الأخبار: أزمة المياومين فُرِجَت: نهاية الملهاة

بعدما اشتدت أزمة المياومين وكادت تودي بالتحالف السياسي لقوى الأكثرية الوزارية، نجح الوسطاء أمس في وضع صيغة للحل، مبنية على مبادرة النائب سليمان فرنجية. وحصل الوزير جبران باسيل بموجبها، على تعديل لقانون التثبيت، وعلى فتح أبواب مؤسسة الكهرباء، لكن ليس بشروطه كاملة
نام اللبنانيون أول أمس على اعلان مجلس ادارة كهرباء لبنان أن العتمة الشاملة أصبحت واقعاً، ليستفيقوا على تفاؤل بحل قضية مياومي الكهرباء وجباتها. وفيما كانت المفاوضات مستمرة إلى ما بعد منتصف الليلة الماضية، أكدت مصادر معظم الجهات المعنية بالمفاوضات أنها أنجزت الاتفاق على معظم النقاط المرتبطة بالقضية، وان البحث استمر حول نقطة شكلية واحدة: هل يفك المياومون اعتصامهم قبل أن يحصلوا على ضمانة بدفع رواتبهم المتأخرة، أم يحصلون على الضمانة قبل ان يفكوا اعتصامهم؟
في المحصلة، انتهت الازمة، أو شارفت على الانتهاء، ليخرج المتخاصمون كل بنصف انتصار ولا خسارة. اما الخاسر الوحيد، فهو الفريق الأكثري السياسي الذي تلهّى بمعركة على مدى أكثر من أسابيع، فيما البلاد غارفة بأزمات أمنية واجتماعية واقتصادية ومالية، وسط ازمة كبرى في المنطقة وفي سوريا.

في تفاصيل الحل بندان أساسيان:
الاول، فتح أبواب مبنى مؤسسة كهرباء لبنان.
اما الثاني، فيقضي بتعديل القانون الذي صدر لتثبيت المياومين. وهذا التعديل سيتضمن عبارة ترضي الطرفين: ان تتم مباريات التثبيت بحسب ملاك المؤسسة. وبحسب مصادر المتفاوضين، فإن هذه العبارة هي في منزلة الوسط بين النص السابق، وما كان يطالب به الوزير جبران باسيل.
ولن يتضمن النص القانون المتفق عليه أي عدد للسقف المسموح للمؤسسة أن تثبته. ومن لا يفوزون بالمباراة، سيتولى وزير العمل سليم جريصاتي إعداد عقد "نموذجي" للتوقيع بينهم وبين شركات تقديم الخدمات، بحسب وصف مصادر المتفاوضين.
كذلك تجاوز المتفاوضون عقدة القانون الذي صدر سابقاً. ففيما كان الوزير جبران باسيل يطالب باعتبار التصويت لاغياً، وإعادة التصويت على الاقتراح، في مقابل إصرار الرئيس نبيه بري على تلاوة المحضر في أول جلسة تشريعية وتصديقه ونشر القانون، توصل الطرفان إلى صيغة وسطى سيتولى بري إخراجها في أول جلسة تشريعية، تنص على تقديم اقتراح لتعديل ما صدر سابقاً، ليُصار إلى نشر القانون بعد تعديله.

التغييرات الحاصلة بين ليلة وضحاها جاءت وفق جهات متابعة لمسار المفاوضات، "بعدما تبين، منذ يوم أول من أمس، أن قضية مياومي الكهرباء قد تنحو نحو الخطورة، فيما لا الحكومة ولا البلد تحتمل هذا المنحى". وقد تدخل أول من أمس النائب سليمان فرنجية وحزب الله مجدداً، وأرسلا اقتراحاً للحل بين الطرفين إلى الرئيس نبيه بري، فعادت ماكينة التفاوض لتستغل من جديد. وجرى تبادل أكثر من ورقة بين الطرفين، إلى أن تم التوصل إلى الصيغة النهائية التي كانت تبحث عند ساعات الفجر الاولى. ولفتت المصادر إلى أن الحل الذي جرى التوصل إليه، مبنيّ بالدرجة الاولى على مبادرة فرنجية، بعدما كان الرئيس بري قد قدم مبادرة إيجابية بشأن التصويت في مجلس النواب.

وبعكس خطوط التوتر المنخفض على الصعيد السياسي، اشتعلت الجبهة أمس بين مجلس ادارة مؤسسة الكهرباء والمياومين، عبر مؤتمر صحافي عقده المجلس من مقره الجديد في معمل الزوق. وأعلن رئيس مجلس الإدارة المدير العام للمؤسسة كمال حايك أنه "إذا استمر الاعتصام ثلاث سنوات او ثلاثة أشهر او ثلاثة ايام، فإن دفع الاجور غير ممكن قانوناً، لأن العقود انتهت مع متعهّدي غبّ الطلب"، مشيراً إلى ان "ما حصل أمس سابقة خطيرة، والحل في مجلس النواب".

وقال "اضطررنا قسراً الى إخلاء المؤسسة بسبب عدم التمكّن من دخولها، هذا لم يحصل في الحرب الاهلية ولا في الاجتياح الاسرائيلي ولا في عدوان تموز 2006". وأشار الى ان "إخراج الفواتير من المؤسسة تم من قبل قوى الامن الداخلي بالطريقة الفضلى وبحسب التوقيت المحدّد من قِبلها، بناءً على قرارات صادرة عن ديوان المحاسبة لتحصيل الفواتير، وهي تمت وفقاً للأصول والانظمة المرعية الاجراء".

وشرح حايك طريقة العمل التي تحصل في مركز التحكم، وقال: "نعمل بصورة بدائية، وهناك مشكلة تقنية وسوف نبذل جهداً لنحافظ على الاستقرار الكهربائي، على رغم الخطورة التي نواجهها في مركز التحكم، والتي قد تؤدي الى زيادة الاعطال وعدم القدرة على التحكم بالشبكة الكهربائية وبالتالي زيادة التقنين".

هذه المواقف الحاسمة، استدعت مؤتمراً صحافياً من قبل لجنة عمال المتعهد وجباة الإكراء، وأعلن احمد شعيب باسم المياومين، أن "مؤسسة كهرباء لبنان وصلت الى حالة سيئة، بسبب تغاضي المسؤولين المعنيين عن حل المشاكل، واصرارهم على تجاهل مطالب اكثر من ألفي عائلة، باتت مخيرة بين حلين، اما ان ترمى في الشارع او التوقيع على عقود مجحفة، لا تأخذ بعين الاعتبار ديمومة العمل، ولا حتى تعويضات سنين الخدمة قضوها في خدمة المؤسسة، لا سيما انه قد سبق للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي ان اعتبرنا اجراء في مؤسسة كهرباء لبنان".
اما بالنسبة للرواتب، فقد أكد شعيب لـ"الأخبار" أن وزير العمل سليم جريصاتي سبق أن لفت الى أن المادة 60 من قانون العمل تنطبق على العمال والجباة، وهي تشير إلى أنه "إذا طرأ تغيير في حالة رب العمل من الوجهة القانونية بسبب ارث أو بيع أو إدغام أو ما إلى ذلك في شكل المؤسسة أو تحويل إلى شركة فإن جميع عقود العمل التي تكون جارية يوم حدوث التغيير تبقى قائمة بين رب العمل الجديد وأجراء المؤسسة".

ولفت الى أنه اضافة الى أن ادارة المؤسسة تتخطى هذه المادة القانونية، فقد أقدمت على دفع رواتب عدد من المياومين بطريقة انتقائية عبر الشركات الخاصة ومن دون أن يوقعوا العقود، فيما هي تعمد إلى "مقاصصة" الآخرين وتمنعهم من رواتبهم. ولفت شعيب الى أنه "يبدو ان العامل في هذا البلد يجب ان تتسيس قضيته ليصل الى حقه".

وسأل "نحن الطرف الاضعف فكيف نقطع الكهرباء عن المواطنين؟". وبالنسبة إلى غرفة التحكم، فقد أكدت مصادر في المؤسسة لـ"الأخبار" أن "كهرباء لبنان" سبق أن أنجزت في الطبقة الثانية من محطة الحرج التي تقع بالقرب من جامع الخاشقجي في منطقة قصقص، غرفة تحكم مجهزة بأفضل التقنيات، ومشابهة تماماً لتلك الموجودة في مبنى مؤسسة الكهرباء، وهذه المحطة هي تحت سلطة المؤسسة بالمطلق. ولفتت المصادر الى أنه "لا يجوز أن تهدد ادارة المؤسسة المواطنين بالتقنين، فيما لديها هذه المحطة، التي كان المياومون مدركين لوجودها، منذ أن أقفلوا أبواب المؤسسة". وشددت المصادر على أن "اتهام المياومين بالدخول الى غرفة التحكم في مبنى الكهرباء هو ادعاء وهمي. اذ يوجد كاميرا ثابتة على باب الغرفة، ويمكن الادارة أن تعود الى التسجيلات للتأكد من عدم صحة ما تدعيه. أما بالنسبة للمتأخرات فهي موجودة منذ بدء الاعتصام أي منذ 94 يوماً في خزنات مغلقة وفي غرف مغلقة، والمياومون كما تعلم ادارة المؤسسة جيداً ليسوا بسارقين".  

السابق
السفير: تسوية المياومين إلى النور.. والعتمة تتسع
التالي
الأزمة السورية