الجمهوريات…اللبنانية

العنوان ليس فيه أي خطأ مطبعي … ولا حتى خطأ لغوي.

بالفعل نحن نعيش في جمهوريات لبنانية متعددة, جمهوريات متفرعة طائفية مذهبية … حتى في الطائفة نفسها تعددت الجمهوريات والسبب واحد, " الزعامة المطلقة ", لكل زعيم طائفي جمهورية خاصة به, تحميه وتدعمه وتفديه بالدم !!.. دم من ؟ للآسف دم الشباب الذي تُستبدل قضيتهم الحياتية من شباب لهم حقوق وعليهم واجبات إتجاه وطنهم إلى شباب لهم حقوق وعليهم واجبات إتجاه زعيمهم وحزبه.

هذا عدا عن التقديس للزعيم نفسه وتقديس أقواله وأفعاله… فيولي الأتابع وجوههم أينما ولى الزعيم وجهه دون السؤال عن التبديل والتغيير بالمواقف.الرئيس وليد جنبلاط أحد رؤوساء هذه الجمهوريات الطائفية هو رئيس الجمهورية الدرزية (1) لا يشعر بالحرج من أتباعه من القفز بين طرف وآخر ولا حتى يُقيم لهم وزناً بالأصل ..الرئيس نبيه برّي رئيس الجمهورية الشيعية (2) وصل الأمر بأتباعه أن يُطلقوا المقولة التالية دون حرج رغم أنهم يُعتبرون أصحاب عقيدة دينية … " لولا الهاء لكنت نبياً يا نبيه ", ولم يتجرأ سيد أو شيخ أن يقول كلمة يعتبرها حق في في مثل هذا الموقف المنافي لعقيدتهم الدينية والتي تعتبر خط أحمر ممنوع المساس به بل يُعتبر التعرض للعقيدة عند أي طائفة بلبنان هو تعرض للسلم الأهلي, لكن لأصحاب الديار الحق بالتأليف والتركيب ما هو مناف للمعتقد الذي يتبعونه فهذا لا شأن له لا بخطوط حمر ولا صفر لأن الأمر يتعلق بالزعيم نفسه. أما فيما يخص رئيس الجمهورية السنية الرئيس سعد الحريري … فأدرج أتباعه صيغة خاصة به مستقطبة من الخلافة الإسلامية " بايعناك يا شيخ سعد " وكأن الرئيس سعد الحريري يصلح للمبايعة كرجل يحمل إسم الدين عالياً !!

 إنتى البطرك يا سليمان .. أيضا عبارة سمعناها كثيراً حين وقع خلاف بين رئيس الجمهورية المارونية (3) الرئيس سليمان فرنجية والبطريرك الماروني مار نصر الله بطرس صفير, لو أن أحداً تعرض للبطريرك لقامت الدنيا ولم تقعد ومن نفس المواطنين الذين يطلقون لقب البطرك على سليمان, لكن دائما العقيدة منتهكة من قبل أصحابها … تسقط الخطوط الحمر داخل مربعاتهم فقط.

أما الجمهورية المارونية (1) هي التابعة للرئيس ميشال عون … الذي لا يرى مكانا له في لبنان إلا على كرسي الرئاسة اللبنانية ولا يضع في عقول أتباعه الا هذه الصيغة الغير قابلة للنقاش, وأحد أسباب تفاهمه مع حزب الله العدو السابق والحليف الحالي هو إيمانه من أن حلفائه سيفتحون له الطريق الى قصر المهاجرين في دمشق, الذي بدوره سيُشرّع له الأبواب الى قصر الرئاسة. وأتباعه مشهورين برفعهم راية التغيير والإصلاح وكأن أحدا في لبنان لا يفهم معناها الا رئيس الجمهورية العونية.

" حمادة كيف ؟ حمادة تمام " … عبارة إشتهر بها مقاتلين القوات اللبنانية في الحرب الأهلية مع الصليب ذو الرأس الحاد .. خنجر في قبل كل حاقد … كلام تردده أصداء الجمهورية المارونية (2) بقيادة الرئيس سمير جعجع … القائد الحكيم,الذي ما ينفك يتحدث بكلام واقعي ومنطقي لكن للآسف كلام مناسب من رجل غير مناسب, أتباعه يرون فيه رئيساً للجمهورية الحلم, وكفى بها أن تبقى حلماً أفضل.

أنت عميل … إشتهرت بها أوساط القصر الجمهوري للجمهورية الشيعية (1) برئاسة الرئيس حسن نصر الله, هذه المقاومة التي أجمع عليها يوماً كل لبنان فانتصر, وانتصر أيضا حين انقسم, لإن المقاومة حق لكل الشعوب. الإ أنها تتعامل بالداخل بتكابر وهذا يكفي أن نقول عنه خطر.. والإتهام بالعمالة على الطالع والنازل عيب في حق المقاومة نفسها. هذه الجمهورية قمة في المقاومة لكن في السياسة مختوم على جبينهم الفشل.

طبعا مازال هناك جمهوريات كثيرة كالجمهورية الدرزية (2) ورئيسها أرسلان .. و أخرى على طريق التكوين, الجمهورية الدرزية (3) برئاسة الرئيس وئام وهاب.. وجمهورية بيت الجميل الوراثية الجمهورية المارونية (4) وغيرها في الشمال والجنوب.

ويبقى الوطن … الجمهورية الفقيرة المهملة والمعدومة, ,وسبب فقرها هي الجمهوريات الحزبية الطائفية التي تتغدى على جمهوريتنا كالطفيليات التي تعيش على عاتق عائل آخر بل أنكى من الطفيليات.

والضحية … ذلك المواطن المستقل الذي لا يتبع أحد, يبقى مذلولا منتظراً أبسط حقوقاً له. هذا المواطن المستقل الذي ينأى بنفسه عن كل تلك الأحزاب يُعامل وكأنه مجرم أو خارج عن القانون, ولو كان هذا الخارج عن القانون تابع لأحد شبيحة الجمهوريات الحزبية والطائفية لتصرفوا معه بطريقة محترمة أكثر بكثير.

إلى متى هذه الهرطقة في الوطن ؟؟… عيب علينا أن لا يوجد في لبنان شخصية وطنية من بين ملايين من اللبنانيين تُخرجنا من الشرزمة الطائفية التي نعيشها الى وطن حقيقي … وطن وطن وطن. هل من يفهم كلمة وطن ؟ 

السابق
اليهود التونسيون يرفضون الزج بهم في النزاع الفلسطيني- الإسرائيلي
التالي
المجتهد السيد محمد علي الأمين: الحوزات العلمية في العراق كانت تدرس السنة والشيعة