لافروف «صحّاف سورية»

 يتندر السوريون في هذه الأيام بأن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف كان الوحيد الذي تمكن خلال اكثر من اربعة عقود من انتزاع الرئيس السوري من موقعه الأول على نشرات الأخبار الرسمية ليحل مكانه. وهؤلاء السوريون بات لقب لافروف عندهم «صحّاف سورية» تيمناً بمحمد سعيد الصحّاف، آخر وزير إعلام في العراق ايام صدام حسين.

واللافت ان على رغم الاختلاف على تسمية الحدث السوري الحالي منذ آذار (مارس) 2011، بين المعارضين (يسمونه «ثورة»)، والموالين (يسمونه «أزمة»)، فإن تصدّر الوزير الروسي، الأخبار المحلية يقابل بالكثير من الاستهجان، ودفع المؤيدين قبل المعارضين الى التندر بهذا التحوّل والتعليق السلبي عليه. فاعتبر عدد من المؤيدين أنّ احتلال لافروف حيّزاً كبيراً من ساعات البث الفضائية والأرضية الرسمية، يعد دليلاً على غياب الدولة، وعدم قدرتها على الدفاع عن نفسها أو توضيح وجهة نظرها.

وهكذا، في كل مرة يظهر لافروف مدافعاً عن النظام، مبرراً أفعاله، يشعر المؤيدون أن هذا النظام أوشك على الانهيار، ويتساءلون: لم لا يظهر وزراء النظام أو المتحدثون باسمه للدفاع عن موقفهم بدلاً من هذا الغريب الذي لا تعرف نياته وأهدافه في هذه المواقف المبالغ فيها، والتي يجب ألا تصدر سوى من الداخل، ومن السوريين أنفسهم (يقصدون هنا أركان النظام الحاكم).

ويلفت هؤلاء الى أن ظهور الوزير السوري وليد المعلم، ومن بعده الناطق باسمه (المقدسي) على الإعلام السوري وتبريره لما تقوم به قوات النظام السوري وكتائبه، لا يتجاوز ربع المرات التي ظهر فيها وزير الخارجية الروسي، وهو أمر يدعو للدهشة، ويترك الكثير من الأسئلة المعلقة حول قوة النظام السوري، مدى قدرته الحقيقية، وحجم وجوده على الأرض.

ويتفق المعارضون للنظام السوري مع مؤيديه على هذه النقاط، ويضيف بعضهم أن على رغم الاستفزاز الذي يشكله هذا التصدر لنشرات الأخبار، فإنه في الواقع يساهم في شكل كبير في دفع الثورة السورية إلى الأمام، وله دور هام في شد أزر الثوار، إذ يبرز غياب الدولة، وعدم قدرة النظام على الدفاع عن نفسه أو التحدث في شكل واضح عن مشاكله.

وذهب بعض الخبثاء من المعارضين الى وصف (لافروف) بأول مسؤول في التاريخ، يشغل منصب وزير الخارجية في دولتين (روسيا وسورية)، فيما رأى آخرون (من المعارضين) أن الدفاع المستميت لرئيس الوزراء الروسي يومياً على الشاشات، عن أركان النظام السوري يـؤكد بما لا يـدعو للشك أن نـظام الحـكم في روسيا الاتحادية لا يختلف كثيراً عن النظام الشمولي السوري، ويقول هـؤلاء: من هو أفضل المدافعين عن ديكتاتورية ما سوى ديكتاتورية أخرى موالية. لكنهم يستدركون ضاحكين ان ثمة مفارقة هنا وهي انه إذا كان لافروف التلفزيوني يلقب بـ «صحّاف سورية»، فإن المؤسف انه لن يلقى فـي نـهـايـة الأمر مصير سلفه العراقي!

 

السابق
بعد اغتيال خلية الأزمة سوريا.. ذهول النظام والمعارضة
التالي
مقاتلو الريف يتدفقون إلى حلب