حزب الله ينتظر هدايا بابا نويل

يبدو أنّ واقع الأحداث الحاصلة في لبنان، ينذر بتغيّرات جذرية قد تحصل خلال الأشهر القليلة المقبلة. فالعقبات الكثيرة التي تقف في وجه «حزب الله» صاحب الفضل الأكبر في تأليف الحكومة وفي وجه حلفائه، تجعل هؤلاء جميعاً «يقفون على أرض مترنّحة نتيجة انفلات الأوضاع الأمنية في مناطق عدّة، ولا سيّما منها طرابلس».
يقول مصدر في قوى "14 آذار"، إنّ المرحلة الآنيّة "هي أسوأ المراحل الحرِجة التي شهدها "حزب الله" وأعوانه منذ تأليف حكومة الرئيس نجيب ميقاتي "ذات الدمغة السورية والهوية الإيرانية. من جهة أولى، فإنّ الداعم الأوّل للحلف المتكسّر، أي النظام السوري، مهدّد بين لحظة وأخرى بالرحيل عن الحكم، إضافة إلى أنّ الحزب الذي كان يفتخر باصطياده عملاء إسرائيل وقتلهم، يجد نفسه اليوم مطوّقاً بأحكام جرائم متنوّعة يصل أقلّها إلى السجن المؤبّد، إن لم يكن الإعدام".

ويضيف المصدر الآذاري نفسه "إنّ حزب الله وحلفاءَه سيسعون خلال الأسابيع المقبلة إلى ضرب الوضع الأمني في عدّة مناطق داخل لبنان، خصوصاً تلك التي تقع على الحدود مع سوريا، وذلك عبر اختلاق مشكلات متنقّلة بغية إلهاء الناس عمّا يحصل في الداخل السوري"، ويلفت إلى "أنّ المقصود من الإلهاءات هذه، التعمية عن المجازر التي قد يرتكبها النظام السوري عند أطراف دمشق، حيث يُرجّح أن يستعمل فيها الغازات السامّة وبعض المواد القاتلة أو حتى مواد كيماوية، من دون أن يُسقط الحزب من حساباته استماتته في دعم جبل محسن في طرابلس بالسلاح والعناصر".

ويشدد المصدر على أنّ "المرحلة الحاليّة حرجة ومفصلية وحاسمة بالنسبة الى الحزب الذي على ما يبدو أنّه ذاهب خلال الشهرين المقبلين إلى فقدان أهمّ حليف له في المنطقة، وإنّ قيادته العسكرية تعكف هذه الأيّام على درس أنجح السبل للإبقاء على النظام الحاليّ في سوريا، حتى ولو اضطرّ الامر الى فتح جبهات عسكرية مع إسرائيل أو حتى في الداخل اللبناني"، ويقول: "إنّ المشهد بالنسبة الى مصير "حزب الله" لا يبدو ضبابيّاً طالما إنّه قرّر التضحية بآخر مقاتل لديه من أجل بقاء نظام بشّار الأسد".

ويكشف المصدر عن "وجود موقفين حادّين يطرحهما "حزب الله" في كواليسه، فبعض قادته يدعون باستمرار إلى الدخول رسميّاً على خط الاشتباك المسلّح في لبنان وسوريا، والبعض الآخر الذي ينتمي فكريّاً وسياسيّاً إلى الأمين العام للحزب السيّد حسن نصرالله، يدعو إلى الديبلوماسية كونها الوحيدة، في رأيه، التي تُبقي الحزب في منأى عن الاحداث الاقليمية غير المعروف أين سيحطّ رحالها".

ويضيف المصدر نفسه: "إنّ حزب الله هو أكثر استعداداً اليوم، للدخول في بازارات سياسية مع قوى "14 آذار" في حال وافقت الأخيرة على صفقة كهذه، ومن ضمن البازارات هذه، تجنّب تداعيات المحكمة الدولية الخاصة باغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه وبقيّة الشهداء الأموات منهم والأحياء.

فالحزب يُدرك أنّ مجموعات من داخله قد اخترقت جهازه الأمني في هذه الجريمة وهي عملت لفترة طويلة تحت إمرة النظام السوري من دون العودة الى قيادتها الفعلية"، مؤكّداً أنّ "عدم نجاح الحزب في إيجاد أيّ تسوية، قد يجعله مستعدّاً لضرب الاستقرار الأمني بنحو قد تذهب معه الأوضاع نحو حرب مذهبية يعتبرها خلاصَه الوحيد بدل انهيار الحال التي بناها على مدار 30 عاماً".

في المحصلة، يبدو أنّ قوى "8 آذار" مُربكة، فكلّ الرياح تعاكسها وتأتي على غير ما تشتهي سفنها. فالوعود بحلّ الأزمة في سوريا قد ملّ الانتظار منها، والآمال المعلّقة على حسم النظام للمعارك الدائرة منذ سنتين تقريباً، تحوّلت أمنيات تشبه إلى حدّ ما حلم طفل بمشاهدة "بابا نويل" وهو يُخرجُ له هداياه من داخل الموقدة".

السابق
ما يجمع الوسطيين.. وما يفرّقهم
التالي
حمادة: مذكرات التوقيف الوهمية ستذهب إلى مزبلة التاريخ