اللواء: إجتماع سياسي- أمني في منزل ميقاتي: تكليف الشعّار لإتمام المصالحة

بقيت الانظار مشدودة الى طرابلس، ومن خلالها الى التداعيات التي يمكن ان تحصل او لا تحصل، خصوصاً بعدما استفاقت الدولة من غيبوبتها فجأة، ووضعت يدها على الملف الساخن، من خلال الاجتماع السياسي – الامني الذي انعقد في منزل الرئيس نجيب ميقاتي بمشاركة وزراء طرابلس ونوابها وقادة الاجهزة الامنية لتأمين الغطاء السياسي اللازم لمهمة الجيش اللبناني وقف الاشتباكات في محاور القتال التقليدية، والرد بحزم على الطرف المخالف، فيما دخلت على خط التوتر السياسي قضية رفع الحصانة عن نائب عكار معين المرعبي لملاحقته قضائياً على خلفية التعرض للجيش وقائده واثارة النعرات الطائفية، الامر الذي من شأنه ان يعيد التموضع السياسي، ويشتت جهود المعارضة في مواجهة الحكومة التي تنهال عليها سهام التجريح والانتقاد من الحلفاء قبل المعارضين.
ولئن كان رئيس الحكومة اتفق مع رئيس الجمهورية ميشال سليمان في لقائهما امس الاول، على دعوة مجلس الوزراء للإنعقاد في السراي في 29 آب الحالي، على ان تعقد جلسة ثانية في بعبدا في 5 ايلول المقبل، تخصص لسلسلة الرتب والرواتب، بعد ان يكون الرئيس سليمان قد عاد من مؤتمر عدم الانحياز في طهران الذي يصادف مع انعقاد الجلسة الاولى للحكومة، علماً انه سيتوجه اليوم الى ايطاليا في اجازة عائلية تستمر حتى الاثنين المقبل، وذلك في اطار الرد على انتقاد الرئيس نبيه بري لتباطؤ العمل الحكومي، فإن الاجتماع الذي عقده الرئيس ميقاتي في طرابلس، وشارك فيه نواب من المعارضة في المدينة، جاء في سياق ذروة من الجهود التي كانت بذلت خلال الايام الماضية لوضع حد للاقتتال الحاصل، من دون فائدة، او من دون نتيجة تذكر، حيث سقط اتفاقان لوقف النار مع المزيد من الضحايا، الذين فاق عددهم 12 قتيلاً واكثر من مائة جريح، كان آخرهم قتيلان سقطا في كلا المنطقتين المتقاتلتين في التبانة وجبل محسن.

وفي تقدير مصادر طرابلسية مطلعة، ان الاجتماع في منزل ميقاتي، والذي كنا قد اشارنا اليه امس، كان حاجة ضرورية، خصوصاً في ظل الخروقات الامنية المتكررة التي جعلت من آخر اتفاق لوقف النار هشاً، والتي ارتدت اشكالاً مختلفة من القنص المتقطع، ومن احراق منازل لعائلات طرابلسية تسكن في جوار جبل محسن، مثلما حصل مع آل عكاري في محلة المنكوبين، وفي منزل آخر في بعل الدراويش.

معلومات شربل
وبحسب المعلومات التي كشف عنها وزير الداخلية مروان شربل لـنا فإن الهدنة عملياً لم تثبت، اذ ان المجتمعين من وزراء ونواب وقادة امنيين كانوا يسمعون بعض العيارات النارية، وكانت تصلهم معلومات عن استمرار القنص.
واوضح شربل انه حصل في الاجتماع اتفاق التزمت به الدولة والاطراف جميعاً، مبني على ثلاث نقاط:
– تثبيت الامن والاستقرار.
– تسريع عملية الانماء والمشاريع الانمائية.
– المصالحة الطرابلسية الشاملة.
ولفت الى ان الامور ليست سهلة وهي معقدة لان لها ارتباطات خارجية متشعبة، مشيراً الى ان الحكومة تعمل على حلحلة كل العقد من منطلق هذه العناوين الثلاثة.

واذ كشف بأن الرئيس ميقاتي بقي في طرابلس لمتابعة الاتصالات اعلن شربل، انه سيبقى على اتصال مع كل الاطراف للعمل على تثبيت وقف النار، وقد يعود اليوم الى المدينة لاستكمال مشاوراته مع الاطراف المعنية، استكمالاً للاتصالات السابقة التي كان قام بها لتحقيق التقارب بين الاطراف.
الى ذلك، كشفت مصادر المجتمعين، ان نقاشاً حصل في موضوع الضمانات لعدم تجدد الاشتباكات في المدينة، اذ ان البعض اقر باستحالة توفر هذه الضمانات نظراً للظروف الاقليمية التي تتحكم بالخروقات التي تسجل، فيما راهن البعض الآخر على القرار الطرابلسي الموحد والجامع للحفاظ على الاستقرار، والقفز فوق اي تأثيرات خارجية على المدينة.
ووصفت المصادر ما حصل في الاجتماع بالمصارحة الجدية، والسعي الى "ترميم حالة الاستقرار على قاعدة الحفاظ على المصالح المحلية واللبنانية".
وطرح في هذا السياق، اداء الجيش خلال الاشتباكات وبيان القيادة الذي تحدث عن حوار ستجريه مع المتقاتلين، وكان رأي بأن الجيش يتعرض لكثير من الضغوط وعلينا دعمه، ولا يجوز ان نطلب منه اكثر مما يستطيع.
اما بالنسبة للمصالحة الطرابلسية والتعويضات على المتضررين التي لم تعط سابقاً، فقد اتفق على وضع خطة عهد تنفيذها الى مفتي طرابلس والشمال الشيخ مالك الشعار، على ان تسبقها محاولة من قبل الجيش لبناء جسور من التواصل مع الحزب العربي الديمقراطي في موازاة اعطائه كل الثقة والدعم من اجل الضرب بيد من حديد لفرض الامن في المنطقة، وتنفيذ الخطوات القضائية لجهة توقيف مطلقي النار او المتورطين في الاحداث.

حصانة المرعبي
في غضون ذلك، لم تأت خطوة وزير العدل شكيب قرطباوي بارسال كتاب إلى الامانة العامة لمجلس النواب امس بطلب رفع الحصانة عن النائب معين المرعبي، لملاحقته قضائياً، بالامر المفاجئ، اذ سبق لقيادة الجيش ان طلبت بملاحقته، على خلفية "التعرض للجيش وقائده واثارة النعرات الطائفية".
وجاء الطلب مرفقا بمذكرة من النائب العام لدى محكمة التمييز تضمن نوع الجرم وزمانه ومكان ارتكابه، وعلى خلاصة من الادلة التي تستلزم اجراءات عاجلة، وذلك عملا بأحكام المادة 91 من النظام الداخلي للمجلس.
ومع ان المرعبي اكد استعداده للمحاسبة وللاستقالة على ان يستقيل قائد الجيش معه، موضحا بأنه يقوم بما يمليه عليه ضميره وفقا للامانة التي حمله اياها اهل عكار، فإن تقديم الطلب اثار مواقف نيابية متعددة، حيث رفض عضوا هيئة مكتب المجلس النائبان احمد فتفت ومروان حمادة ان الطلب مردود بالشكل لجهة وجود "غايات سياسية"، فيما اعتبر اخرون ان المجلس سيد نفسه والمسألة رهن بإرادته، فإذا وافق على الطلب- وهذا امر مستبعد – يلاحق المرعبي من قبل النيابة التمييزية، تبعا لسوابق حصلت في الماضي مع النواب: شاهي برصوميان وحبيب حكيم ويحيى شمص، وإلا يعتبر طلب رفع الحصانة كأنه لم يكن وتنتفي الملاحقة.
وفي هذا السياق، تمنى النائب الكتائبي ايلي ماروني ان تعالج قضية المرعبي بحكمة، إلا انه اكد لـ "اللواء" انه من غير الممكن تأمين اكثرية في مجلس النواب لنزع الحصانة عنه، مشيرا إلى ان المرعبي عبر عن رأيه، وهذا حقه، وأنه من الضروري عدم خنق الحريات والغاية الديموقراطية، ومن الاهمية الحفاظ على بعض الديموقراطية.
وقال: انه كما يعنينا الجيش اللبناني وتفعيل دوره كذلك تعنينا قضية الحرية وترسيخ الديموقراطية". لافتا إلى انه من الصعب ان يمر الطلب في هيئة مكتب الجلس، وفي جميع الحالات فإن الاكثرية في الهيئة العامة غير متوافرة لاتخاذ هكذا قرار.
يشار الى ان الآلية الدستورية بعد تسجيل هذا الطلب ستكون بدعوة رئيس مجلس النواب هيئة مكتب المجلس النيابي ولجنة الادارة والعدل الى جلسة مشتركة لدرس الطلب، وعلى هذه الهيئة تقديم تقرير بشأنه في مهلة اقصاها اسبوعان عملا باحكام المادة 92 من النظام الداخلي واذا لم تقدم الهيئة المشتركة تقريرها في المهلة المعنية وجب على رئاسة المجلس اعطاء علم بذلك للمجلس في اول جلسة يعقدها، وللمجلس ان يقرر منح الهيئة المشتركة مهلة اضافية بالقدر الذي يراه كافيا او وضع يده على الطلب والبت به مباشرة ويتخذ قرار رفع الحصانة بالاكثرية النسبية، وللهيئة المشتركة المؤلفة من هيئة مكتب المجلس ولجنة الادارة والعدل، عند درس ومناقشة طلب رفع الحصانة تقدير جدية الملاحقة والتأكد من ان الطلب بعيد عن الغايات الحزبية والسياسية ولا يستهدف حرمان النائب من ممارسة عمله النيابي، وذلك عملا بأحكام الماد 39 من الدستور.
 

السابق
الممانعة لحظة سقوطها: مذهبية عارية
التالي
الحياة: وزير العدل طلب رفع الحصانة عن نائب من المستقبل وجنبلاط دعا الى وقف التمويل والتسليح شمالا