البناء: ما لُغز هروب الصُحافيّين البريطاني والفرنسية وهل للمعلومات دور في العملية؟

تتجه الأمور يوماً بعد يوم نحو مزيد من الخطوات الإيجابية التي تؤسس ليس فقط لإعادة الاستقرار والأمن إلى الداخل السوري، وإنما نحو نقل البلاد إلى مرحلة جديدة من الديمقراطية التي من شأنها أن تفسح في المجال أمام مشاركة كل أبناء سورية في إدارة الدولة ومؤسساتها، وهو ما بدا واضحاً من خلال الدستور الجديد الذي يضاهي أفضل الدساتير في الدول المتطورة، وفي كل الخطوات التي يجري التحضير لها على مستوى القيادة السورية.
لكن من الواضح أن هذه الخطوات الثابتة والمتسارعة على المستوى الإصلاحي وتحديث الدولة، تتناقض كلياً مع مخططات القوى المعادية لسورية التي سعت وما زالت تسعى لعرقلة كل الإجراءات الإصلاحية والخطوات الأمنية التي تقوم بها السلطات المعنية لإعادة الأمور إلى نصابها ووقف عبث وإرهاب المجموعات المسلحة.
ولهذا يتحرك الحلف المتآمر من سيناريو إلى آخر، فمرة يقوم بتحريك الجامعة العربية، ثم ينتقل إلى مجلس الأمن، وعندما يثبت عجز هذا الأخير عن تنفيذ مخططاته التآمرية يلجأ إلى المنظمات الدولية الأخرى. وأمس حرك مجدداً "مجلس حقوق الإنسان" لإصدار بيان ضد سورية، فيما تحدثت مصادر دبلوماسية أن باريس تسعى لإعادة تحريك مجلس الأمن، تحت عنوان: "تقديم المساعدات الإنسانية ووقف العنف".

الأسد يطلب نشر الدستور الجديد
وفي سياق تسريع العملية الإصلاحية أصدر الرئيس السوري بشار الأسد أمس المرسوم رقم 94 القاضي "بنشر دستور الجمهورية العربية السورية الذي أقره الشعب بالاستفتاء في الجريدة الرسمية ليعتبر نافذاً من تاريخ 27/2/2012".

التسليح السعودي والقطري بالأرقام
وفي هذا السياق، رأت صحيفة "تشرين" السورية أن السعودية وقطر غاضبتان لعدم تمكنهما من استصدار قرار دولي بتسليح "المعارضة" أي المسلحين السوريين، على الرغم من الرشى الكبيرة وربما الخيالية التي رصدتاها لهذه الغاية الشيطانية. وقد انكشف غضبهما هذا بشكل واضح في لقاء تونس الذي كان من المقرر أن يخصص لدعم (المعارضة) السورية بالسلاح والمال.
واعتبرت أن هذا الموقف قد يوحي لغير السوريين ولغير المطلعين أن السعودية وقطر لم تقدما السلاح والمال بعد للمجموعات الإرهابية في سورية، وأنهما ما زالتا تنتظران قراراً دولياً بذلك.
وأشارت إلى أن الحقائق والوثائق والأدلة العينية المتوافرة بكثرة لدى الجهات المحلية والدولية، تؤكد أن قطر والسعودية تشتريان السلاح الأميركي والفرنسي والبريطاني والألماني و"الإسرائيلي" المتطور جداً وتهربانه بطرق متعددة للمجموعات الإرهابية في سورية، وقد تعاقدتا، عبر وسطاء، مع عصابات متخصصة بمثل هذه الأعمال في بلدان مجاورة وبشكل خاص تركيا.
أما الدعم المالي الذي يقدم لهذه المجموعات فهو شبه معلن ويمكن رصده بسهولة مع المسلحين والمتظاهرين، وهناك من اعترف من هؤلاء أنه قبض من الأموال أكثر مما كان يتوقع.

مجلس حقوق الإنسان
وكان "مجلس حقوق الإنسان" انعقد في جنيف أمس بدعوة من قطر كونها ترأس الدورة الحالية للأمم المتحدة وحاولت دول الخليج ومعها الغرب استغلال الاجتماع لتوجيه "الاتهامات الباطلة" إلى السلطات السورية، ما دفع مندوب سورية فيصل حموي إلى الاحتجاج بقوة على الكلمات التي قفزت فوق إرهاب المجموعات المسلحة، ومن ثم قام بالانسحاب من الجلسة، مؤكداً أنها جلسة عقيمة وغير شرعية، وأعلن أن بلاده لن تعترف بأي قرارات ستصدر عنها.
وأشار حموي إلى أن هناك جماعات مسلحة تستهدف المقار الحكومية في كل أنحاء البلاد، مشدداً على أن عقد هذه الجلسة هو جزء من مخطط معد سلفاً لضرب استقرار سورية.
ورغم أن المفوضية العليا لحقوق الإنسان نافي بيلاي اعترفت بقيام "العصابات المسلحة بأعمال عنيفة ضد المنازل والمكاتب والمؤسسات وأوقعت خسائر في قوات الجيش والشرطة"، لكنها ادعت "أنها لا تقاس بما قامت به الحكومة"، داعية إلى وصول مراقبين مستقلين إلى مناطق الحوادث.
وكذلك، دعا مندوب الكويت ضرار رزوقي إلى "استخدام كل الوسائل الممكنة لإيقاف الكارثة الإنسانية" وادعى "أن السلطات السورية تقوم بانتهاكات مستمرة"، متناسياً ما تقوم به المجموعات الإرهابية.
وبدوره، دعا مندوب قطر في المجلس "المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته تجاه الأوضاع في سورية".
أما مندوب كوبا فقد رفضت بلاده أي تدخل دولي لحل الأزمة في سورية.

بكين: الاستفتاء يعزز الحوار
من جهته، لفت المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية هونغ لي إلى أن "خطوة مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بعقد جلسة مناقشات حول سورية يجب أن تساعد على تخفيف التوتر فيها"، معرباً عن أمل الصين أن "تؤدي نتائج الاستفتاء على الدستور هناك إلى تعزيز الإصلاح وإطلاق حوار سياسي".

بوغدانوف والسفير الأميركي
في هذا السياق، اجتمع نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف مع سفير الولايات المتحدة في روسيا وبحث معه "الجهود المشتركة لمعالجة القضايا الإنسانية".
وذكرت وزارة الخارجية الروسية في بيان، أن الجانبين تبادلا الآراء حول الوضع في سورية وأكدا ضرورة تنسيق الجهود لمعالجة القضايا الإنسانية الملحة هناك.
وعلى الصعيد نفسه، ذكرت أنباء صحافية أن السلطات الروسية تبذل جهوداً من أجل ضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى مدينة حمص وإجلاء الصحافيين الأجانب الجرحى من هناك.  كونيللي تتخوف من وجود "القاعدة"
وعلى الرغم من الهجوم الحاد الذي شنته السفيرة الأميركية في بيروت مورا كونيللي على الدولة في سورية إلا أنها أبدت في مقابلة تلفزيونية مساء أمس تخوف بلادها "من وجود "القاعدة" والمجموعات المسلحة هناك، وقد تحاول هذه المجموعات أن تعرقل الأجواء ولا نريد أن نرى أي عرقلة للسلم في سورية"!

التحريض الغربي
أما في المواقف الأميركية والغربية، فقد استمرت حملة التحريض والكذب فادعت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون أنه "يمكن القول إن الرئيس الأسد مجرم حرب".
في هذا السياق، نقلت "رويترز" عن الخارجية الفرنسية إعلانها عن أن مجلس الأمن بدأ أمس بحث مشروع قرار جديد حول سورية، لوقف أعمال العنف وإدخال المساعدات.
وقال وزير الخارجية الفرنسية آلان جوبيه إن "فرنسا تأمل في أن توافق روسيا والصين على قرار لمجلس الأمن الدولي عن سورية لغايات محض إنسانية".
في المقابل، قال وزير الخارجية الألماني غويدو فيسترفيلله "أنا لا أشارك في مناقشات حول التدخل العسكري في سورية، ومن المهم أن نقف معاً وأن نمضي قدماً في المجتمع الدولي، ضد نظام الرئيس السوري".

أنان قريباً في القاهرة
في هذا الوقت، أكد نائب الأمين العام للجامعة العربية السفير أحمد بن حلي، أمس أن كوفي أنان سيصل إلى القاهرة قريباً لبدء التشاور حول مهمته الجديدة، مؤكداً أنه تم الاتفاق بين الجامعة العربية والأمم المتحدة على تعيين نائب عربي للوسيط المشترك كوفي أنان وأنه سيتم الإعلان قريباً عن الشخصية العربية التي ستتولى هذا المنصب.
وذكرت صحيفة "القدس العربي" الصادرة في لندن، أن "الملكة الأردنية رانيا العبدالله اتصلت أخيراً بزوجة الرئيس السوري بشار الأسد للاستفسار عن الوضع في سورية". وكان رد السيدة الأولى السورية مفاجئ "وضعنا ممتاز ولا توجد أمور تقلقنا والحمد لله".
ووفقاً لمصادر أردنية، فقد تابعت أسماء الأسد حديثها مع الملكة رانيا قائلة: "لكن تردنا أخباراً مقلقة من الأردن ونريد الاطمئنان عليكم".

فنزويلا تزود سورية بالديزل
إلى ذلك، أعلن وزير الطاقة الفنزويلي أن بلاده أرسلت شحنتين على الأقل من وقود الديزل إلى سورية أخيراً، مؤكداً مواصلة تزويد الحكومة السورية بالوقود في أي وقت تحتاجه.

وتحريض عربي!
من جانبه، تعهد رئيس "المجلس الانتقالي الليبي" مصطفى عبد الجليل بأن "تبذل ليبيا مزيداً من الجهد لمساعدة الشعب السوري في النواحي الإنسانية والإغاثة"، واصفاً "الموقف الدولي حيال سورية بالمتأخر".
كذلك، أطلق الناطق باسم الرئيس التونسي منصف المرزوقي عدنان المنصر نوعاً من "الأوهام" زاعماً في تصريح لـ"رويترز" أن "تونس مستعدة لمنح الرئيس الأسد وعائلته اللجوء إلى تونس".
من جهته، ادعى رئيس ما يسمى "المجلس الوطني السوري" برهان غليون "أن يوم الاستفتاء لم يكن سوى مسرحية فاشلة"، زاعماً "أن نظام الرئيس الأسد يصر على المضي في ممارسة لعبة خداع النفس؟".

هروب صحافيين من حمص!
أما في الشأن الأمني فقد طرحت العديد من علامات الاستفهام حول المعلومات التي تحدثت عن هرب الصحافيين الفرنسية ايديث بوفييه والبريطاني بول كونروي. وفيما نفى الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي وصول الصحافية بوفييه إلى لبنان بعد أن كان أكد عكس ذلك، أعلن الناطق باسم الخارجية البريطانية أن كونروي وصل بسلام إلى لبنان ويتلقى مساعدة قنصلية من خلال سفارتنا هناك.
وكان ساركوزي أعلن أمس أن الصحافية الفرنسية وصلت إلى لبنان من حمص، وعاد لاحقاً وتراجع عن ذلك قائلاً: "لم نتأكد بعد أنها باتت بأمان في لبنان، الاتصالات صعبة للغاية مع حمص والوضع معقد".
إلى ذلك، أعلنت إدارة صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية أن بوفييه "ليست في لبنان وهي لا تزال في سورية". وقالت: "من الخطأ القول إنها وصلت بسلامة إلى لبنان".
وبدورها، أشارت وكالة رويترز إلى أن كونروي وصل إلى لبنان بعد تسلله من مدينة حمص.

كيف علم "فرع المعلومات"؟
وفي هذا السياق، ذكرت قناة "الجديد" مساء أنه وبعد منتصف ليل أول من أمس وصلت سيارات تابعة لفرع المعلومات إلى منطقة القاع وقد تسلم الرائد خالد حمود ورائد من آل علوان الصحافيين البريطاني والفرنسية أو أحدهما على الأقل، كانا قد نقلا من الجانب السوري إلى لبنان". أضافت أن الصحافي كونروي موجود في السفارة البريطانية ويخضع لفحوصات طبية وإجراءات السفر تحضر لتتم خلال ساعات لكي يعود إلى بلاده". وأوضحت أن كل المستشفيات لم تستقبل الصحافية الفرنسية حتى أن وزارة الصحة تعمل على التدقيق في المستشفيات".

ومصدر أمني لـنا"
وقد أوضح مصدر أمني لـنا أنه إذا صحت المعلومات التي أذاعتها قناة "الجديد" فمن المفترض أن يكون فرع المعلومات على علم مسبق بهروب الصحافي البريطاني وزميلته الفرنسية، وهذا ما يطرح الكثير من علامات الاستفهام. أضاف المصدر أن المعلومات التي تبلغتها الأجهزة الأمنية في هذا الصدد تشير إلى أن الصحافي البريطاني أصبح داخل السفارة البريطانية في بيروت، ولذلك لم يستبعد المصدر أن تكون عملية الهروب جرت من ضمن صفقة مالية مع المجموعات المسلحة داخل حمص، على غرار الفدية التي كانت دفعت للإفراج عن الأستونيين السبعة.
وفي الشأن الأمني أيضاً، ذكرت سانا أن الجهات المختصة ضبطت أمس أيضاً عملية تسلل مجموعة إرهابية مسلحة من معبر عيون الشعرة ـ حالات في ريف تلكلخ على الحدود السورية ـ اللبنانية.
ونقلت عن مصدر رسمي أن ثلاثة عناصر من المجموعة الإرهابية قتلوا وأصيب آخرون كما أصيب عنصر من الجهات المختصة.
وذكرت وكالة "سانا" أن قوات حرس الحدود أحبطت محاولة تسلل لمجموعة إرهابية مسلحة قادمة من الأراضي الأردنية في منطقة تل شهاب في ريف درعا، في حين تمكنت من قتل خمسة منهم ولاذ الآخرون بالفرار.
كما ذكرت "سانا" أن الجهات المختصة في محافظة الحسكة ضبطت أمس الأول سيارتين سياحيتين من نوع "أفانتي هيونداي" و"جيب هيونداي" على طريق عام ناحية تل تمر باتجاه محافظة حلب محملتين بأسلحة مختلفة واحدة قادمة من العراق وأخرى من تركيا.
في المقابل، زعمت مصادر "المعارضة السورية" في مدينة حمص لـ"رويترز" أن الرئيس بشار الأسد أرسل وحدات من فرقة مدرعات خاصة إلى حمص في الوقت الذي تعرضت فيه مناطق يسيطر عليها المعارضون لأعنف قصف خلال هجوم بدأ قبل ثلاثة أسابيع.
وادعت أن دبابات وقوات من الفرقة الرابعة التي يقودها ماهر الاسد دخلت خلال الليل إلى الشوارع الرئيسية الواقعة حول منطقة بابا عمرو الجنوبية المحاصرة. وأشارت إلى أنه كتب على الدبابات "وحوش الفرقة الرابعة".
وفي هذا السياق، وكعادتها أطلقت جماعة "الإخوان المسلمين" سلسلة افتراءات وأكاذيب ضد السلطات السورية فادعت أنها ارتكبت "مجزرة في حي بابا عمرو".

بري إلى قبرص اليوم
أما على الصعيد الداخلي، فمن المتوقع أن يعقد مجلس الوزراء جلسة له عصر اليوم في السراي الكبير لبحث وإقرار جدول الأعمال المتضمن قضايا إدارية ومالية، على أن تنشط الاتصالات في غضون الأيام المقبلة سعياً وراء إقرار بعض التعيينات.
وفي هذا السياق، يقوم الرئيس نبيه بري اليوم بزيارة قصيرة إلى قبرص حيث سيبحث مع المسؤولين هناك في قضايا الحدود البحرية بين البلدين حفظاً لحقوق لبنان في ثروته النفطية والغازية في المياه الإقليمية اللبنانية.
وكان بري أجرى سلسلة لقاءات أمس تتعلق بكيفية الوصول إلى مخرج لقضية الـ11 مليار دولار التي صرفت في عهد حكومتي فؤاد السنيورة. ولذلك استقبل وفداً من نواب "تيار المستقبل".  

السابق
السفير: سليمان يحذر نتنياهو … وبري يحمل الحقوق النفطية إلى قبرص
التالي
الى الخليج..