ما بعد كوفي أنان:حرب بلا أقنعة

كوفي أنان تأخر كثيراً في الاستقالة من مهمته كموفد خاص مشترك للأمم المتحدة والجامعة العربية. ولم تكن القنبلة التي فجّرها سوى قنبلة صوتية أعلنت دفن مهمة ميتة. فلا الذين أوفدوه والذين جاء من أجلهم أرادوا له أن ينجح إلا في بيع وهم إسمه الحل السياسي عبر خطة النقاط الست التي صارت خرقة ممزقة بالرصاص. ولا هو شاء أن يعترف بأن مهمته جزء من حرب سوريا، وإن بدت باباً للخروج منها تمسك بمفاتيحه العواصم من دون مفتاح في يده. لا خبرته الديبلوماسية منعته من أن يلعب أحياناً دور الساذج. ولا كلامه الموزع بين الغموض والوضوح أزال الالتباس في الانطباعات حول كونه مخدوعاً أو مخادعاً، أداة لشراء الوقت في الحرب أو ضحية من ضحاياها.

ذلك أن حرب سوريا بالوجه الداخلي للصراع مع النظام، والوجه الخارجي للصراع على البلد ودوره وموقعه هي في الحسابات الاستراتيجية حلقة أساسية في الحرب على المشروع الايراني في المنطقة. وليس الحديث عن تسويات سوى تاكتيك في خدمة الاستراتيجية لدى الأطراف على جانبي الحرب. فهو في الصراع الداخلي ضد طبائع النظام الذي اختار الحل الأمني – العسكري من البداية، وضد أحلام المعارضين وحلفائهم الذين أرادوا الذهاب الى النهاية في صراع مصيري. وهو في الصراع الإقليمي والدولي على سوريا، إما شيء لم تنضج ظروفه التي تتجاوز سوريا الى قضايا في المنطقة والعالم، وإما عقبة أمام ما يريده كل طرف من حسم لمصلحته.

مفهوم ان الكبار المختلفين التقوا على اتفاق جنيف وأوحوا أنهم اقتربوا من وضع المفتاح في باب التسوية. ومفهوم أيضاً أن الغرب الأميركي والأوروبي استمر في خطاب التأييد لخطة أنان، وان الموفد الخاص ذهب الى موسكو وطهران، وسمع من الرئيس بوتين أنه سيفعل كل ما يمكنه لإنجاح الخطة وتكرار دعوة النظام والمعارضة الى مؤتمر دولي في موسكو، كما سمع في طهران الدعم والاستعداد لاستضافة حوار بين النظام والمعارضة. لكن الواقع ان الفعل لحسابات الصراع، ولو جرى تدمير سوريا وقادت الوقائع الى سيناريو التقسيم أو التفتيت. فلا مجلس الأمن دعم أنان بقرار له أنياب طلبه واصطدم بالخلاف بين الكبار. ولا الجامعة العربية مقبولة في دمشق أو لها وزن.
ومن الصعب الحديث عن صدمة أحدثها اعلان الفشل بما يدفع الى التفكير في خطة جديدة. فما أحدثه هو سحب ورقة وهمية كان يتلاعب بها الجميع من فوق لعبة الصراع. وليس لوجوه الحرب بعد الآن أقنعة.  

السابق
كلمة سر
التالي
ميزان القوى الجديد في سورية يغير المعادلة