خدمات لبنانية لطرفي الأزمة السورية

سيكون من الصعب تحمّل موقف يقول: معليش، وإذا كان ميشال سماحة ينقل متفجرات لاستخدامها ضد المعارضة السورية في لبنان… نحن في حالة حرب، وما يقوم به سياسيو 14 آذار وجماعة تيار المستقبل على وجه التحديد، أفظع من نقل متفجرات؛ فهم يشاركون في تفجير سوريا نفسها؟.
أكثر من ذلك. يقفز أنصار سوريا أو خصوم معارضيها في لبنان إلى المطالبة فوراً باقتحام السجون وتحرير سماحة من الاعتقال. يلقي هؤلاء باللوم على القوى الرئيسية في فريق 8 آذار. من حزب الله، إلى التيار الوطني الحر، مروراً بآخرين، لا يقدرون على «حماية جماعتهم». وعند التدقيق، يرفض كثيرون تصديق رواية فرع المعلومات، وصيت الفرع سابق له منذ بدء التحقيقات في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري. لكن هذا الجمهور، يرى أن «التخلي» عن سماحة اليوم يعني إطلاق يد فرع المعلومات بوصفه «الأداة الرسمية الضاربة» لمعارضي سوريا في لبنان، لدهم واعتقال واتهام أي شخصية من حلفاء سوريا.

المسألة هنا تفسر شيئاً واحداً، هو أن الانقسام في لبنان وصل إلى حدّ لم يعد ممكناً إعادته إلى الخلف، ولم يعد للعقل فيه مكان كبير فيه. والشطارة بين المجموعات اللبنانية المنخرطة كلها في دعم أحد فريقي الأزمة السورية، تكون فقط في ضبط الآخر متلبساً بالجرم المشهود. لذلك، حرص فريق المعلومات في قوى الأمن الداخلي على توفير ما يتيح له ضبط سماحة متلبساً، ليس فقط لتسهيل إدانته رسمياً أمام القضاء، بل لنصب كمين لأي قوة سياسية أو إعلامية أو خلافه تسعى إلى نقض الرواية. حتى إن بارزين في الفرع ومرجعيته، عبّروا عن خيبتهم من كون حزب الله على وجه الخصوص، لم يبادر إلى إطلاق حملة كانت ستتيح لهم تسريبات مرئية ومسموعة إلى وسائل الإعلام تتعلق بقضية سماحة، وحتى بالتحقيقات الأولية معه، التي يبدو أنها وُثِّقت أيضاً بالصوت والصورة.

وهذا الانقسام القائم يعبّر عنه الكبار كما الصغار. لكن مع إضافة أن بعض الراغبين بالانتقال تماماً إلى ضفة المعارضة لسوريا، مثل وليد جنبلاط، يحتاجون ورقة مثل تلك التي اسمها اليوم «ملف سماحة»، للتقدم خطوة إضافية وكبيرة نحو مغادرة مركب حكومة التسوية التي يقودها الرئيس نجيب ميقاتي، وهو ما يجعل التوظيف السياسي لـ«ملف سماحة» يتجاوز سريعاً البعد المتصل بالحروب المفتوحة بين أجهزة أمنية، ليلامس جوهر المصلحة عند فريق 14 آذار، بالتخلص من هذه الحكومة. وليس بقصد تأليف حكومة أخرى، تسمى عادة وفاقية أو حيادية، بل بترك البلاد محكومة بالأمر الواقع، الذي يتحول عندها من حركات في الليل إلى حركات في وضح النهار. وعندها ليس مهماً من يضبط من؟

وسام الحسن يشعر بالنشوة، لا لأنه سجّل نقطة في مرمى خصومه، علماً بأن سيلاً من الأسئلة ينتظره في هذا الملف. واستعجاله إنجاز المهمة، باعتباره معنياً حقيقة، لا بصورة شكلية أو على سبيل الاتهام، بـ«نصر الثورة السورية». وهو لا ينتظر تنويه رؤسائه في لبنان، بل ابتسامات وعلامات الرضى من الجهات الحليفة له خارج لبنان.

أما ميشال سماحة، فقد ذهب ضحية حماسته في تقديم خدمة للنظام الحليف في سوريا، وضحية تحليل غير علمي لوقائع المواجهة في لبنان واعتقاده أن الوضع يتطلب أفعالاً من هذا النوع. لكن الخطير في الأمر، أن سماحة لم ينتبه إلى أنه سيكون ضحية العجز في مواجهة خصوم سوريا وحلفائها في لبنان.  

السابق
من هو ميلاد كفوري ..؟
التالي
فشل حفل أصالة بسبب مواقفها من سوريا