من يتاجر بنا.. من يريد قتلنا؟

وكأنه كُتب على اللبنانيين أن يعيشوا الفساد على أنواعه، فمن الفساد المؤسساتي المتفشي في البلد مروراً بالفساد السياسي وما ينتج عنه من أزمات متتالية، حطّ رحال الفساد أخيراً على لقمة عيشهم مستهدفاً هذه المرة حياتهم بشكل مباشر ضارباً أبسط حقوق المواطن الحياتية. ففي ملحمتي النور والناطور في منطقة صبرا الطريق الجديدة ضبط نحو اكثر من 40 طناً من اللحوم الفاسدة يعود تاريخ انتهائها إلى اكثر من عام أو حتى عامين.
وتشير المعلومات الأولية، إلى أنّ "مصلحة حماية المستهلك في وزارة الاقتصاد، قد كشفت على نحو مئة مؤسسة تجارية، يُشتبه في أنها كانت تشتري بعض المواد الغذائية من الشقيقين، ولكن تبيّن أن مواد هذه المؤسسات سليمة، في المقابل تعمل التحقيقات الحالية على معرفة طريقة وصول 170 كرتونة، تزن كل واحدة منها 25 كيلوغراماً من اللحوم الفاسدة من الصين إلى لبنان، كانت وجهتها في الأصل كما قيل الى إسرائيل".

ما هو تأثير هذه المواد الفاسدة على حياة الناس؟ يؤكد المسؤول عن المختبرات في مستشفى سان شارل الدكتور طوني فضّول أنّ "استهلاك اللحوم الفاسدة فيه من الخطورة على صحة المواطن إلى درجة إنهاء الحياة!" ويعرض لـ"الجمهورية" تداعيات تناول اللحم الفاسد والعوارض الصحية التي يمكن أن يشعر بها المريض، فيقول إن "أنواعاً عديدة من الطفيليات يمكن أن تحويها اللحوم المنتهية الصلاحية والتي تسبب مرض الزحار (Dysentery)، كما أنها قد تؤدي إلى إصابة الحوامل بداء المقوسات أو Toxoplasmosis، الذي من شأنه أن يترك تشوهات خلقية عند الجنين".

ويضيف: "تحوي اللحوم الفاسدة أيضاً على الفيروسات الغدانية Adenoviruses والفيروس العجلي Rotavirus التي تسبب الإسهال، وهي ذات خطورة عالية إذا ما أصابت الأطفال. كما أن هناك نوعاً من الطفيليات Parasites يؤدي إلى تشمّع كبد الإنسان، إضافة إلى مرض الحلزون الذي يصيب متناولي اللحوم النيئة".

هذه الأمراض، كما يشرح فضّول، عادة ما تظهر عوارضها فور تناول اللحوم الفاسدة، وفي أقصى الحالات بعد ثلاثة أيام. لكن ثمة ما هو أخطر وأصعب! إذ يؤكد فضّول أنّ بعض الفيروسات والبكتيريا تظهر عوارضها بعد مرور عشر سنوات.

ويشرح أنّ "بروتين البريون Prion المسبب لمرض جنون البقر خطير جداً، ويترك ترسبات على المدى الطويل في الدماغ من شأنها أن تعرّض المريض إلى مشاكل، ومنها فقدان التواصل مع الواقع، وحتى الموت. أما الحمّة المالطية مثلاً فيمكن أن تستقرّ في العمود الفقري مسببة التهابات مزمنة".

ويتابع فضّول: "من ناحية أخرى، لا نعرف هل تلاعب تجار هذه اللحوم الفاسدة بها عبر إضافة مواد كيماوية أو ملونات غذائية بغية حفظها لأكثر وقت ممكن، علماً أن هذه المواد تسبب أمراضاً سرطانية".

وهل تتأثر الفيروسات والبكتيريا الموجودة في اللحوم الفاسدة بالحرارة العالية، يوضح فضّول: "معظم أنواع الفيروسات والفطريات والطفيليات والبكتيريا يمكن القضاء عليها من خلال طهوها على درجة حرارة 60 وما فوق، إلا أن بعض البروتينات كالبريون تحتاج إلى حرارة تفوق الـ500 درجة وهذا ما لا يحدث في أثناء الطبخ. ومن ناحية أخرى، فإنّ بعض المواد الكيماوية الحافظة قد تتفكك تحت تأثير الحرارة العالية، وتصبح اشدّ خطورة".

يذهب فضّول إلى حدّ الدعوة إلى إنشاء هيئة طوارئ تعنى بالأمن الغذائي، ويصرّ على ضرورة كشف أسماء الموزعين وكلّ المطاعم والفنادق والمؤسسات التي اشترت هذه اللحوم ليطمئن المواطن من جهة، وتبدأ عملية المحاسبة فعلياً لوضع حدّ لهذه الجريمة. أما نصيحته للمواطنين فيلخّصها بـ "عدم الهلع"، طالباً منهم استشارة طبيبهم في حال إصابتهم بعوارض صحية كالإسهال والحرارة.

السابق
هل ينتقم حزب الـله هذه المرّة؟
التالي
عبود: ارتياد المطاعم آمن حالياً