النهار: الحكومة تستدرك انهيارها في عيد الجيش ونداء مستعاد للمطارنة يحذّر من الإفلاس

تحوّل عيد الجيش امس محطة بارزة تجمعت عندها مواقف اتسمت بأهمية استثنائية، كما شهدت مفارقة تمثلت في انفراجات بالجملة في أزمات الاعتصامات والمآزق المطلبية، الامر الذي رسم معالم تبدل ملحوظ في المناخ العام الذي عانى تأزماً شديداً في الآونة الأخيرة.

واذ عزيت ملامح هذه الانفراجات التي كان آخرها مساء امس فك اعتصام الشيخ احمد الاسير وانصاره في صيدا متزامناً مع حلحلة ازمتي المياومين في مؤسسة كهرباء لبنان وسلسلة الرتب والرواتب للموظفين في القطاع العام، الى قرار واضح لدى الحكومة وقوى الاكثرية باستدراك انهيار حكومي بدا وشيكاً وحتمياً لو تمادت الازمات على غاربها، اعرب رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي ليل امس لـنا عن ارتياحه الى النتائج التي تحققت امس ابتداء من مشهد تخريج الضباط، مروراً بمعالجة سلسلة الرتب والرواتب، وصولاً الى انهاء ازمة المياومين التي توقع انجاز اللمسات الاخيرة على الاتفاق في شأنها قبل منتصف الليل الفائت، وقال: "صحيح ان مآل الامور بدا كأنه يمس بشكل او بآخر بهيبة الدولة ودور الحكومة وعملها، ولكن كان علي كرئيس للحكومة ان اختار بين السير في المعالجة والحلول من طريق استعمال القوة او التروي ومعالجة الامور بالهدوء، واخترت الخيار الثاني، اذ ما يهمني هو الوصول الى تحقيق الهدف بالطرق السلمية وان كانت المعالجات استغرقت وقتاً. ولكن نجحنا في تفادي المواجهة كما نجحنا في تذليل العقبات الواحدة تلو الاخرى". واضاف: "حتماً ستكون هناك عراقيل اخرى نظراً الى الظروف التي نمر بها، لكنني آليت على نفسي ان اذللها بالتروي والهدوء كي يحصل كل صاحب حق على حقه".

ووصف جلسة مجلس الوزراء اليوم في السرايا بانها ستكون عادية بجدول اعمال من 57 بنداً، نافياً طرح تعيينات او مواضيع اخرى من خارج الجدول.
اما على صعيد المواقف من التطورات والازمات الداخلية، فشكلت كلمة رئيس الجمهورية ميشال سليمان في احتفال تخريج دورة جديدة من الضباط في مناسبة الاول من آب، والنداء الذي اطلقه مجلس المطارنة الموارنة، محور الاهتمامات السياسية نظراً الى اهمية المواقف الصادرة عن كل من المرجعيتين الرئاسية والكنسية.

ذلك ان الرئيس سليمان اعلن موقفاً حازماً من موضوع مهمات الجيش والسلاح غير الشرعي اذ قال: "نعم للمشاركة في الدفاع الوطني بصيغة متوافق عليها في اطار الدستور ومستلزمات الوفاق الوطني وقرارات الشرعية الدولية، ولكن لا شركة مع الجيش والقوى الشرعية الرسمية في الامن والسيادة والتصرف بعناصر القوة التي هي حق حصري للدولة، ولا للسلاح المنتشر عشوائياً ولا للضغط على الزناد لاهداف خارجة عن التوافق الوطني".
اما مجلس المطارنة الموارنة الذي عقد اجتماعه الشهري امس برئاسة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي في الديمان، فلوحظ انه استعاد نهج اعلان النداءات السنوية الذي اطلقه سابقاً البطريرك الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير. واتسم "نداء 1 آب" امس بأهمية خاصة اذ رسم صورة قاتمة لمجمل الوضع اللبناني وخصوصاً من حيث الخطر الاقتصادي والاجتماعي وحذّر عبر "صرخة تحذير كبرى" من "خطر افلاس الدولة وشبح الانهيار الكبير".

بري والأكثرية
ولعل اللافت في هذا السياق ايضاً ما أبرزته اوساط رئيس مجلس النواب نبيه بري من ملاحظات على أداء الحكومة رسمت علامات استفهام كبيرة على الوضع الناشئ داخل قوى الاكثرية، ذلك أن أوساط عين التينة ذهبت عبرنا الى نعي الاكثرية التي تضم اطراف الحكومة. وقالت إن هذه الاكثرية "لم تعد موجودة" بل هي "مقاطعات". وسألت: “ماذا فعلت حتى الآن ولماذا هذا التباطؤ الحاصل؟". ولفتت الى ان بري "يرى ان أكثرية الجهات الممثلة في الحكومة تريد أن ترفع عن نفسها مسؤولية قانون الانتخاب وقذفها الى مجلس النواب". وردت على نشاط قوى 14 آذار وتحضيراتها للانتخابات النيابية المقبلة بقولها: "عافاهم"، متسائلة "عما تفعل الاكثرية حتى الآن في مواجهة هذا الاستحقاق؟".

الحوار ونصرالله
في غضون ذلك توقعت أوساط مواكبة للاتصالات التي يجريها الرئيس سليمان تمهيدا لعقد جلسة الحوار المقبلة ان تكون من النقاط التي طرحتها قوى 14 آذار قيد المعالجة. وإذ ذكرت بحل مطلب تأمين "داتا الاتصالات" للأجهزة الامنية، أشارت الى موضوع الاستراتيجية الدفاعية وقالت إنه ينتظر رصد ردود فعل قوى 14 آذار اليوم على كلمة الامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله امس والتي تناول فيها باسهاب موضوع الاستراتيجية الدفاعية متحدثا عن استراتيجيتين دفاعية وتحريرية، وهل تقبل 14 آذار بالحوار فيهما؟ واعتبرت ان الوقت لا يزال مبكرا لتقويم المواقف النهائية حتى موعد الجلسة المقبلة في 16 آب.
وكان السيد نصرالله ذكّر امس بطرحه تصورا لاستراتيجية دفاعية عام 2006 قائلا إنه "لم يناقش حتى الآن". وأضاف: "ان الطرف الآخر اتخذ قرارا واحدا هو نزع السلاح ولم يكن الهدف حماية لبنان". لكنه شدد على ان "حزب الله لن يقاطع طاولة الحوار"، مبرزا ضرورة الحديث ايضا عن "استراتيجية التحرير".

فك الاعتصام
الى ذلك، بدأ ليل امس فك اعتصام الشيخ احمد الاسير وأنصاره في صيدا بعد 35 يوما من بدئه عقب مفاوضات تولاها وزير الداخلية مروان شربل وانتهت بلقائه الاسير في مكان الاعتصام.
وأفادت مصادر مواكبة للاتصالات التي أدت الى فك الاعتصام أن رئيس الحكومة كان تلقى كتابا من الاسير بمطالب عدة تتلخص ببعض الضمانات الامنية مع تمسك الاسير بطرح ملف السلاح على طاولة الحوار. واستمرت المفاوضات التي تولاها الوزير شربل بالتنسيق مع رئيس الحكومة ثلاثة أيام انتهت برفع الاعتصام.
وفي موضوع معالجة سلسلة الرتب والرواتب أحرز تقدم بارز أمس ينتظر ان يترجم بقرار هيئة التنسيق النقابية اليوم العودة عن مقاطعة التصحيح للمسابقات في الامتحانات الرسمية بعدما حصلت الهيئة على تعهد من الحكومة لاقرار السلسلة قبيل عيد الفطر او في نهاية شهر آب حدا أقصى.   

السابق
الأخبار: الأسير يفكّ أسر صيدا
التالي
السفير: موجـة انفراجـت تفـك اعتصـام الأزمات