هل غيّرت واشنطن رأيها؟

هل اقترب الجيش المصري، مرّة أخرى، مما هو أبعد من حراسة الأمن الفالت على غاربه، أو مما هو أقرب شكلاً ومضموناً من قصر الاتحادية لا من سوره فحسب؟
أم تُراه أراد أن يوجه نصيحة، وبصيغة هي أقرب الى "الإنذار الضمني"، بدعوته الجميع الى "لقاء لمّ الشمل" الذي أرجئ بدوره، أو أُلغي؟
ما تجدر الإشارة إليه في هذا المجال، والتوقّف عنده بتأمّل ودقة، هو التحذير الصادر عن الإدارة الأميركية بلسان الناطقة باسم وزارة الخارجية، والموجّه مباشرة الى الرئيس محمد مرسي و"الأخوان" و"جيشهم"… والذي وردت فيه الجملة الفصيحة الآتية: "لا نريد أن نرى عودة الى الأيّام السابقة السيّئة في عهد حسني مبارك".
بالطبع هناك كلام آخر برسم "قوى الأمن المصريّة"، وحثّها على ضبط النفس واحترام حقوق المتظاهرين سلمياً، مما يعني ان الثورة المصريّة الحديثة، التي حظيت بترحيب دولي وعالمي غير مسبوق، قد أضحت عرضة لتجاذبات متعدّدة ومجهولة النتائج.
حتى أن ناطقاً باسم المعارضة لم يكتم تخوّفه من أن يكون لدى "الأخوان" مخطّط أو مخططات للاتجاه بالسلطة في مصر نحو ما هو مرادف للديكتاتورية وما هو أسوأ وأخطر.
هذا كلّه بالتلازم مع الكلام الأميركي الجديد، والشديد النبرة، والذي سبقه قرار بتجميد "قرض المليارات"، فضلاً عن "الامتعاض الأوروبي" من "تصرفات الرئيس المصري وجماهير الأخوان المسلمين" الذين يبدون كما لو أن السلطة قد آلت إليهم وحدهم.
هل بلغت الدعسات الناقصة "المدروسة" والأخطاء "المتعمّدة" نقطة اللارجوع، واللاتصحيح، وحيث يصير من المحتّم التساؤل الى أين ينوي مرسي الاتجاه بمصر؟
لقد نَقَزَ المصريّون. ونَقَزَ محبّو مصر الذين اعتبروا ثورتها تعبيراً عن مشاعرهم أيضاً. ونقز ثوار الميادين الذين انوعدوا بمصر جديدة جداً. بمصر ديموقراطية بلا خلل ولا انحراف. بمصر يقودها رئيس يسهر على الحريات العامة، والفردية، وحقوق الانسان، والمساواة، والعدالة…
في السياق ذاته، ومن باب الاستفسار، كانت الحوارات والسجالات على الفضائيات أمس تدور حول أسئلة بهذا المعنى، ومنها "الأسئلة الحذرة" التي تتصل بالموقف الأميركي والدولي، والتي لا يتردد بعضها في وضع علامة استفهام حول موقف واشنطن، والتساؤل ما اذا كانت قد غيّرت رأيها وموقفها من محمد مرسي و"الأخوان" و"التجربة الفاشلة".
لنفترض أن مرسي تراجع عن كل اجراءاته وإعلاناته وقراراته… فهل يستطيع أن يحكم؟  

السابق
تسوية لا يخسر فيها أحد ولا يربح فيها فريق
التالي
لهيب الحريق السوري يلفح لبنان بالإرهاب