هل فكَّر الحزب في عملية عسكرية داخل اسرائيل؟

الخوض الآن في تطور الأوضاع اللبنانية في الاشهر المقبلة قد لا يكون سليماً جراء غياب المعلومات الدقيقة عن احوال الدول التي تؤثّر مباشرة في لبنان، كما عن تطور مواقف الدول الكبرى المعنية بما يشهده الشرق الأوسط. والإصرار على خوض كهذا يصبح "تبصيراً" رغم ان كل المؤشرات المتوافرة تولّد انطباعاً بأن الأسوأ لا يزال امام سوريا … ولبنان.
إلا أن السليم في هذه المرحلة قد يكون الانطلاق من معلومات عن أحداث، كانت ستجري خلال ما مضى من السنة الجارية يقول اصحابها انها دقيقة، للبحث في ما إذا كانت ستحصل مستقبلاً. ذلك ان حصولها سيكون ايذاناً بمرحلة جديدة صعبة لبنانياً واقليمياً. اصحاب المعلومات جهات ديبلوماسية مطّلعة. اما المعلومات فأبرزها ثلاث هي الآتية:
1- قيام "حزب الله" بعملية عسكرية محدودة في شمال اسرائيل. وقد فكّر المعنيون بهذا الأمر بعد أشهر قليلة من بدء الثورة على نظام الاسد. وأهدافها كانت ثلاثة. الاول، إعادة حشد التأييد العربي والاسلامي المتخطي المذهبية لـ"حزب الله" الذي استحقه بعد مقاومة ناجحة لاسرائيل، وذلك بعدما بدأت احداث سوريا تتخذ الطابع المذهبي، وبعدما دفع وقوف "الحزب" الى جانب الاسد "قولاً وفعلاً" مؤيديه العرب والمسلمين الى النظر اليه مذهبياً. وقيام اسرائيل برد فعل عسكري على العملية يعيد الى "الحزب" ألق المقاومة وتوهّجها. والثاني، احتمال ان يجر ردّ اسرائيل على عملية "الحزب" سوريا إلى الاصطدام باسرائيل عسكرياً. ويعيد ذلك بعض التأييد او التفهّم العربي لنظام الاسد. أما الهدف الثالث، فهو انشغال اسرائيل، التي كانت تحضّر ضربة عسكرية الى ايران، بلبنان وسوريا والمنطقة العربية، الأمر الذي يجعل تورطها مع ايران صعباً جراء المضاعفات الاقليمية والدولية. ومعروف هنا ان ايران لن تضرب اسرائيل، وتسعى رغم كلامها العالي الى تفادي ضربة عسكرية منها. وليس احسن من لبنان وربما سوريا لتلقي الضربة بدلاً منها، وخصوصاً ان في إمكانها استغلالها لتحقيق مكاسب سياسية، وربما لفتح طريق التفاهم مع المجتمع الدولي وتحديداً اميركا.
2- توجيه الجيش اللبناني ضربة الى الفلسطينيين وتحديداً الاسلاميين منهم الذين يتحركون في لبنان، ذلك أنهم قد ينخرطون في صراع الداخل ذي الطابع المذهبي، كما في الحرب الاهلية المذهبية في سوريا. طبعاً السؤال هو اين ستكون الضربة؟ والمعلومات المتوافرة تستبعد "عين الحلوة" لأن مجتمعها صار جزءاً من صيدا، ولأن الاشتباك هناك سيورط عاصمة الجنوب وأهلها، كما سيفتح الباب امام فتنة كبرى اسلامية – لبنانية وفلسطينية. ولا مصلحة في ذلك لمن فكروا في الضربة المذكورة اعلاه. لكن المعلومات والمعطيات اياها لا تستبعد الشمال وتحديداً مخيماته ومنها "نهر البارد". وذلك قد يكون الباب الذي منه يمكن دخول معركة مع الاسلاميين الفلسطينيين واللبنانيين الذين يعملون لتحقيق هدفين. الاول، تأسيس نواة مجتمع اسلامي اصولي في الشمال حيث يستبعد الجميع تدخّل "حزب الله" لضربه. والثاني، إنشاء قاعدة خلفية للثائرين على الاقل من سوريين ومن لبنانيين وعرب وغير عرب مسلمين واسلاميين. طبعاً لم تتخذ القيادة السياسية الرسمية اللبنانية قراراً بهذا الامر حتى الآن، وقد تعدُل عن اتخاذه، لكنه على الطاولة.
3- نفّذ الجيش اللبناني عملية انتشار واسعة في البقاع قبل مدة قصيرة بهدف رسمي هو فرض الاستقرار ومنع التعديات على الناس وعلى ارزاقهم بواسطة الخطف وغيره. ودفع رئيس مجلس النواب نبيه بري في هذا الاتجاه، وان اقتضى ذلك سحب وحدات عسكرية من الجنوب الى البقاع لأن جيش لبنان ليس جرّاراً. طبعاً رحّب اللبنانيون، واقتنع قسم منهم بأن الهدف هو المذكور اعلاه. لكن قسماً آخر ذا توجّه سياسي مناقض اعتبر ان الانتشار المشار اليه هو "لـ"ترييح" "حزب الله" وجمهوره، وخصوصاً بعدما تدفّق آلاف اللاجئين السوريين وغالبيتهم مؤيدة للثوار الى البقاعين الأوسط والغربي. والمنطقتان اساساً على تناقض سياسي مع "الحزب". كما اعتبر ان الهدف من الانتشار ايضاً عدم عرقلة نشاطه العسكري داخل سوريا المحاذية للبقاع. أما الجهات الديبلوماسية صاحبة المعلومات فتخشى ان يكون انتشار الجيش بقاعاً بداية لعملية مشتركة رسمية و"حزبية" اذا فرضت التطورات ذلك.
هل يحصل كل ذلك؟
لا يمكن الجزم به. لكن المؤشرات على إمكان حصوله ليست قليلة. علماً ان انتقاله من التخطيط الى التنفيذ سينعكس "فرفطة" للبلاد وتحديداً لمؤسسات مهمة فيها.

السابق
بيجامة واقية لـلحصان غريسي
التالي
تتعمد الوقوف فترة طويلة امام الكاميرا