عقدة بيت الحريري

… حتى في أيام الوصاية السورية المباشرة، لم تُسجَّل محاولة إقصائية فجّة كالتي يسجّلها مشروع حكومة الانقلاب للانتخاب! وأغلب الظنّ أنّ أحد أسباب ذلك هو عدم امتلاك ورثة الوصاية ما كانت تملكه تلك، من تفويض ووقت وعلاقات وتشعّبات وخبرات في التجارة السياسية مهمّة ومؤثّرة!

وواضح أن أهل الانقلاب مستعجلون. رغم أن العجلة من الشيطان! ورغم الحقيقة القائلة إنّ تحطيم الأوهام جزء من "تراث" لبنان… وواضح أكثر أنّ الوهم الراكب في رؤوس الممانعين من طهران إلى بيروت مروراً بدمشق يتمحور حول كيفية ضرب الرئيس سعد الحريري وبيته وتيّاره وتحالفاته وإمكاناته وقدراته وشعاراته، ولا شيء آخر!

.. حرب إلغائية، استخدمت وتُستخدم فيها أسلحة كبيرة، منحطّة في مجملها ولا نبل فيها ولا شرف ولا أخلاق. من الإلغاء الجسدي ومحاولاته، إلى الغدر السياسي والشخصي، إلى تلفيق الأكاذيب وتركيب الأفلام واستخدام زبالة الإعلام ونفاياته ومستنقعاته وضفادعه وقحابه، إلى غير ذلك من أسلحة تليق فعلاً بأصحابها لأنّها مثلهم! لكنها لم تغيّر في محصلتها شيئاً من القناعات والإرادات مثلما لم تغيّر شيئاً من نتائج الانتخابات!

وهي حرب تدل في النتيجة أيضاً على استحكام "عقدة" بيت الحريري برؤوس أهل الممانعة، أصحاب مشروع سرقة لبنان من أهله. وإلى صيرورتها جزءاً مَرَضياً من عدّة شغلهم وإلى درجة تستدعي علاجاً طبياً أكثر من المحاججة بالسياسة والمقارعة بالمنطق والمصارعة الاحتكامية إلى الناس وأصواتهم!.. "عقدة" حرزانة ومتأتية، لمَن شاء الموضوعية أن تكون هواه، من قدرة مشروع الحريري وثورة الأرز على التصدّي الفعلي لمحاولة إبقاء لبنان وطناً ناقصاً وساحة مستباحة وورقة نفوذ وابتزاز ومغانم ومغارم لنظام المافيا الأسدية أولاً ومن ثم للنظام الإيراني ومشاريعه وطموحاته على حساب العرب ودولهم ومجتمعاتهم وعلى حساب المسلمين ووحدة حالهم!

.. لكن الغريب في قصّة مشروع قانون الانتخاب الراهن هو صدوره عن جهة لا يمكن إدراجها في خانة المتآمرين على بيت الحريري و14 آذار وثورة الأرز والوطن اللبناني أولاً وفوق الجميع. لا رئيس الجمهورية في ذلك المنحى ولا وزير الداخلية. ومع ذلك حمل الاثنان الوزر بطريقة غير مفهومة حتى اللحظة.. إلاّ إذا كان افتراضهما أنّ المشروع في النهاية لن يعبر في المجلس النيابي، وهذا صحيح مبدئياً، وإن كان لا يكفي كمبرر مقبول!
 

السابق
قطاع غزة يلفه السواد
التالي
من المريخ إلى الأنفاق