صيدا: الباعة ينهون تحركهم

«تعميم الفوضى» هي سمة المرحلة التي تتحكم بمفاصل الحياة السياسية والاقتصادية والتجارية في صيدا. في مقابل الساحة ساحة، ومقابل إقفال طريق إقفال وسط مدينة بكامله. كل ذلك بدأت مفاعيله بالظهور مذ بدأ الشيخ أحمد الاسير اعتصامه المفتوح على بوليفار الدكتور نزيه البزري. وفي الاسبوع الثالث قرر باعة الخضار وأصحاب العربات مواجهته من خلال سد كل المنافذ المؤدية الى وسط المدينة بأجسادهم وتعطيل الحياة التجارية والاقتصادية والمصرفية فيها. كما قاموا بنصب خيمة وسط ساحة النجمة وفرض إقفال قسري على كل المحال والمؤسسات في شوارع رياض الصلح والشاكرية والأوقاف والمطران وفخر الدين.
وجاء قرار أصحاب البسطات والعربات بإنهاء الاعتصام خلال الساعات الماضية، بعد السماح بعودتهم الى أسواق صيدا وإعادة عرباتهم وبسطاتهم الى الوسط التجاري للمدينة ابتداء من صباح أمس، على ان ينــظر في قضيتهم بعد الإعلان عن انتهاء اعتصام الأسير.
الى ذلك، نفذت لجنة تجار بوليفار البزري اعتصاماً لمدة ساعتين ما بين العاشرة والثانية عشرة من ظهر امس عند مستديرة ايليا على البوليفار الشرقي احتجاجا على استمرار إقفال الطريق المؤدية الى محالهم ومؤسساتهم التجارية. وأكدت اللجنة أنها حصلت على تأييد مئات التجار الذين ينوون المشاركة في اعتصام اليوم مع إقفال تام للمحال على بوليفار البزري. كما دعت رئيس جمعية التجار الى المشاركة في هذا الاعتصام الذي وصفته بالتمهيدي.

فك اعتصام الباعة

وأعلن رئيس بلدية صيدا محمد السعودي أنه «تبلغ القرار الصادر عن أصحاب العربات والباعة المعتصمين في ساحة النجمة إنهاء التحرك والاعتصام وإعادة فتح الطرق التي تم قطعها خلال الاعتصام». وأشار الى «أن الباعة أبلغوه أنهم اتخذوا هذا القرار كي لا يتم تسييس مطلبهم أو تحركهم من قبل أي جهة».
ونفى السعودي أن يكون قد أعطى موافقته على عودة باعة عربات وبسطات الخضار للبيع في السوق التجاري من جديد. وباشرت فرق البلدية بعد ظهر امس العمل على إزالة العوائق والخضار من الشوارع، وإعادة فتح الطرق أمام حركة السيارات.
في المقابل، أعلن الباعة وأصحاب العربات أن إنهاء الاعتصام جاء بعد اتصالات أجروها مع رئيس البلدية السعودي الذي وعدهم بإيجاد حل لمشكلتهم وتخفيف الأعباء عنهم، مشددين على عدم تسيس قضيتهم من أي جهة سياسية.
وأكد الباعة «نحن سننزل الى الشوارع وأسواق صيدا مؤقتا للبيع كما كنا قبل انتقالتا الى سوق الخضار في محلة سهل الصباغ لحين عودة النشاط التجاري الى سوق الخضار المستحدث، وذلك بعد فتح كل الطرق الرئيسة والفرعية المقفلة في صيدا والتي تسببت بعدم مجيء أي جنوبي أو جزيني أو من شرق صيدا ومن إقليم الخروب الى صيدا».

«التشاوري»: لقاء الفاعليات

في سياق متصل، قرر «اللقاء التشاوري الصيداوي» الذي انعقد في مجدليون امس بدعوة من النائبة بهية الحريري وبمشاركة الرئيس فؤاد السنيورة تشكيل وفد يضم كلا من رئيس البلدية السعودي، ورئيس جمعية تجار صيدا علي الشريف ورئيس غرفة التجارة والصناعة والزراعة في صيدا محمد صالح وممثلين عن «المجتمع المدني» للقاء فاعليات المدينة السياسية والروحية. كما تقرر أن يقوم السنيورة بالتواصل مع رئيسي الجمهورية والحكومة من أجل متابعة ومعالجة الأوضاع المستجدة على الساحة الصيداوية.
واعتبر السنيورة الذي تحدث باسم اللقاء أنه ليس من خلال قطع الطرق أو التسبب بأزمات اقتصادية ومعيشية في صيدا يصار الى معالجة أي مشكلة. وقال: «نرفض تعميم الفوضى في المدينة واعتماد السلبية في التعاطي، أكان في ما يتعلق باعتصام الشيخ أحمد الأسير الذي لا نوافق معه على الأسلوب ولا العبارات المتبعة، كما أننا نرفض وندين الأسلوب الذي يعتمده البعض من أجل أن ينزل مجددا الى السوق ويسهم مرة ثانية في إيجاد فوضى يستغلها البعض في محاولة إيجاد خلاف بين أهل المدينة وبالتالي تصادم، وهذا أمر نرفضه».
ووصف السنيورة قطع الطريق بأنه لا يتسم لا بموقف ديني ولا أخلاقي ولا وطني ولا سياسي. كما أشار إلى رفض «الأسلوب الذي يتبع من خلال الهبوط الكلامي واستعمال العبارات التي لا يجوز أن تستعمل حتى بين أشخاص هناك اختلاف في الرأي في ما بينهم» معتبرا ان «هذا الإسفاف في الكلام لا يؤدي الى نتيجة بل على العكس يؤدي الى مزيد من توتير الأوضاع».
وشدد السنيورة على ان معالجة ظاهرة الأسير تتم من خلال المعالجة بالحوار وبالتلاقي وبالإقناع وبالأساليب السلمية وليس باستعمال القوة لأنها لا تؤدي الى نتيجة.
والتقى الوفد الذي شكله «اللقاء التشاوري» الامين العام لـ«التنظيم الشعبي الناصري» أسامة سعد حيث حضر كل من السعودي والشريف وصالح وممثل الهيئات الأهلية في صيدا طه القطب.
واعتبر سعد أن هناك من يدفع إلى تخريب البلد من خلال رفع وتيرة الشحن المذهبي، وما يحصل من قطع طرق واستفزازات إنما هو نتيجة منطقية لسنوات من الشحن والتحريض. وأضاف: ما يحصل له انعكاسات سلبية على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في صيدا، وعلى التماسك الوطني في المدينة، وبين المدينة وجوارها. وأكد أن المطلوب من الجميع التحرك لتطويق تداعيات هذه التحركات، وعدم تحويلها إلى أوضاع تتجاوز الخطوط الحمر.
ورداً على اتهام التنظيم بأنه وراء تحرك بائعي الخضار في مقابل اعتصام الأسير قال سعد: «نحن عندما نريد أن نتحرك نتحرك في الضوء والعلن وأمام كل الناس. كما أننا لا نعالج الخطأ بالخطأ واننا نحرص على المعالجة، ولا نريد مفاقمة الأمور أو معالجتها بخطأ يجر خطأ، وحدث يجر حدثاً، وتداع يجر تداعيات».
بدوره، قال السعودي: «أرهقت صيدا من قطع الطرق وأولها كان الشيخ الأسير الذي قطع بوليفار البزري، والاعتصام الذي حصل البارحة. وبعد مرور عشرة أيام على اعتصام الاسير لم يحل أي شيء. لذلك نقوم بزيارات لجميع فاعليات المدينة من أجل التوصــل إلى حل لفك الاعتصامات ومنع قطع الشوارع».
وأضاف «لقد اتصلنا بالقوى الأمنية والمحافظ وطلبنا من القوى الأمنية منع فوضى انتشار عربات الخضار في الشوارع الداخلية لمدينة صيدا، والنتيجة كانت أن المحافظ والقوى الأمنية عاجزون عن المؤازرة. ولم نصل إلى أي نتيجة، وعلى هذا الأساس نحن مجتمعون لنصل لنتيجة وهي تخليص صيدا من الاعتصامات الموجودة التي قطعت أرزاق الناس. وأخطر ما في هذه الاعتصامات الخطاب المذهبي».
بدوره قال الشريف: «أفسحنا في المجال أمام الاتصالات القائمة من أجل إنهاء اعتصام الأسير على البوليفار الشرقي لأنه أصبح يشكل ضرراً على التجار على البوليفار وعلى المدينة ككل».
وحول اعتصام الباعة وسط صيدا قال «من غير المقبول تخلي القوى الأمنية عن تقديم الدعم والمؤازرة الذي طلبته بلدية صيدا. ونحن سنحضر لاجتماع للقوى الأهلية في صيدا، وسنطالب الحكومة بتحمل مسؤولياتها أمام هذه الأوضاع. ومن غير المقبول هذا الفلتان في الشارع. نحن سقفنا الدولة ومؤسساتها، والجيش والقوى الأمنية، وعليها هي الأخرى بمراعاتنا وحفظ مصالح الناس».
أما صالح فقال «ان ما يحصل هو عمل سياسي مستورد ومفتعل من خارج صيدا، ونحن نرفضه رفضاً باتاً. كما أننا سنقوم باجتماعات يومية للوصول إلى الحلول».  

السابق
بلدات ساحل الزهراني عطشى
التالي
اكتشاف نقوش فينيقية نادرة في صيدا