طالبات عرضن رؤيتهن للمرأة في يومها

الثامن من آذار ليس موعداً سياسياً فحسب، بل هو يوم المرأة العالمي، تترقبه كثيرات علّه يعيد اليهن بعضاً من اعتبار مهدور، يلوّح به الحريصون على حقوقهن من دون خطوات "عملية". خطواتٌ ناقصة لا محالة، ما دام دعاة المساواة والحضارة في لبنان لم يقروا قوانين حقيقية، واكتفوا بوعود وتعهدات لم تبصر النور الى الآن. "نهار الشباب" سأل طالبات رأيهن بوضع المرأة، ولاسيما مع عدم اقرار قانون حمايتها من العنف الأسري.

تصب روى الزغبي (20 سنة) جام غضبها على النظام الطائفي الذي "أكل لبنان، ثم تركه يتآكل". لم تعد تثق به. فكيف له ان يقرّ قانوناً يحميها كمرأة؟ الأمر بات صعباً في نظرها. المجتمع الذكوري لا يختلف كثيراً عن ذاك الطائفي. كلاهما يقوّضان المرأة، ويعتديان عليها. تنتقد روى سلطة الرجل، فبأي حق يحدد للمرأة "كوتا" تمثيلية؟ تعزو الأسباب الى التربية التي تختلف بين مجتمع وآخر وفق درجة العلم والوعي.
رأي سارة يحيى (19 سنة) لا يختلف كثيراً عن رأي روى. رى في عدم اقرار قانون حمايتها من العنف الأسري مشكلة جوهرية، رغم ان الوضع في لبنان أفضل منه في دول عربية أخرى. لكن المسؤولية لا تقع على عاتق القانون وحده، فالرجل مسؤول، كذا المجتمع والتربية، والمرأة نفسها عندما تسكت عن الظلم وتعتبره طقساً عادياً، ولا ترى فيه سبباً كافياً للدفاع عن حقها، أقله في احترام الآخر لها.

رغم ان لبنان في نظر أمارة رومي (21 سنة) يتخطى سواه من الدول العربية في مسألة النظرة الى المرأة، لكنه لا ريب يواجه صعوبات تعوق التوصل الى نتائج تُطبق على أرض الواقع. فالعقلية المسيطرة على المجتمع لم تزل ذكورية، مما يعني ان الأهل عموماً يربون الفتاة لتطيع الرجل، وتستجيب لطلباته على حساب كيانها ورغباتها. أمارة طالبت بإقرار قانون يحاسب الرجل الذي يعنّف المرأة، مهما كان السبب، وإلا لن يرتدع البعض، منتقدة عدم اقراره الى اليوم، من غير ان يعني ذلك انه لن يُقر، وانما مع الوقت، باعتبار ان صورة المرأة الخاضعة للرجل لم تزل من المسلمات في بعض المجتمعات، والا لتوحدت الكلمة ضد الاهمال والمماطلة في اعطائها حقوقها، آملة في ان تولّد الثورات العربية أفكاراً جديدة، تمثّل نقلة نوعية على مستوى حماية المرأة.
تميّز ديانا صبرا (19 سنة) بين الرجل المتعلم وذاك غير المتعلم. فالمجتمع تغيّر اليوم، ووأد البنات ما عاد مطروحاً. المرأة تتعلم، تخترق سوق العمل، وتنافس الرجل. هذا عامة، أما بين الرجل والمرأة في البيت الواحد، فأحد لا يعرف ماذا يجري: "بعض النساء لا يفهمن الا بالضرب، لقد اعتدن ذلك، وبعض الرجال مرضى نفسيون، يتلذذون بضرب المرأة". لكل حالة تفاصيلها، وهنا أهمية القانون في توحيد وجهات النظر.
جوانا يونس (18 سنة) ترى ان وضع المرأة في لبنان أفضل منه في العالم العربي، وما كان من داع للقانون "لولا بعض المتخلفين الذين ينظرون الى المرأة بدونية". تقول ان لبنان بلد الديموقراطية، وحق التظاهر مشروع، مستغربة الاندفاع المستميت للتظاهر السياسي، الأمر الذي ينتفي عند المطالبة بالحقوق الاجتماعية، ملقية اللوم على من يرتبطن برجل يعرفن سلفاً انه يعاني مشكلات نفسية تدفعه الى التعنيف لحظة الغضب.
أصرّت سيلين أبو خاطر (20 سنة) على ضرورة اقرار قانون حماية المرأة من العنف الأسري، منتقدة المطالبة بحقوقها في مناسبات محددة، بدل ان يكون هذا "خبزاً يومياً". ترى ان الغرب تطور بفضل القوانين، فكل شيء يُحل بالقانون "حتى العلاقة مع الحيوانات". تلقي اللوم على المجتمع الذي أعطى الرجل أضعاف حجمه، وجعله سيداً على المرأة لكونه رجلاً، وتنتقد المرأة الخاضعة، ولا تبرر لها تغاضيها عن الظلم، لتؤكد ان كل المشكلات قابلة للحل بوجود التفاهم والاحترام، لا الضرب والعنف واستعمال الألفاظ النابية في الخطاب.

المجتمع الذكوري لا يسمح للقوانين بأن تتغير، تقول ايمان بكور (20 سنة). لكن المشكلة ليست في الرجل فقط، فكثيرات من النساء اعتدن وضعهن المزري، تآلفن معه حتى صار جزءاً من نمط حياتهن. فكرة التغيير لم يتقبلها المجتمع بعد، ولم يعتدها. من وجهتها، المرأة اللبنانية هي صاحبة الحق الأوفر بالحرية، ما خلا جملة من النساء، يرفضن الاستقلال عن الرجل، ويعتبرن أنفسهن، بكامل الرضى، مُلكاً له. كل الأطراف ينادون بالتغيير، وانما على طريقتهم الخاصة. "ولو كنا يداً واحدة لحققنا أمراً يُذكر، لكننا غير ذلك". تتوقع التغيير الايجابي في لبنان، ولكن رويداً رويداً، فلن تنال المرأة كامل حقوقها بطرفة عين، والامور رهينة العمل والانتظار.
رنا سعد (24 سنة)، امرأة متزوجة، ترى ان المرأة لا تكتمل من غير الرجل. حقوقها بالنسبة اليها مؤَمنة، حتى لو طلب منها زوجها عدم العمل بعد التخرّج. لا تجد مشكلة في طاعة المرأة للرجل، تراها واجباً، شرط ان يكون رجلاً صالحاً فيجيد معاملتها. فضلت الابتعاد عن التعميم، فالحالات لا تتشابه وان بدت ظاهرياً كذلك، لكنها شددت على ضرورة اقرار القانون الذي يحمي المرأة في ما لو تصدت لظلم زوجها.

السابق
الثلوج تغطي جبل الشيخ ومزارع شبعا.. ماذا تخفي اسرائيل تحتها؟
التالي
8 اذار مطالبة بالمساواة