اللواء: ميقاتي للوزراء: لا تميّزوا بين الأحزاب والطوائف في الخدمة العامة

خارج اللعبة البرلمانية التي انتهت بثقة متجددة لحكومة الرئيس نجيب ميقاتي، ولو بالنصف ناقص واحد، لم يعتبر احد من اللاعبين "الكبار" انه كسب المعركة او انهزم فيها، وما حصل لا يتعدى ان يكون تحصيل حاصل، فالمعارضة التي لم تكن ترغب اصلاً بطرح الثقة لم تخسر شيئاً، وقوى 8 آذار التي يحرص النائب وليد جنبلاط على التزام التحالف معها في الشق اللبناني لا تعتبر نفسها حققت كسباً، ما خلا العناد السياسي لبعض صقور التيار العوني، فيما حزب الله يعتبر الثقة مكسباً في سياق الاشتباك السياسي الراهن.
واذا كانت الحكومة لم تر موجباً للاحتفال بتجدد الثقة بها باستثناء "حلوينة الكنافة" التي وزعها الرئيس ميقاتي، فإن القرارات التي تمخضت عنها جلسة مجلس الوزراء، عبرت عن عقم، ليس من السهل ان تتحرر منه الحكومة، وان كان رئيسها شدد على "ضرورة الاخذ بملاحظات النواب لجهة المتابعة او التحقيق او التدقيق او المطالب او التساؤلات".
في المقابل تفاعلت في غير وسط من اوساط 8 آذار لهجة الخطاب المذهبي الطائفي الذي بنى عليه النائب العوني آلان عون مداخلته، واعتبر كلامه خطوة الى الوراء في سياق السعي لبناء خطاب وطني يجمع اللبنانيين ولا يفرقهم، ومن شأنه ان يؤسس سلباً على محاولات ايجاد قانون انتخاب على اساس وطني يمهد لانتخاب خارج هذا القيد، سواء عبر قانون النسبية او غيره.
ورغم الايضاحات التي تولاها نواب تكتل "التغيير والاصلاح" مع نواب الكتل الحليفة، فإن الموقف بقي ضبابياً الامر الذي حمل الرئيس نبيه بري على التمسك بالانطباعات التي كونها لجهة اعتباره ان جلسات المناقشة كانت عبارة عن "قطوع" ومر، مشيراً الى انه لم يعد في وارد اعادة التجربة مرة ثانية، اقله في المدى المنظور بحسب ما نقل عنه زواره امس.
ويبدو ان "نقزة" الرئيس بري من عودة الخطاب المذهبي والطائفي، لدى فريق يعتبر حليفه، والذي دفعه الى التحذير من "الوحش الطائفي" داخل السياسيين، انسحبت بدورها على فريق 14 آذار، بعد الخطوة المرتجلة من قبل منسق اللجنة المركزية في حزب الكتائب النائب سامي الجميل، والتي اسهمت بإعطاء الحكومة ومعها الاكثرية النيابية الحالية، انتصاراً ولو كان وهمياً، عبر الثقة التي حصلت عليها بعد اصراره على طرح الثقة بها.
خطوة الجميل
ولاحظ نائب في المعارضة، ان خطوة النائب الجميل لم تكن وحدها التي تسببت بـ"نقزة" المعارضة منه، بل بالخطاب الذي القاه في الجلسة المسائية الاخيرة، والذي لم يختلف كثيراً عن خطاب عون، ولا سيما لجهة حديثه عن الفيدرالية وان جاءت تحت عنوان اللامركزية، فضلاً عن الانتقادات التي وجهها إلى الحكومات السابقة والتي تألفت بعد اتفاق الطائف.
وأخذ النائب المذكور على الجميل الابن التساؤلات التي وجهها إلى الحكومة عن أسباب عدم عزل الموظفين السنة الستة، وعدم فتح ملف شهود الزور، مشيراً إلى أن هذه العناوين الثلاثة أظهرت أن خطابي آلان عون والجميل هو واحد في المضمون، وإن اختلفت توجهات الاثنين.
وفي تقدير النائب والذي رفض الكشف عن اسمه أن هناك افتراضين وراء خطوة الجميل هما: إما انه بالفعل بدأ يتميّز عن حلفائه، من خلال تفرده بموقف أو بدور، أو انه نتيجة "صفقة" مع فريق 8 آذار، مشيراً في هذا السياق إلى اللقاء الذي تمّ في بيت الكتائب المركزي في الصيفي بين الجميل ووفد من الحزب "الديمقراطي اللبناني" الذي يرأسه النائب طلال أرسلان.
ونفى النائب المعارض أن تكون قوى 14 آذار قد تبلغت من الكتائب قراره بطرح الثقة في الحكومة، بحسب ما كشف النائب الكتائبي ايلي ماروني، لكنه أكّد أن جميع مكونات المعارضة سبق أن اتخذت قراراً بعدم طرح الثقة بالحكومة، حتى لا تكون هذه الثقة بمثابة تعويم جديد للحكومة، وهذا ما فعله الجميل، علماً ان نائب رئيس حزب الكتائب سجعان قزي كشف بأن النائبين ماروني ونديم الجميل لم ينسحبا من جلسة مناقشة الحكومة، بعد طرح الجميل الثقة بها، بل انهما لم يحضرا الجلسة المسائية، ولو كانا حاضرين لحجبا الثقة اسوة بما فعله الجميل ومعه نواب الحزب الثلاثة.

وفيما نأى نواب "القوات اللبنانية" عن أي تعليق على خطوة الجميل، فقد لوحظ أن نواب تيّار "المستقبل" حاولوا امتصاص "الصدمة" الكتائبية، وبدا أن ثمة تعميماً وزّع على هؤلاء بعدم الدخول في سجال في هذا الشأن، واقتصر تعليق النواب على عبارة تقول بأن النائب الجميل عبّر عن وجهة نظر نحترمها ولا نتفق معه فيها"، بحسب ما ابلغ عضو كتلة المستقبل عمار حوري "اللواء"، لكن النائب أحمد فتفت زاد على ذلك قوله لـ?"اللواء" أيضاً ان الجميل لم ينسق في الموضوع مع بقية قوى 14 آذار، ورغم ذلك لا توجد أية إشكالية بيننا.
وكشف بأن نواب المعارضة حاولوا التحاور مع الجميل في موضوع الثقة لكننا لم نتمكن بسبب ضغوط الجلسات والمناقشات، مشيراً إلى أن ما حصل لا يتعدى انتصاراً وهمياً لا يمكن أن ننسبه لأحد.
وقال: "نحن كقوى 14 آذار لم يكن وارداًَ لدينا طرح الثقة بالحكومة لأننا ندرك بوجود أكثرية نيابية ما زالت تدعم بقاء الحكومة، وهذه الأكثرية نعلم أنها باقية طالما بقي جنبلاط داعماً لها، وهو أعلن ذلك أكثر من مرة قبل جلسات المناقشة.
أما النائب مروان حمادة، فقد اعتبر من جهته أن خطوة الجميّل انتهت عند هذا الحد، مستبعداً أن تؤدي إلى أي تداعيات على صعيد العلاقة مع الكتائب، مشيراً إلى أن التقييم السريع الذي أجرته قوى 14 آذار، خلص إلى أن الحكومة خرجت من جلسات الثقة الهزيلة مهلهلة وتشرشحت بما فيه الكفاية، كاشفاً عن خطة جديدة لمواجهة الحكومة ستعتمدها قوى 14 آذار قريباً من خلال إعادة هيكلة هذه القوى.
مجلس الوزراء
مهما كان من أمر فإن الثقة المتجددة سيطرت على أجواء مجلس الوزراء في السراي، والتي استهلها الرئيس ميقاتي بالإشارة إلى أن هذه الثقة يجب أن تكون حافزاً للحكومة للمزيد من التضامن بين أعضائها، والعمل يداً واحدة في سبيل إنجاز المهام المطلوبة، مؤكداً على الوزراء بأن يوجهوا مرؤوسيهم إلى ضرورة العمل انطلاقاً من كون المؤسسات والإدارات التي يعملون فيها هي في خدمة جميع اللبنانيين من دون تمييز لا على مستوى الطائفة ولا الحزب ولا المذهب ولا المنطقة.
وأشار وزير الإعلام بالوكالة وائل أبو فاعور إلى أنه جرى نقاش تقييمي لجلسات المناقشة، حيث كان اتفاق وإجماع على ضرورة التخفيف من حالة الاحتقان والتوتر التي عبر منها بعض الطروحات المتناقضة من اكثر من ضفة في النقاش النيابي، والتي لم تأخذ بالاعتبار موجبات التفاهم، ولم تراع اعتبارات الوحدة الوطنية.
واوضح انه اتفق على عقد جلسة تخصص لموضوع تعرفة المستشفيات انطلاقاً من الطرح الذي قدمه وزير الصحة لمجلس الوزراء وحظي بتفهم ودعم، كما تم تكليف وزير الاقتصاد والتجارة بطرح مقاربات اضافية مع نقابات الافران مع التأكيد على أهمية الحفاظ على سعر رغيف الخبز الحالي وهو 1500 ليرة.
ولوحظ ان موضوع بواخر الكهرباء غاب عن الجلسة، رغم ان الحكومة كانت اعلنت قبل اجازة الفصحين ان الجلسة امس مخصصة لتوقيع الاتفاق مع الشركة التركية الذي كانت انجزته اللجنة الوزارية قبل اكثر من اسبوعين.
وفهم ان خلافات ظهرت في خلال اعداد مسودات الاتفاق على العروض مع الفريق الفني، ادت إلى "فرط" استئجار البواخر من الاساس، علما ان محطة MTV أوردت امس ان الشركة التركية "كارادينيز" مدانة في باكستان في دعوى مدنية لاخلالها الفادح بموجبات العقد الموقع مع الحكومة الباكستانية لتوليد الكهرباء.
وعرضت المحطة وثائق تظهر ان الشركة التركية "قد صدر بحقها حكم من المحكمة العليا في اسلام أباد لقيامها بإنتاج الكهرباء أقل من قدرتها على التوليد على الرغم من تسديد الحكومة الباكستانية ايجارات باهظة لها"، كما جاء في حيثيات الحكم الذي عرضته المحطة ان "توليد الكهرباء (من قبل بواخر الشركة) كان اقل بكثير من المطلوب".
تقرير بان كي مون
خارج هذه التطورات، اهتمت الأوساط السياسية، بالتقرير نصف السنوي الذي قدمه الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بصدد تنفيذ القرار 1559، والذي خيمت عليه ظلال الأزمة السورية، من خلال التعبير عن خيبة أمل نتيجة عدم التقدم في تحقيق أي من بنوده.
ولاحظ التقرير أنه على الرغم من الاستقرار النسبي خلال فترة إعداده، إلا أن الوضع لا يزال هشاً ومعرضاً للتدهور، طالما أن وجهات النظر السياسية في لبنان متباينة تجاه حل الأزمة السورية، شارحاً الجهود التي يبذلها الرئيس ميقاتي في سبيل تجنيب لبنان لأضرار الأزمة السورية عليه.
وتناول التقرير الأحداث التي وقعت على الحدود اللبنانية – السورية والتي أدت إلى وقوع ضحايا، داعياً الحكومة السورية إلى احترام سيادة لبنان وعدم التعرض له.
وشنّ بان كي مون في التقرير هجوماً على سلاح "حزب الله" وسلاح الميليشيات داعياً الجميع إلى تسليم السلاح، لأنه لا يخول قدرة الدولة على ممارسة سيادتها وشبّه سلاح المقاومة بالوضع الشاذ الذي لا يتفق مع المثل العليا في الوطن الديمقراطي الذي يحترم حقوق الإنسان.
وسمى التقرير في هذا السياق ايران تحديدا طالباً منها ان تخص حزب الله على أن يتحول إلى حزب سياسي، مؤكدا ان نزع السلاح لا يمكن ان يتم الا عبر عملية سياسية وطنية شاملة من خلال طاولة حوار او وسائل اخرى تراها الحكومة اللبنانية مناسبة.
ودعا بان الرئيس ميشال سليمان والرئيس ميقاتي إلى تنفيذ القرارات التي عرضت على طاولة الحوار سابقاً مثل تفكيك القواعد العسكرية الفلسطينية، مشيرا إلى نية الحكومة السورية للعمل في هذا الاتجاه، كما طالبهما بترسيم الحدود بين سوريا ولبنان معتبرا ان هذا الامر، ايجابي لمصلحة البلدين.
وفي الشأن الاسرائيلي دعا الامين العام اسرائيل إلى سحب قواتها من شمال الغجر والتوقف عن خرق الاجواء اللبنانية لان من شأنها زيادة خطر نشوب صراع غير مقصود في المنطقة، وادان بان محاولة اغتيال رئيس حزب "القوات اللبنانية" الدكتور سمير جعجع طالبا الكشف عن الفاعلين قائلا ان هكذا محاولات ليست الا لضعضعة الاستقرار الداخلي في لبنان.
وشكر بان القوات التي تساعد على تدريب القوات المسلحة اللبنانية اي الجيش اللبناني وقوى الامن ووجه نداء "الى جميع القادة السياسيين في لبنان كي يتجاوزوا مصالح طائفية ويعززوا مصلحة الدولة الواحدة والمحافظة على اطار سياسي شامل على التعايش وعدم الغوص في الاضطرابات السورية،.

السابق
الشرق الأوسط: نظام الأسد يرد على المظاهرات بالرصاص.. والمراقبون لا يراقبون والاتحاد الأوروبي يجهز عقوبات جديدة ضد الأسد
التالي
الأنوار: مجلس الوزراء يكتفي بحفلة كنافة