ثلاثة أشهر عاصفة وأجواء أمنية غير مطمئنة

تؤكّد جهة سياسية أنّ الاستحقاقات السياسية والانتخابية لا زالت في ثلّاجة ترقّب الأوضاع الإقليمية والدولية، في ظلّ معلومات تتحدّث عن ثلاثة أشهر بالغة الدقّة والخطورة، على خلفية الأزمة السورية، في اعتبار أنّ أوساطاً غربية تلفت إلى أنّ بعض المسؤولين الروس كشفوا أمام قيادات لبنانية عن أجواء تؤشّر إلى معركة عسكرية في دمشق تتّخذ طابع الحرب الحاسمة، وعندها ستكون التداعيات على الداخل اللبناني كبيرة.
…للتمعن بموقف فابيوس: «رحيل الأسد ليس وشيكاً»

بمعنى آخر، إنّ ما يقال عن سياسة النأي بالنفس وتحييد لبنان هو كلام سياسيّ لا يصمد أمام انكشاف الأوضاع وفلتان الملفّ الأمني، خصوصاً أنّ التسليح جارٍ على قدم وساق، وأنّ أحد السياسيين الطرابلسيّين لا يخفي في مجالسه احتمال إشعال الساحة الطرابلسية في أيّ توقيت على إيقاع احتدام المعارك في سوريا، وبدء معركة دمشق التي ستكون "أُمّ المعارك" بامتياز.

وفي سياق متصل، تلفت الجهة السياسية عينها، إلى أنّ لبنان دخل في وقت ضائع يمتدّ إلى الربيع المقبل، حيث هنالك انطلاقة جديدة للإدارة الأميركية الثانية وفترة مئة يوم لكي تضع الخارجية الأميركية ومسؤولو ملفّ الشرق الأوسط خططهم ودراساتهم ونظرتهم حيال المنطقة عموماً، والأزمة السوريّة تحديداً، إضافة إلى القمّة الأميركية ـ الروسية بين الرئيسين باراك أوباما وفلاديمير بوتين، والتي ستتناول تحديداً الملف السوري من كلّ جوانبه.

ما يعني أنّه، وبالإضافة إلى تلك المحطّات، ثمّة فراغ على المستوى الإقليمي ولعبة مفتوحة في التصعيد العسكري في سوريا، والذي بحسب المراقبين والمُطّلعين، سيشهد تطوّرات عسكرية دراماتيكية في المدن السوريّة، ما يجعل لبنان في عين العاصفة.

ومن هذا المنطلق يقول زعيم لبناني في مجالسه الخاصة إنّ الانتخابات النيابية قائمة في المبدأ، إنّما هنالك مخاوف من تطوّرات أمنية كبيرة من شأنها أن تلغي هذا الاستحقاق، وذلك أمر غير مستبعَد لأنّ المعلومات المتواترة عبر تقارير غربية وأقنية ديبلوماسية متعدّدة، لا تبشّر خيراً. ويدعو هذا الزعيم إلى قراءة متأنية لموقف وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس الذي أكّد فيه أنّ "رحيل الرئيس بشّار الأسد ليس وشيكاً".

وعليه، من غير المستبعد أمام هذه المحطات والعناوين السياسية الإقليمية والدولية أن تشهد الساحة الداخلية أحداثاً أمنية مرتبطة بما يحصل في سوريا، وتدخل ضمن النزاع الإقليمي في الداخل اللبناني، وهذه التطوّرات ستفرض تأجيل الاستحقاق الانتخابي، وبمعنى أوضح، لا وجود لأيّ أفق على الصعيد اللبناني، إنْ على مستوى الحوار أو قانون الانتخاب أو حصول الانتخابات إلّا بتبلور المسار السوري، وذلك ليس في المدى المنظور، لأنّ المواقف الدولية تُجمع على أنّ الأزمة السورية طويلة الأمد.

إزاء هذه الأوضاع، ثمّة معلومات عن اتصالات تجري بعيداً عن الأضواء لإحداث خرق في الجدار السياسي المسدود والانقسام السائد بين القوى السياسية، وبالتالي تنامي الخلاف السنّي ـ الشيعي والمخاوف من تفاقمه ربطاً بما يحصل في العراق وسوريا، وذلك من خلال اتصالات تجري بين بعض الدول الخليجية ومرجعيات لبنانية لتوجيه دعوات إلى قيادات سياسية لزيارة السعودية وقطر، على أن تكون إيران في أجواء هذا الحراك كونها باتت لاعباً أساسيّاً على الساحة اللبنانية.

واستطراداً فإنّ ما يعوق نجاح هذه المساعي سببه استمرار المعارك في سوريا، والهوّة الكبيرة بين اللبنانيين تجاهها، وبالتالي تبقى الهواجس الأمنية الشغل الشاغل، وخصوصاً الاغتيالات، في اعتبار أنّ أيّ حدث على هذا المستوى يستحيل عنده الكلام عن انتخابات أو حوار أو فتح كوّة في هذا الجدار المقفل بإحكام.

وفي أيّ حال، فإنّ الأوساط السياسية تُجمع على أنّ لبنان مستمرّ في دوره صندوقَ بريد لتبادل الرسائل الإقليمية، وهذا ما تظهر معالمه عبر حراك السفراء المعتمدين في بيروت، ما يبقي الساحة المحلّية عُرضة لتطوّرات قد تفوق قدرة لبنان على احتمالها، مع الإشارة إلى أنّ أحد المسؤولين يؤكّد "أنّ إجماع المجتمع الدولي على ضرورة تحييد لبنان عمّا يحصل في سوريا هو أمر حقيقيّ لكن ترجمته تبقى حتى الآن مغايرة للواقع اللبناني التقليدي".

السابق
المخطوفين وقطر
التالي
إشكال بين مواطن ودورية لـ”اليونيفيل”