سيناريو المؤامرة ضد نظام الرئيس الاسد.. بتنسيق اميركي، سعودي، قطري

تؤكد تطورات الساعات القليلة الماضية التي اعقبت مبادرة الجامعة العربية حول سورية ان هذه المبادرة ولدت ميتة، وليس في استطاعة من أعدها من واشنطن الى باريس ومن ساهم في تسويقها واخراجها من عرب أميركا في الخليج ان يطبق ولو حرفا واحدا منها، خصوصا ان الحلف الغربي ـ الخليجي الذي عجز عن اخضاع سورية بالسلاح والمسلحين والتهديد بالتدخل الاجنبي، لن يستطيع تمرير ضرب سورية واسقاطها من خلال استنساخ ما سمي الحل اليمني، الذي يشكل الوجه الخفي للمؤامرة على سورية وموقعها ودورها.
واذا كانت دمشق قد رفضت هذه "المبادرة" المشبوهة جملة وتفصيلا، فإن كل الحريصين على ما تمثله سورية يرفضون ايضا ما خرج به اجتماع القاهرة اول من امس، لان معدّي ومخرجي ما سمي "المبادرة" يستهدفون تحقيق الاهداف نفسها التي عجزت كل ادوات المؤامرة عن تحقيقها خلال الأشهر العشرة الماضية.

ومن الواضح ايضا، انه لو كانت هناك نوايا صادقة تجاه سورية من جانب عرب أميركا، لما كان هؤلاء انقلبوا على تقرير بعثة المراقبين التي عملوا على تشكيلها. لكن التقرير الذي قدمه رئيس الفريق محمد أحمد الدابي الى اجتماع القاهرة شكّل صفعة قوية لهؤلاء، لانه كشف عن حقيقة ما كانوا يريدون من وراء ارسال المراقبين، وهو ان يصار الى تحميل السلطات السورية مسؤولية ما يجري على الارض من اعتداءات. وعندما اظهر التقرير حقيقة الواقع الميداني لم يجد حلفاء أميركا أمامهم سوى الانقلاب على التقرير وإعداد خطة مكشوفة لضرب سورية ودورها القومي.
وكما ان ما اعلنه الدابي في مؤتمره الصحافي امس جاء ليفضح المزيد من خيوط المؤامرة بتأكيده ان لا علاقة للمراقبين بما صدر عن الجامعة العربية، وليكشف ايضا المزيد من المعلومات الموثقة عما تقوم به المجموعات الإرهابية المسلحة.

وفي ما يحدد وزير الخارجية السوري وليد المعلم في مؤتمر صحافي له اليوم بوضوح حقيقة ما حصل واستهدافات المبادرة المزعومة التي خرج بها اجتماع القاهرة، أكدت دمشق نقلا عن مصدر مسؤول ان سورية ترفض القرارات الصادرة بشأنها عقب اجتماع القاهرة واصفة اياها بأنها تدخل سافر في الشؤون الداخلية السورية.
وقال المصدر ان دمشق ترفض القرارات الصادرة بشأن سورية خارج اطار خطة العمل العربية، وتعدها انتهاكا لسيادتها الوطنية وتدخلا سافرا في شؤونها الداخلية وخرقا فاضحا للأهداف التي أنشئت الجامعة العربية من أجلها وللمادة الثامنة من ميثاقها.
وقال: "ان ما سمعناه هو بيانات تحريضية تعكس ارتباط افرادها بمخطط يستهدف السوريين من خلال طلب التدخل الأجنبي، وكان الأجدى بالمجلس الوزاري تحمل مسؤولياته بوقف تمويل وتسليح الارهابيين".
من ناحيتها، اعتبرت الجبهة الوطنية التقدمية ان قرارات الجامعة العربية شكلت تصعيدا عدائيا ضد سورية وشعبها وانتهاكا للسيادة الوطنية السورية وتدخلا سافرا ومشيناً في الشأن السوري الداخلي وخرقا لميثاق الجامعة العربية واجهاضا متعمدا لعمل لجنة المراقبين العرب.

وفي المقابل، عقد الفريق الدابي مؤتمرا صحافيا في القاهرة امس تناول فيه أعمال بعثة المراقبين منذ بدء مهمتها وتطرق الى ما يحصل من عنف مؤكدا وجود مسلحين يقومون بأعمال مسلحة ويطلقون النار على المراكز الحكومية في عدد من المحافظات السورية ما يضطر نقاط الحراسة والمراقبة للرد عليهم.
وقال إن هناك العديد من التفجيرات التي طالت الكثير من المؤسسات في إدلب وهي ليست مقبولة إطلاقا للمجتمع العربي والاقليمي والعالمي. كما طالت باصات مدنية وعسكرية وخطوط نقل النفط والوقود وناقلات وقود التدفئة وبعض الجسور الصغيرة ومحطات الكهرباء. كما ظهرت تفجيرات في منطقة ريف دمشق ايضا.
كما أكد الدابي أن الحكومة السورية تعاونت بشكل فعال مع مطالب البعثة ووفرت الحماية لها على الطرقات ولم ترافقها او تتدخل بعملها داخل المناطق التي قصدتها.
وقال: إن البعثة شاهدت الواقع، والحكومة السورية سحبت المظاهر المسلحة من المدن ولا وجود لما يقال عن دبابات وطائرات وغيرها، ومصداقية بعض وسائل الإعلام وما يثار فيها اصبحا موضع شك لأنها تقسو على البعثة كثيرا ولكن البعثة لم تتأثر بما ينشر اطلاقا.
ولفت الدابي الى أن حدة العنف بدأت تخف تدريجيا منذ وصول البعثة التي لعبت دورا في الحد من الاحتكاك خلال التظاهرات، وبالتالي لم يحدث اي اعتداء على عليها. إلى ذلك، كشفت مصادر مواكبة لعمل الجامعة العربية ان الصيغة التي أقرتها الجامعة كان بدِأ إعدادها قبل أكثر من اسبوع على اجتماع اللجنة الوزارية العربية، في حلقة ضيقة بين السعودية وقطر وباشراف الولايات المتحدة الأميركية.
وقالت المعلومات ان الوزير القطري حمد بن جاسم أخذ على عاتقه التحرك باتجاه إقناع بعض الدول المترددة، بينما تولت السعودية توفير المناخ الملائم لهذا المشروع مع الدول الخليجية ودول اخرى، وجرت اتصالات مع القاهرة
على وجه الخصوص، ولا سيما انها كانت تبدي بعض التريث والحذر.

وفي ضوء هذا التحرك، الذي لم يصل الى نتيجة حاسمة وجامعة، تدخلت وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون بشكل شخصي ومباشر من أجل تحقيق الاجماع على هذا المشروع الذي يشكل مدخلا للتدويل ويتعارض كليا مع صيغة البروتوكول الموقع بين الجامعة ودمشق.
وأضافت المعلومات، انه وما ان اتضح ان تقرير المراقبين هو لمصلحة سورية والحكومة السورية في نقاط عديدة ومهمة ويكشف ايضا الحملة عليها، حتى سارعت هذه الدول الى زيادة وتيرة الحملة على مهمة المراقبين وبالتالي على البروتوكول، وتوجت بموقف وزير الخارجية السعودي سحب مراقبي بلاده من بعثة المراقبة.

واكدت المصادر أيضاً، وعلى خلفية المواقف التي كان أدلى بها الدابي، أنه تعرَّض في القاهرة إلى ضغوط مباشرة قبل إعداد التقرير وبعده، وذلك في محاولات لإجباره على تعديل مواقفه أو للإدلاء بتصريحات مغايرة، إلا أن ذلك لم يحصل.
 
وحاولت السعودية عبر حكومتها إطلاق التهويل حول الوضع في سورية، فاعتبرت في بيان بعد اجتماعها برئاسة الملك عبدالله أمس «أن الوضع في سورية بالغ الخطورة ويتطلب من الجميع تحمل مسؤولياتهم التاريخية أمام الله». وادعت أنها "سحبت مراقبيها نظراً لعدم تنفيذ الحكومة السورية لأي من عناصر خطة الحل العربي»؟
 
إلى ذلك، لجأت الدول الأوروبية إلى خطوات ابتزازية جديدة ضد سورية عبر فرض عقوبات على 22 مسؤولاً في الأجهزة الأمنية وثماني منظمات بسبب ما وصفته «استمرار قمع الحركة الاحتجاجية».  

السابق
عن أي حرب أهلية يتحدثون؟
التالي
انقلاب عربي على الأسد