القطاع السياحي يُشهِرُ إفلاسه

يُلملم الجسم السياحي شظايا الأزمة السياسية الإقليمية التي ألهبت لبنان خلال الأسبوع المنصرم مع تفاقم حالات الخطف فتهاوت معها كل المؤسسات السياحية. وبعد تحديد نسب الخسائر، تبيّن أنّ قطاع الفنادق والمطاعم تكبّد خسائر باهظة في حين كانت الآمال معقودة على موسم عيد الفطر لإنعاش الحركة الاقتصادية.

شلّ الوضع السياسي الداخلي الحركة السياحية ودفع الحركة التجارية الى الهاوية فيما قضت السياسات المجاورة على سياحة المغتربين والمجموعة الوافدة من الغرب فعكست ركوداً لامتناهياً في مختلف القطاعات الاقتصادية، حتى أدخلت القطاع السياحي بشتى أطيافه دائرة الجمود وأرهبت مؤسساته من حالات إفلاسٍ سريعة.

تفاوتٌ في الحجوزات
وفي هذا المضمار، تحدث أمين سرّ نقابة المطاعم والمقاهي والملاهي والباتيسري طوني رامي في حديثٍ خاصّ الى "صدى البلد" عن مآسي أصحاب المؤسسات الكبيرة والصغيرة الذين كانوا يصبّون كل آمالها في موسم صيفي جديد خلال عيد الفطر، إلا أن الأوضاع الراهنة حالت دون تحقيق الآمال المنشودة. وقال: "يعتبر عيد الفطر موسماً نموذجياً وأساسياً من ناحية تحريك العجلة الاقتصادية، وفيما كانت قد سجلت نسبة أرقاماً ممتازة في الفنادق والشقق المفروشة وشركات السفر، فلامست نسبة الـ85% في فنادق بيروت الكبرى، أدت الأحداث السياسية الى تدهور تلك النسبة ووصولها الى نحو 40% في بيروت فيما لم تطأ في باقي المناطق عتبة الـ15%". وشدد على "أنه وبالمقارنة مع العام المنصرم، انخفضت الحركة السياحية الى نحو 50% عن الموسم الماضي الذي يقلّ بدوره 50% عن الموسم الذي سبقه".

حركة شبه معدومة
لا شكّ أن المؤسسات الخاصة كانت تعتمد بالدرجة الأولى على موسم الصيف لتحريك العجلة الاقتصادية وتعويض ما تكبدته من خسائر خلال الموسم، في حين أتت الأحداث الحالية لتضرب الانطلاقة وتقضي بشكل قاطعٍ على صيف 2012.

وأوضح رامي أن "الأحداث التي خيّمت على منطقتنا لم تشأ إلا أن تلقي بثقلها على كل جوانب القطاعات الاقتصادية وتأتي عملية إقفال طريق المطار لتزيد الطين بلّة وتؤدي بالمغتربين الى العودة الى بلاد الاغتراب وامتناع السياح من القدوم الى لبنان".
وأكد "أن يوم عيد الفطر كان يوازي يوم عمل عاديّ حيث كانت الحركة خجولة جداً، اقتصرت على خروج بعض العائلات اللبنانية وليوم واحدٍ فقط نظراً للضائقة المعيشية من جهة وللأوضاع الأمنية السيئة من جهة أخرى، حتى أضحت الحركة شبه معدومة، وحال العيد كحال الكهرباء أي منطفئ بشكل تام".

خسارة الأتراك
وفي وقتٍ أشار فيه رامي الى أن السوريين لم يظهروا الى العلن منذ انطلاق ظاهرة الخطف، أكد أن الأتراك يلعبون دوراً أساسياً في إنعاش الحركة السياحية إذ أنهم يعمدون الى زيارة لبنان منذ مساء كل خميس ويتغلغلون في فنادق الثلاث نجوم، معظمهم من فئة الشباب، فيستفيد قطاع الفنادق والمطاعم بالتالي من الحياة الليلية التي يعيشها السياح الأتراك، مشيراً الى "أن لبنان خسر ما لا يقل عن ثلاثة آلاف سائح تركي نتيجة الأوضاع الراهنة".

ولفت الى "أن أصحاب المؤسسات الكبيرة وللمرة الأولى متخوفون من حدوث حالات إفلاس تطال قطاعاتهم كافة، خصوصاً وأن خلال الشهرين المنصرمين عدد لا يستهان به من المحال أقفلت أبوابها".
وشدد على "أن ما لا يقلّ عن 60 مطعمٍا أقفلت خلال الشهر الماضي فيما استبدل إدارة قسم منهم تفادياً للافلاس الكليّ". وفيما رأى أن "القطاع السياحي يعتمد بالدرجة الأولى على فرصة شهر رمضان كونه يعدّ من أكثر الأسابيع التي تنعش الحركة الاقتصادية، بدا هذا العام وكأنه يوم عادي أتت فيه الحركة… بلا بركة".

حالة طوارئ اقتصادية
في المقلب الآخر، دعا رئيس اتحاد الغرف اللبنانية رئيس غرفة بيروت وجبل لبنان محمد شقير الحكومة الى إعلان حال الطوارئ الاقتصادية، وأعلن عن "إفلاسات بدأت تدق ابواب مؤسسات القطاع الخاص"، محذراً من "تمدّد هذه الحركة لتطاول الكثير من المؤسسات في كل القطاعات وخصوصاً في قطاعي السياحة والتجارة"، مشيراً الى "مؤسسات عريقة وضعها بات على المحك، كما أن آلاف العمال مهددين بالصرف من عملهم".

وفي التفاصيل، أكد "أن الحجوزات في الفنادق انخفضت 90% باعتراف وزير السياحة، حيث لم تتعدَّ نسبة الحجوزات الـ20% في بيروت لتنخفض الى ما بين 10 و15 % في المناطق. أما الاسواق التجارية فانخفضت حركتها في العاصمة نحو 50%، وفي المناطق وصل التراجع الى حدود الـ90%، فيما المواسم الزراعية بقيت مكدّسة لدى المزارعين بعد تعذر تصديرها الى الخارج". وقال: "كذلك القطاعات الاخرى فوضعها ليس أفضل، لا سيما على مستوى الاستثمارت التي تلقت هي أيضاً ضربة كبيرة في ظل التراجع الكبير للتدفقات الاستثمارية الخارجية وخصوصاً العربية والخليجية منها".
  

السابق
الحاج حسن: تجاهل الحكومة قضية المخطوفين سبّب المأزق الحالي
التالي
التزمّت والتكفير يولّدان شرارات الفتن