صورة المرأة في الإعلام

صورتان للمرأة في الإعلام: جميلة، مثيرة أو معنفة، جانحة، مدانة. صورتان، لا بد من التوقف عندهما في «اليوم العالمي للمرأة»، والتفكير في تكريس بعض الإعلام التقليدي لهما، من دون أن يبذل جهداً كبيراً لنزع القوالب النمطية عن المرأة ويعكس صوراً أخرى عن نساء قياديات، عاملات، مثقفات، ناشطات، مستقلات، وفي الوقت عينه جميلات، أمهات، متفانيات، ولهن القرار في حياتهن.
الصورتان لم تُصحّحا مع مرور السنوات، إنما طرأت عليهما تغيرات معدودة شاركت فيها التكنولوجيا ووسائل الاتصال والإعلام الاجتماعي الحديث التي شاركت في نشر الثورات العربية التي كانت المرأة في صفوفها الأمامية، من دون أن تحصد الكثير من مكتسباتها. كيف تمكن الافادة من التطور هذا لنقل صور ايجابية للمرأة في الإعلام، كان هذا محور الطاولتين المستديرتين اللتين عقدتا تحت عنوان «صورة المرأة في الإعلام»، في «بيت الأمم المتحدة» في بيروت، أمس، احتفالا من «لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا» (إسكوا) و«مركز الأمم المتحدة للإعلام» في بيروت، باليوم العالمي للمرأة، وبشراكة مع «مركز الإعلام والإعلان المتخصص للبحوث والتدريب» (سمارت) وموقع «نسوه كافيه».

تفاوت وتخلّف

لا يمكن هذا العام الاحتفال باليوم العالمي للمرأة من خلال مناقشة صورتها في الإعلام من دون مراقبة وتحليل تطوير هذه الصورة خلال الثورات العربية أحياناً (قيادتها التظاهرات وهتافها) أو تخلفها أكثر فأكثر (مواكبة الإعلام حادثة تعرية الفتاة المصرية وسحلها مثالاً). ومن جهة ثانية، لا بد من الأخذ بعين الاعتبار التفاوت في مستوى تعاطي وسائل الإعلام مع المرأة، بين التلفزة والصحف والإعلام الاجتماعي، والهوية المزدوجة لكل منها، إذ تُفرد أحياناً مساحات لنساء يهتممن بأجسادهن أو عمليات التجميل فحسب، وأحيانا تتذكر نساء قياديات لافتات، ونساء ريفيات مناضلات.
هنا، يذكر نائب الأمين التنفيذي لـ«الاسكوا» الدكتور نديم خوري أن «الأمم المتحدة» «تحيي اليوم العالمي للمرأة هذا العام تحت شعار تمكين المرأة الريفية القضاء على الفقر والجوع»، لكونها «تضطلع بدور دقيق في البلدان النامية والمتقدمة على حد سواء من خلال المشاركة في التنمية الريفية والزراعية والمساعدة على التخفيف من حدة الفقر». وأشار إلى أنه «على صعيد المنطقة العربية، ورغم مشاركة المرأة الجريئة واللافتة في الحراك الشعبي، إلا أنها لم تنل فرصتها في صناعة القرار والدساتير الجديدة».
ولفتت مديرة «سمارت» رندى يسير، إلى أن «العلاقة بين مؤسسات المجتمع المدني ووسائل الإعلام تصب فـي مصلحة الرأي العام، وعلاقتهما مترابطة مبنية على أساس حاجة كل منهما إلى الآخر». وأعلنت إطلاق المركز مشروع «نحو صورة إيجابية للمرأة العربية في الإعلام»، الذي ينفذ خلال العام الجاري، بالشراكة مع موقع «نسوة كافيه».

وزارة شؤون المرأة

«كوني جميلة ومثقفة»، هي العبارة التي يوجهها موقع «نسوة كافيه» لزواره، إذ يتعارض مع النظرة الذكورية الاختزالية للمرأة ويتحدى الصورة النمطية للمرأة اللبنانية المتداولة في وسائل الإعلام حاضراً، وفق رئيس تحريره علي عطوي.
ويعتبر عطوي أن المرأة اللبنانيّة نجحت في اقتحام المجال الإعلامي، لكنّ إسهاماتها في تغيير الصورة النمطيّة للمرأة ما زالت ضعيفة». ودعا إلى إنشاء «وزارة شؤون المرأة اللبنانية»، تتولى مهامّ تحقيق المساواة من أجل تحقيق مكاسب وانتزاع حقوق للمرأة».
وناقشت الطاولة الأولى صورة المرأة في الإعلام التقليدي، فأشار مدير قسم الأبحاث والتدريب في «سمارت» الدكتور مأمون طربيه، إلى «صورة نمطية للمرأة في الإعلام المرئي تتمثل في كونها مثيرة، ساذجة، سطحية أو مضطهدة. وهي إما هي في حاجة إلى رجل منقذ وإما لا يكون الرجل موجوداً. اذاً هي عنصر مستضعف».
وذكر طربيه خلاصة دراسة أجرتها «سمارت» تبين أن «الإعلام التقليدي اللبناني يتعامل مع المرأة كحدث (ضحية)».
يؤدي الإعلام التقليدي في رأي مديرة مكتب لبنان في «أوكسفام بريطانيا» ماجدة السنوسي، «دوراً أساسيا في إحداث التغيير في المجتمعات». وترى أن «الإعلام المرئي أدى دوراً أساسياً من خلال ثورات الربيع العربي لاحترام دور المرأة الرائد كشريكة للرجل في إحداث التغيير».
وأعرب منسق برامج «مبادرة الشراكة الأميركية الشرق أوسطية» في السفارة الأميركية في بيروت راندل كآيلاو عن قناعته بأن «الإعلام التقليدي سيؤثر دوما في صورة المرأة العربية، وفي مقدوره تقديم مساهمة ايجابية في ما يتعلق بتشجيع المرأة على اتخاذ المواقع الصحيحة كمشاركة متساوية في مجتمعها».

الكرة في ملعب المرأة

تمحورت الطاولة الثانية حول صورة المرأة في الإعلام الاجتماعي، إذ لفتت مديرة برنامج «E-MEDIAT» في لبنان ندى حمزة إلى أنه «لم يعد مقبولاً اليوم اتهام وسائل الإعلام بتشويه صورة المرأة ووصفها بالتابعة والخاضعة، إذ يمارس الإعلام دوراً نقيضاً لدوره السلبي، وذلك من طريق إشاعة صورة امرأة جديدة، مساوية للرجل، وموازية له في قوة الحضور الاجتماعي السياسي الاقتصادي والثقافي». ورأت أن «الكرة في ملعب النساء، إذ عليهن المبادرة والعمل من خلال وسائل الإعلام الاجتماعية لوضع الخطة الاستراتيجية المحكمة التي تخدمهن.
إنما كيف «تضخم» دور الإعلام الاجتماعي؟ يعتبر الناشط الحقوقي والمدون سليم اللوزي أنه «لا يختلف اثنان على أن الإعلام الاجتماعي اليوم أصبح ركيزة أساسية في عالمنا، لا سيما أن الحراكات الشعبية في العالم العربي خير دليل على ذلك، وكانت الوسائل هذه منذ نحو الخمس سنوات إحدى أهم الوسائل التي تستخدمها منظمات المجتمع المدني أداة لوجستية للتنظيم والاتصال في حملاتها المطلبية». من هنا، في رأي اللوزي، «الإعلام الاجتماعي» يعتبر السلطة الرابعة بعدما اقترن «الإعلام التقليدي» بالحسابات السياسية أو الدينية، في حين استطاع النشــطاء الالكترونيون نسف الحدود الوهمية التي رسمها الإعلام التقليدي. وهذا ما ميز وعزز ثقة المواطن اللبناني بالمدونين والناشطين».

السابق
8 اذار مطالبة بالمساواة
التالي
سوريا.. ونفاق الغرب