التعليم في صيدا مميز رغم السلبيات

تتميز مدينة صيدا، عن غيرها من المناطق اللبنانية. بوضع تعليمي أفضل، ويتكامل التعليم الرسمي مع التعليم الخاص ليعطيا أفضل النتائج، ويشكو القطاعان من عجزهما عن استيعاب كل الطلاب مما يدفع بعض الأخيرين للالتحاق بثانويات قريبة من المدينة.
وقفت الطالبات هدى محمد حبيش من ثانوية صيدا الرسمية للبنات، يارا تادي من ثانوية جزين الرسمية وهالة خضر من ثانوية السيدة للراهبات المخلصيات في عبرا – صيدا جنباً إلى جنب لاستلام جوائزهن في الاحتفال الذي أقامته رئيسة لجنة التربية النيابية بهية الحريري الشهر الماضي في صيدا لتكريم المتفوقين من الطلاب والطالبات.
حبيش حلت في المرتبة الخامسة على صعيد لبنان – فرع الآداب والإنسانيات وحلت تادي في المرتبة الثانية على صعيد الجنوب فرع علوم عامة، فيما حلت خضر في المرتبة الرابعة على صعيد لبنان فرع علوم عامة. هذا الحدث يؤشر إلى المستوى المميز للتعليم في القطاعين الخاص والعام في مدينة صيدا ومنطقتها.

أوضاع القطاع الرسمي
يصف منسق عام الشبكة الروسية في منطقة صيدا نبيل بواب التعليم الرسمي بأن "له نكهة مميزة.. إدارات المدارس الرسمية تعمل وفق قناعة وإيمان بأهمية تأمين أفضل مستوى تعليمي لطلابها". ويضيف بواب: نلاحظ أن قسماً كبيراً من أساتذة القطاع الخاص يعملون في القطاع الرسمي لذلك فإن أسلوبهم لا يختلف حتى لو تغير مكان التدريس".
وتشير مديرة ثانوية صيدا الرسمية للبنين زهرة عزام إلى أن الثانويات الرسمية تعمل بكامل طاقاتها. "وقد حققت مدارسنا الرسمية نتائج باهرة في الامتحانات الرسمية، وخصوصاً بعد دخول التقنيات الحديثة إلى المدارس، عندنا لوح ذكي ونستخدم الحاسوب والشبكة العنكبوتية، ربما ليس بنفس الكمية الموجودة في القطاع الخاص ولكن الوضع أفضل بكثير من السابق". وتضيف عزام: نحاول أن نؤمن مقعداً لكل طالب يتقدم إلى المدرسة، لكن المشكلة أن طاقات الثانويات الرسمية محدودة".
وترى مديرة ثانوية صيدا الرسمية للبنات فاديا جبيلي أن الرعاية والاهتمام الدائمين اللذين تبديهما الإدارة يشكلان عاملاً أساسياً لتطور أوضاع التعليم الرسمي و"الدليل أن نسبة النجاح في مدرستنا كانت 100% ومعدلات النجاح تجاوزت المعدل المطلوب بكثير". وتتابع: إدارات الثانويات الرسمية آلية عمل ناجحة، توضحها جبيلي بالآلاف. نُنسق بين أساتذة الصفوف، نجري عدداً من الاختبارات، فدفع الطلاب للقيام بنشاطات تحفيزية، إلى جانب إصدار مجلات حائط وتدريب الطلاب على المسرح، أرتيزانا وموسيقى…

مشاكل القطاع الرسمي
هذه الصورة الزاهية لقطاع التعليم الرسمي لا تنفي وجود سلبيات وثغرات يشير إليها مدراء المدارس. إذْ يشير بواب إلى ضرورة دعم التعليم الرسمي لمواكبة التطور العملي وتقديم المساهمات الممكنة ويرى أن دوراً مهماً يمكن أن يلعبه المجتمع المحلي الذي سبق وزارة التربية في الاهتمام بالقطاع".
من ناحية أخرى يرى مدير عام مدرسة الإيمان كامل كزبر "أن المركزية الإدارية التي تتبعها وزارة التربية تعيق تطور التعليم الرسمي، والمدير يجد نفسه غير قادر على ممارسة سلطته على المعلمين، ويصبح الاعتماد على ضمير الأستاذ، وبالمناسبة فإن أساتذة التعليم الرسمي هم الأفضل في المنطقة ويعتمد عليهم القطاع الخاص". ويوضح كزبر نقطة أخرى تتعلق بمتابعة الأجهزة العلمية، "في المدارس الرسمية مختبرات وحاسوب، لكن الصيانة بطبيعة إذا لم ننل مفقودة، والمدارس بحاجة إلى تأهيل دائم".
وتعاني مدارس القطاع الرسمي من مشكلة مناقلات الأساتذة. تقول عزام: "كل عام نعاني من نفس المشكلة، تجري الوزارة مناقلات لعدد من الأساتذة مما يؤثر سلباً على المدارس، فنواجه نقصاً بعدد من الاختصاصات، إلى جانب النقص بموظفي الإدارة. وتوافق عزام كزبر حول الأدوات الحديثة "أننا أحياناً نؤمّن الصيانة من صندوق المدرسة لتأخر الإدارة عن إجرائها". وتجد جبيلي في نقص الأموال المرصودة لتطوير النشاطات الخاصة في المدارس ولتأمين أعداد أكبر للحواسيب ووسائل الإيضاح.

أوضاع التعليم الخاص
وعلى الرغم من الوضع الاقتصادي المتردي فإن مدارس القطاع الخاص تعمل بكامل طاقتها، حتى أن المواطنين لا يجدون أحياناً أمكنة لأبنائهم. ويعيد بواب السبب إلى "أن معظم مدارس القطاع الخاص في المنطقة تتبع لمؤسسات تربوية عريقة. ولا تخضع للمنطق التجاري، في المنطقة مدارس المقاصد، الارساليات، الحريري وغيرها وهي ليست مؤسسات فردية ولا تجارية تبغي الربح.
ويضيف كزبر: منذ أربع سنوات ومدرستنا نعمل بكامل طاقتها وتستوعب نحو 1500 طالب سنوياً". ولنجاح التعليم الخاص أسباب بوجزها كزبر بالآتي: هناك صدقية للمدارس من الناحية الأكاديمية، وهي تعمل على تطوير كوادرها التعليمية، "ومناهجها المدرسية وتستخدم وسائل الإيضاح بشكل واسع. كما أن 70% من الأساتذة من العنصر الشبابي، أي يجري تجديد الأساتذة بشكل دائم".
وحول المدرسة نفسها، يوضح كزبر: كذلك تلعب التربية الدينية والأخلاقية الموجودة في مدرستنا دوراً في جذب الطلاب، كما أن مجتمعنا المحلي يؤيد سياسة الفصل بين الذكور والإناث وخصوصاً في المرحلة المتوسطة.

سلبيات القطاع الخاص
يسلط بواب الضوء على سلبية كبيرة يراها في القطاع الخاص وهي "اضطرار الإدارات إلى زيادة الأقساط لتأمين الموارد المالية اللازمة. فالأستاذ الكفؤ بحاجة إلى راتب عادل يؤمن له حياة كريمة، ومن يستمر بالعمل والعطاء عليه أن يحصل على حقوقه". أما كزبر فيرى أن القطاع الخاص، من هذه اللحظة لم يستطع أن يواكب التطور العملي. يومياً يتقدم العلم ويحصل الطلاب على معرفة من خارج المؤسسة ويستخدمون تقنيات حديثة ربما لم يحصل عليها الأساتذة فتحصل فجوة بين الطالب والأستاذ.

نزوح إلى الرسمي
وبسبب زيادة الأقساط، يبدو أن نزوحاً سيحصل من القطاع الخاص إلى القطاع الرسمي وهذا ما يجمع عليه المدراء، إلا أن الأرقام الإحصائية لم تتوفر حتى تاريخه ويمكن ملاحظتها من بدء العام الدراسي.

تجربة الشبكة المدرسية في منطقة صيدا
تلعب الشبكة المدرسية دوراً فعالاً في التنسيق بين إدارات المدارس، وهي تجربة جديرة بالاهتمام. فالشبكة، حسب رأي بواب: تعقد اجتماعات شهرية لتناقش أموراً تتعلق بتطوير العملية التعليمية في المنطقة وللقيام بنشاطات مشتركة وخصوصاً في المناسبات الوطنية".
وتصف جبيلي دور الشبكة: "إنه إيجابي خصوصاً لتقريب وجهات النظر حول العملية التعليمية، إلا أنها لا تتدخل أكاديمياً في شؤون المدارس الداخلية". وتضيف عزام: لقد قربت الشبكة المسافات بين القطاع الخاص والقطاع الرسمي ورعت نشاطات مشتركة، وأوجدت مساحات مشتركة بين طلاب المنطقة وتحاول تطوير العملية التعليمية، وفي اجتماعاتها الدورية نتبادل الأفكار والخبرات وكل منا يتعرف على تجربة الآخر ونستفيد منها".

المستقبل
ويتفق الجميع على أهمية أن تواكب المدارس التقدم والحداثة الذي يشهد العالم حتى يستفيد الطلاب من الجانب الإيجابي للحداثة والتطوير المجتمع. ويقترح بواب "أن ترفع كل مدارس لبنان العلم اللبناني عند مداخلها، وأن تهتم بالتربية الدينية والوطنية ويكون لها الأولوية قبل أي شيء آخر".
  

السابق
مذكرة بحث وتحرّ بحق نجل الأسير
التالي
حرب: الخطاب المتشنج والمتعالي لنصرالله لا يشجع على إيجاد المخارج للازمة