاط وميقاتي اضافة الى المعارضة المعلنة لنواب "الحزب القومي السوري" و"حزب البعث".
اما رئيس الحكومة المتمسك بمنصبه رغم الخلافات السابقة مع وزراء عون والاخيرة مع وزير الخارجية عدنان منصور فهو لم يعمد الى اي اجراء فعلي. ويعني تصريحه انه لن يرأس الحكومة التي ستشرف على الانتخابات، بحكم كونه مرشحاً، امراً واحداً: ثقته بان الانتخابات ستتأجل.
ورغم خلافه الظاهري مع منصور فهو يغطيه بصورة مضحكة بما يعني التمسك بالرئاسة. ففي غياب ممثل سوريا عن مقاعد الجامعة العربية تنطح منصور للعب هذا الدور مطالباً بإعادتها. ولم يجد ميقاتي من رد سوى تجديد تأكيد التزام حكومته "سياسة النأي بالنفس عن الوضع في سوريا وهو الموقف الذي اتخذته عند صدور تعليق عضويتها".
وقد اتى موقف منصور غداة تحذير دول "مجلس التعاون الخليجي" من تورط "حزب الله" العسكري الى جانب النظام السوري، وغداة ردّ الرئيس سليمان بتأكيد "القيام بكل توجيه واجراء عملي من شأنه دفع جميع الاطراف في اتجاه التزام اعلان بعبدا قولاً وفعلاً" وهو الاعلان الذي سبق لجميع الاطراف ان وافقوا عليه على طاولة الحوار ويقضي بالحياد.
وقد اتى توقيع الرئيسين سليمان وميقاتي باعتباره واجباً دستورياً في وجود قانون وحيد نافذ "قانون الدوحة". لكن تمسكهما المعلن باجراء الانتخابات في موعدها يتعارض مع قدرتهما الفعلية على استكمال الخطوات الدستورية الضرورية عبر تشكيل الحكومة "هيئة الاشراف على الانتخابات" قبل 20 آذار الجاري، والتي عرقلتها وستعرقلها اكثرية الوزراء من دون ان يؤدي ذلك الى تفجير الحكومة.
وفي ظل ازمة سلسلة الرتب والرواتب للقطاع العام التي وعد بها ميقاتي ولا يلتزم تنفيذها لأن موارد الدولة لا تسمح بما أدى الى بقاء الهيئات النقابية في الشارع، كشف وزير الداخلية مروان شربل عن مخرج جديد لإرجاء الانتخابات عبر السلفة الحكومية التي قد تتعذر في ظل المناخ الاقتصادي الحالي. كما أوضح ان إقرار قانون جديد يتطلب وفق تقديراته ستة اشهر.
في هذا الوقت يسعى "تيار المستقبل" مع حلفائه ومع النائب جنبلاط الى التوصل الى قانون مختلط لم تظهر حتى الان اي بوادرعنه. وفي حال تم التوصل اليه من المرجح ان يتم رفضه خصوصاً ان السيد حسن نصر الله حصر الأمر بين "قانون الفرزلي" او لبنان دائرة واحدة مع النسبية" بما يتيح تحكّم الاكثرية العددية، وإلا فالتمديد لمجلس النواب. فـ"حزب الله" يريد الحفاظ على التوازن الحالي إذ إنه يمسك بقرار الحكومة ويهيمن على الأجهزة الامنية ويتحكم بالديبلوماسية وبإمكانه زعزعة الاستقرار حين يرى ذلك مناسباً.

السابق
اسرائيل تحذر رعاياها في عيد الفصح العبري
التالي
إسرائيل: جهاديو “القاعدة” في الجولان