عودة الروح.. إلى قانون 1960

الى الرغم من ان اعتماد أي قانون للانتخابات النيابية هو شأن داخلي لبناني، إلا أنّ هذا الموضوع هو محور مراقبة ومتابعة من السفراء الغربيين في لبنان، بحيث ظهرت لديهم أكثر من علامة استفهام حول توقع عرضه على مجلس الوزراء بعد عطلة الأعياد، على أساس أنه من الناحية السياسية، فكرة النسبية لا تزال غريبة.
إذ ان أوساطاً ديبلوماسية أوروبية بارزة، لاحظت أنه ليس هناك من نسبية معتمدة لا في فرنسا، ولا في بريطانيا ولا في الولايات المتحدة، وفي المانيا قانون الانتخابات النصف للأكثري والنصف الثاني للنسبية. في لبنان السؤال هل ان الطائفية مع النسبية مسألة متناسبة؟

وتوقفت الأوساط عند جملة اعتبارات هي:
ـ إنّ عرض مشروع قانون الانتخابات الذي ينص على النسبية، على مجلس الوزراء، سيخلق انقساماً شديداً داخل الحكومة في ظل رفض رئيس "جبهة النضال الوطني" النيابية النائب وليد جنبلاط للنسبية، ولن يحصد المشروع اغلبية مؤيدة له، وكذلك لن يحصد في مجلس النواب أغلبية مؤيدة له اذا ما وصل الى المجلس.
ـ سياسياً، موضوع الاصلاح الانتخابي في لبنان يحتاج الى جو هادئ لاسيما على مستوى المنطقة، لكن الوضع الاقليمي حالياً ليس مناسباً ومن غير المنطقي انجاز هذا الموضوع في ظل هذا الظرف. ـ هناك معادلة استمرار الحكومة، وهي التي تحكم الوضع اللبناني في المرحلة الراهنة، وبالتالي ان أي انقسام في الحكومة حول النسبية قد يؤدي بهذه المعادلة الى مخاطر وليس من مصلحة الاطراف في الحكومة لاسيما الطرف المؤثر وهو "حزب الله" حصول ما يزعزع العمل الحكومي او ما لا يخدم استمرارية الحكومة. الحزب سيرفض الانقسامات لأنه متمسك بالحكومة أكثر من تمسكه بالنسبية وقد لا يكون طرحه في الوقت الحاضر مؤدياً الى نتائج ملموسة، هذا عدا عن الجهات السياسية التي تدعم النسبية في العلن ورسمياً، لكنها لا تؤيدها في الواقع. لذلك كل المعطيات تشير الى ان من الناحية الفعلية، هناك احتمال قوي للعودة الى قانون 1960 للانتخابات، كل المشاريع وليس فقط ما يتصل بالانتخابات اذا لم تلاقِ توافقاً وإجماعاً من كل الأطراف، فستتراجع امام بقاء الحكومة في الظرف الراهن واستمراريتها.

لكن الأوساط، تأمل ان تجري الحكومة الحالية تعديلات بسيطة على قانون الانتخاب الحالي، في ظل انتظار الأوروبيين اصلاحات في الموضوع، ومثالاً على ذلك ما خص الشفافية، ومنع أبواب الفساد، وان تكون الانتخابات لمصلحة المواطن، وسن الاقتراع، وورقة الانتخاب أو الاقتراع، وفي الكوتا النسائية، وتمكين اللبنانيين في الخارج المسجلين على القوائم من الانتخاب، وبالتالي المهم لدى الأوروبيين ليس النسبية أو الاكثرية، إنما عدالة النظام الانتخابي، والشفافية ومنع الفساد وشراء الناخبين.
وفي مجال ورقة الانتخاب او التصويت التي يصوّت بها الناخب في صندوق الاقتراع، ابدت الاوساط استغرابها كيف ان الناخب يستطيع ان يكوِّن هذه الورقة من الاسماء التي يريد. ولفتت الى ان الاولوية في ان تقوم وزارة الداخلية بطبع اوراق الانتخاب، على اساس انه في كل الدول، السلطة التي تنظم الانتخابات هي التي تطبع الاوراق وتوزعها على مراكز الاقتراع والامر من مسؤوليتها.

في لبنان فقط، يمكن لأي ناخب ان يكتب الورقة لنفسه، وهذا هو السبب الذي يجعل "شراء" الاصوات ممكناً. والجمعيات التي تعنى بالاصلاحات للانتخابات قدمت اصلاحات، ومن بينها ما قدمه الوزير السابق زياد بارود، ما يمكن اخذه بالاعتبار في اي اصلاحات يحتاجها القانون الانتخابي اللبناني كأولوية.
وتفيد مصادر واسعة الاطلاع ان مشروع قانون الانتخابات لم يتبلور بعد في صيغته النهائية، وليس واضحاً بعد على اي اساس ستكون النسبية، هل على اساس المحافظة او القضاء او الطائفة، وهناك آراء متعددة حول المسألة.
وتقول المصادر ان رئيس الجمهورية ميشال سليمان يؤيد إقرار النسبية. والوقت حالياً بات ضاغطاً امام التحضيرات للانتخابات لأنه يفصل عنها سنة واحدة، ومن غير السهل السير بقانون جديد، ولاسيما وان ذلك يلزمه شروح للرأي العام، لان الناخبين لم يتعودوا بعد على مسألة النسبية ويحتاجون الى الوقت الكافي لاستيعابها. هذه عوامل قد تؤخر البت بالمشروع، فضلاً عن وجود اطراف سياسية اخرى غير جنبلاط، قد تكون تتلطى بموقفه من النسبية. وتبعاً لذلك هناك آراء متفاوتة حول النسبية مثل اي قضية مطروحة في لبنان، ثم انه بات هناك صعوبة في حسم الامور بعد اتفاق الطائف.
 

السابق
ماذا لو انتصر بشّار الأسد؟
التالي
تكتل سياسي جديد