معارضة التدخل الدولي نفاق عظيم

تطالعنا الأنباء على الدوام ببيانات حكومية رسمية عربية ودولية تتعلق بالوضع المأسوي السوري وإنهماك نظام القتلة في دمشق بتعميم سياسة الأرض المحروقة والمجازر الجماعية والقتل الشامل وحيث يواجه أحرار سورية وبشكل منفرد آلة القمع الوحشية العسكرية السورية المجرمة التي كان النظام يدعي انها مخصصة لحرب إسرائيل وللوصول الى التوازن الستراتيجي المستحيل معها! ولإدامة حالة الصمود والتصدي التي هي أحدى أدوات نصب وإحتيال النظام التاريخي , فإذا بالحقيقة العارية المرة تسفر عن وجهها القبيح الذي يؤكد ان جيش النظام الهزيل والمهزوم والمجرم ليس سوى آلة قتل وسحق للشعب السوري الثائر , وإن حرب وقتال من يحتل الأرض السورية الطاهرة هو آخر إهتماماته كما أعلن ذلك رسميا الرفيق المناضل الدكتور غوار الطوشة في العام الماضي! والعجيب أن العديد من البيانات الدولية المعدة للإستهلاك الإعلامي المتهاوي لا تتردد أبدا عن الإفصاح بما أسموه "رفض التدخل الخارجي في الشؤون السورية"!! رغم أن القضية السورية معروضة أمام أرفع منتدى دولي وهو الأمم المتحدة ? ورغم أن دماء السوريين العبيطة هي المادة الخبرية الأساس اليوم لكل وسائل الإعلام الدولية ؟

ورغم أن الثورة الشعبية السورية الكبرى الجديدة قد دخلت عامها الدموي الثاني في ظل أبشع وضع ميداني يعيشه الشعب الذي قرر النظام المجرم إستئصال أكبر عدد ممكن من أحراره في ظل مباركة عربية وإقليمية ودولية للأسف لم تستثن أطرافها حتى الدول العظمى التي تهلهل علينا كل يوم بشعارات الحرية وحقوق الإنسان وحقوق الشعوب في تقرير مصيرها!! وهي عبارات و كليشيهات وصيغ منافقة فقدت معناها الحقيقي وباتت مجرد سلعة كاسدة في سوق النخاسة الدولية ؟ تصوروا لو أن هذه الأعداد البشرية الهائلة والدماء المسفوكة بمجانية في المدن السورية قد حدثت في إسرائيل مثلا ? ماذا سيكون الرد و التصرف الغربي والدولي ؟ وهل سيصمت صمت الحملان كما نراه اليوم ? أم أن العالم سيتدخل في غضون خمس دقائق فقط لاغير لإيقاف ما يحصل بشتى الطرق ولو بتحريك الأساطيل وجميع إحتياطيات حلف "الناتو" و "السنتو" وحتى حلف نوروز المناضل! ولا أدري المعنى الحقيقي للبيانات الرسمية الداعية إلى منع التدخل العسكري في الشؤون السورية ؟ ولا أدري كيف ستتم معاقبة نظام مجرم أدمن القتل الشامل وأعتبره سياسة تاريخية ممنهجة تصلح في أي زمان و مكان ولا يأبه أبدا لمشاعر ومواقف الرأي العام العالمي بل لشدة صلفه لا يخاف أو يحسب حسابا للعقوبات الإقتصادية والسياسية الدولية ؟ فمن يدعم النظام حقيقة غير البؤساء في طهران و التعبانين في العراق والعملاء والمرتزقة في لبنان ? وهل قوة النظام السوري الإفتراضية أقوى من جميع حملات الرفض الدولية ؟ وكيف يتم إجبار نظام سياسي وعسكري مماليكي جائر و "دلوع" ورث القمع والإرهاب كابرا عن كابر على إيقاف محركات وهدير آلته القمعية المستمرة في سحق عظام الأحرار والإجهاز بالسكاكين على الأطفال والحرائر ؟

هل يتم ذلك عبر المشاركة الفاعلة في "عرب آيدول" مثلا ? أم عبر الدعوات الصالحات ؟ أم من خلال التوسل بالنظام السوري لتخفيف حدة القتل من 100 شهيد يوميا إلى 90 شهيداً فقط لاغير ؟ ماهذا النفاق الدولي والإقليمي العجيب والغريب والمنافي لكل الوقائع الميدانية ولكل دروس التاريخ التي تؤكد ان الفاشيين لايرحلون بسلام أبدا , بل أن قمعهم وإسكاتهم لايتم إلا من خلال القوة المفرطة و بأقصى مدياتها , وبأن الضربات العسكرية الموجعة هي وحدها الكفيلة بتفكيك وتدمير أنظمة القمع التي تنهار منذ الضربة الأولى وتتفكك آلياتها فور ظهور التصميم الميداني على ذلك , النظام السوري القاتل بطبيعته نظام جبان ورعديد وخائف لذلك يمارس البطش , وجميعنا يتذكر كيف كان رد فعل الرئيس حافظ الاسد حينما هدده الجيش التركي في قضية زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان بالتحرك العسكري وربما إحتلال شمال سورية , فما كان منه إلا أن ترك أوجلان وحيدا في شوارع نيروبي لتصطاده المخابرات التركية هناك وتشحنه للمحاكمة بعد أن سلمه حافظ الاسد مجانا وخوفا من ضربات الجندرمة التركية وقتذاك بينما يمارس الوريث اليوم كل الجرائم غير آبه ولا مكترث بمشاعر ملايين العرب والمسلمين, ويكتفي الغرب المنافق بإصدار البيانات الفارغة في ظل المجازر اليومية القائمة , نعلنها صريحة وواضحة ان كل من يعارض التدخل الدولي في إسقاط النظام السوري من خلال القوة العسكرية ليس سوى منافق وبطران و "كلاوجي"! فالحل الوحيد للمعضلة الدموية السورية هو في توجيه ضربات عسكرية فاعلة تنهي النظام وماعدا ذلك ليس سوى أحلام عابرة ثعابين الفاشية لاترحل أبدا إلا من خلال سحق رؤوسها , والنفاق الدولي في المسألة السورية بات فضيحة الفضائح للسياسة الدولية المنافقة المعاصرة.

السابق
فرنسا تخفض مشاركتها في اليونيفيل
التالي
وقفة نقدية