الشرق الأوسط: توقيف الوزير الأسبق ميشال سماحة بشبهة التحضير لتفجيرات في الشمال

أحدث توقيف الوزير اللبناني الأسبق ميشال سماحة، والتحقيق معه بقضايا أمنية، صدمة كبيرة في الأوساط السياسية والرسمية في لبنان، خصوصا مع تسريب معلومات تفيد بأن القضاء أعطى أمرا بالقبض عليه بشبهة تورطه في التخطيط لأعمال أمنية وتفجيرات في شمال لبنان، وهو ما استدعى مداهمة منزله وإحضاره للتحقيق.
وأفادت مصادر أمنية لبنانية بأن دورية من شعبة المعلومات التابعة لقوى الأمن الداخلي، داهمت عند الساعة السابعة من صباح أمس، منزل ميشال سماحة (المستشار السياسي للرئيس السوري بشار الأسد)، الكائن في بلدة الخنشارة في قضاء المتن الشمالي في جبل لبنان، واقتادته من سريره إلى مقر قوى الأمن الداخلي في الأشرفية للتحقيق معه، وقد تضاربت المعلومات حول أسباب إحضاره بهذه الطريقة والتوقيت، وقد جرى تسريب الكثير من المعلومات حول التهم المنسوبة إلى هذا السياسي، قبل أن يوضح رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أن توقيف سماحة لا علاقة له بالتعامل مع إسرائيل ولا بالمحكمة الدولية الخاصة بلبنان، إنما بقضية أمنية بحتة.
وعلى أثر نقل سماحة إلى مكتب التحقيق التابع لشعبة المعلومات جرى تفتيش منزليه في الخنشارة وفي الأشرفية في بيروت، ومصادرة أجهزة كومبيوتر وأقراص مدمجة ومستندات من داخليهما، كما جرت مصادرة سيارته وتوقيف سائقه الخاص فارس بركات وسكرتيرته ونقلهما إلى فرع التحقيق في مقر شعبة المعلومات.
في هذا الوقت، أعلن النائب العام التمييزي بالإنابة القاضي سمير حمود، أن "إحضار سماحة إلى التحقيق حصل بأمر منه شخصيا". وأكد حمود لـ"الشرق الأوسط" أن "هناك ملفا أمنيا قضائيا استدعى إحضار سماحة والتحقيق معه حول هذا الملف". وردا على سؤال عن أبعاد المداهمة في ساعات الصبح الأولى والقبض عليه بهذه الطريقة، اكتفى القاضي حمود بالقول: "هناك تحقيق قائم وفي ضوء نتائج هذا التحقيق نتخذ القرار المناسب"، رافضا الإفصاح عن ماهية الشبهة التي يستجوب سماحة حولها.
وفي وقت لاحق، أكد القاضي سمير حمود أن التحقيقات مع سماحة تتم تحت إشرافه، وهذه التحقيقات لم تنته بعد. وقال: "انتقلت إلى مكتب (مقر) فرع المعلومات حيث تحققت شخصيا من إجراءات التحقيق، وقابلت سماحة، وهو بصحة جيدة ولم يتعرّض لأي ضغوط أو مضايقات، وأعلمني أنه يدلي بإفادته بصورة إرادية". وأعلن حمود أنه عين طبيبا شرعيا وطبيبا تابعا لقوى الأمن الداخلي حيث عاينا سماحة وكتبا تقريريهما.
إلى ذلك، أعلن مصدر أمني لـ"الشرق الأوسط"، أن "المعلومات التي توفرت تفيد بأن سماحة كان يحضر لتنفيذ عمليات أمنية تكتسب طابعا إرهابيا، خصوصا في شمال لبنان وتحديدا منطقة عكار، ومحاولة إشعال فتنة طائفية"، كاشفا أن "إحباط هذا المخطط جاء بعد أن تسلمت شعبة المعلومات (داتا) الاتصالات، بعد محاولة اغتيال النائب المعارض بطرس حرب التي أحبطت الشهر الماضي". فيما ترددت معلومات غير رسمية عن مصادرة الأجهزة الأمنية لمتفجرات تعود للوزير سماحة في أماكن بعيدة عن منزليه.
ووصفت غلاديس سماحة، زوجة ميشال سماحة، توقيف زوجها بالـ"سياسي لأن الذين حضروا واقتادوه من سريره لم يحضروا أي استنابة أو مذكرة قضائية". وقالت: "إن طريقة توقيف زوجي مخالفة لكل الأعراف والقوانين، والقوى الأمنية دخلت إلى المنزل بعد خلع بابه ودون أن تظهر أي إذن، ولم يتم استدعاؤه إلى التحقيق سابقا". وأعلنت أنها لا تعرف أي معلومات عن أسباب التوقيف. وناشدت الفريق السياسي الذي ينتمي له سماحة التحرك لإبراز حقيقة الأمر.
يذكر أن سماحة هو من أقرب السياسيين اللبنانيين إلى النظام السوري منذ عهد حافظ الأسد، ومن أشرس المدافعين عن هذا النظام وكل ما يدور في فلكه، وهو معروف بعلاقته الوطيدة بالرئيس السوري بشار الأسد، ويعد أحد مستشاريه الأوائل مع بثينة شعبان، برز اسمه في كثير من الأحداث التي مرت بلبنان، من الحرب اللبنانية وخفاياها، وصولا إلى المحكمة الدولية الخاصة باغتيال الرئيس رفيق الحريري، وهو من مواليد الخنشارة في قضاء المتن عام 1948، يحمل الجنسية الكندية، متأهل من غلاديس عريضة وله 3 بنات، حاصل على إجازة في إدارة الأعمال من جامعة القديس يوسف عام 1973. وانضم عام 1964 إلى حزب "الكتائب اللبنانية" وأصبح مسؤولا عن القطاع الطلابي داخله بالاشتراك مع الوزير السابق كريم بقرادوني، ومن الأشخاص الذين انفتحوا على الفلسطينيين وعلى اليسار اللبناني. عينه الرئيس السابق أمين الجميل رئيسا لمجلس إدارة تلفزيون لبنان، وكان أثناء الحرب من المكلفين بالاتصالات بين حزب "الكتائب" والقيادة السورية. ترك سماحة "الكتائب" عام 1985 بعد تأييده انتفاضة سمير جعجع (رئيس هيئة الأركان في القوات اللبنانية آنذاك) وإيلي حبيقة (رئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية)، وأصبح بعدها من القريبين من إيلي حبيقة، وخصوصا عند توقيع حبيقة الاتفاق الثلاثي.
بعد إسقاط الاتفاق الثلاثي من جعجع والجميل أبعد سماحة مع حبيقة من المنطقة الشرقية ومنذ عام 1986 إلى الدخول السوري بعبدا، أصبح سماحة من أبرز الشخصيات القريبة من القيادة السورية. عين عام 1992 وزيرا للإعلام والسياحة في حكومة رشيد الصلح ثم وزيرا للإعلام في حكومة رفيق الحريري الأولى وعين في 17 أبريل (نيسان) عام 2003 مرة أخرى وزيرا للإعلام، واستمر في منصبه إلى 26 أكتوبر (تشرين الأول) عام 2004. وانتخب عام 1992 أيضا نائبا في أول انتخابات بعد اتفاق الطائف، ثم انهزم في انتخابات عامي 1996 و2000 أمام أنطوان حداد.
واعتبر سماحة من الوزراء المشاكسين إلى جانب سليمان فرنجية ونقولا فتوش، المدعومين من القيادة السورية من أجل الوقوف أمام الرئيس رفيق الحريري. وفي عام 2007، قررت الإدارة الأميركية منعه من دخول أراضيها بحجة "التورط أو إمكانية التورط في زعزعة الحكومة اللبنانية"، و"رعاية الإرهاب أو العمل على إعادة ترسيخ السيطرة السورية على لبنان"، وأنهم بذلك "يلحقون الضرر بمصالح الولايات المتحدة". 
 

السابق
الافراج عن مرافق سماحة وسائقه وسكرتيرته بسند اقامة
التالي
اللواء: تهاوي اللاعبين بالفتنة وشربل يؤكد: سماحة إعترف!